اقتصاد

قال: “الودائع يمكن أن تعود” وما حدا سِمع

كتب الوزير السابق فادي عبود في”الجمهورية”: في خضم الإنشغال بمذكرة التوقيف وتعميم الانتربول في حق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، مرّ تصريح الحاكم لقناة «الحدث» مرور الكرام، إذ قال في وضوح: «لن نسمح بإفلاس المصارف، ويُمكن للودائع أن تعود لأصحابها كما هي، بعيداً من الشعبوية».

هذا إقرار واضح لمن هو في موقع المسؤولية والعَالِم بخفايا الامور، انّه يمكن إعادة الودائع إلى اصحابها. لم يتمّ التعليق على هذا التصريح، لا من جهة المصارف ولا من جهة الحكومة، كما لم تتلقفه الجمعيات التي تدافع عن حقوق المودعين.
هذا التصريح لم يدلِ به محلّل اقتصادي، بل أدلى به من يعرف التفاصيل، ويعرف بالتحديد مصير الودائع ووضع المصارف. ومن المؤسف الّا نرى اي تحرّك للمطالبة بإعادة الودائع الآن، بناءً على ما أدلى به حاكم المصرف المركزي. وهو كان أدلى في العام 2020 بالآتي: «لتوفير الودائع لعملائها، على المصارف ان تطبّق بدقّة تعاميم المصرف المركزي، فقد حان الوقت لتتحمّل المصارف والمساهمون مسؤولياتهم في إعادة تكوين التزاماتهم».

لم يقل الحاكم انّ الودائع طارت كما يقول بعض المسؤولين، او تبخّرت كما يصرّح بعض الخبراء، لقد قالها في وضوح، انّ الودائع يمكن ان تعود، وبالتالي انّ التأخير في إعادتها لا يعني سوى امر واحد، هو انّ المصارف تتعمّد التأخير لتحقّق مزيداً من الارباح على حساب المودعين الذين اتُخذوا رهينة منذ اربع سنوات وحتى الآن.

وبدل ان تقوم المصارف بالتعليق على تصريح الحاكم واعتماد الشفافية ومصارحة الناس عبر فتح اوراقها، تحاول تضييع قضية الودائع وتمييع الموضوع لينسى الناس حقوقهم ويملّوا، وفي هذا الوقت الضائع يتمّ تقليص الودائع أكثر فأكثر لتتزايد ارباحهم.نعم، المصارف تحقق أرباحاً وتصرّ على إبقاء الوضع على ما هو عليه، أي حجز الودائع وعدم مصارحة الناس بالأرقام الدقيقة وعدم الضغط على الحكومة لإيجاد حلول تُعيد الثقة إلى القطاع المصرفي، إذ انّ همّ بعض هؤلاء هو تكبير أرباحهم الشخصية، ضاربين عرض الحائط مصلحة البلد وسمعة القطاع المصرفي. بضعة افراد يضاعفون ثرواتهم في لبنان والخارج، مقابل ملايين اللبنانيين الذين يفتقرون يومياً ومستقبلهم ومستقبل اولادهم مهدّد بالخطر. وهذا يحصل برعاية مصرف لبنان المركزي يرافقه سكوت غريب من الزعماء والمسؤولين ووسائل الاعلام.

حان الوقت لأن تجيب المصارف كما المصرف المركزي، عن الأسئلة التي سألناها مراراً وتكراراً في مقالات سابقة، وتحديداً: ماذا أخذ المصرف المركزي من كل مصرف على حدة ولم يُرجعه؟
وبدل إلهاء الناس بتمثيليات في التحقيق والملاحقات القضائية التي تهدف إلى إخفاء الحقيقة وكسب مزيد من الوقت، على المسؤولين ان يعملوا لإعادة اموال الناس. فالحاكم يعرف جيداً ما يقول. والكل يعلم انّ الثقة بالقطاع المصرفي لن تُستعاد إذا لم ترجع اموال الناس. وانّ الاستمرار على هذا المنوال يؤسّس لضرر كبير لا يُطاول المودعين فحسب، بل هو مدمّر لمستقبل لبنان الاقتصادي وقطاعاته كافة، وفيه مراكمة الخراب للبلد وتدمير المستقبل.قد تكونون مللتم من التكرار، ولكن نعود ونكرّر، نحتاج إلى الشفافية المطلقة لإطلاق عملية الإصلاح الحقيقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com