عين التينة… جنبلاط كان يعلم!
عين التينة… جنبلاط كان يعلم!
في البداية لا بد من قراءة أي تطور أو موقف سياسي يصدر عن الحزب التقدمي الاشتراكي، أو يقدم عليه، من زاوية الحيوية السياسية النشطة ضمن بيئة الحزب، لا سيما منذ الفترة التي تلت 17 تشرين. ومنذ ما قبل الانتخابات النيابية التي جرت عام 2022 وما تلاها، يرصد الحزب تغيرات جارية على الساحة الدرزية، لا سيما المستوى الشبابي منها. مذ ذاك قرر آل جنبلاط إيلاء الساحة الأهمية القصوى.
تجاوزت عين التينة قرار كتلة “اللقاء الديمقراطي” التصويت لمصلحة الوزير السابق جهاد أزعور خلال جلسة 14 حزيران المقبلة المخصصة لانتخاب رئيس. ما بقيَ مجموعة مآخذ سيتولى رئيس الكتلة النائب تيمور جنبلاط تبديدها وتذليلها في جلسة “مصارحة ومصارحة” ينوي أن يعقدها مع رئيس مجلس النواب نبيه بري. ورجحت مصادر “ليبانون ديبايت” أن تأتي الزيارة بعد جلسة 14 حزيران، فيما طيف وليد جنبلاط غير بعيد عنها.
مأخذ عين التينة على “الدار الجنبلاطية” ليست نابعة من رغبة في التدخل بشؤونها إنما تأتي من قبيل “الالتزام بالعهود” ما يوحي أن شيئاً ما قد جرى النكث به، ولا مجال لتفسير ما جرى بين المختارة وعين التينة قبل تبني اسم أزعور بغير ذلك.
أصلا، والكلام للمصادر، حسم الرئيس بري منذ زمن أن جنبلاط ليس في وارد التموضع ضمن جبهة سليمان فرنجية ولن يكون، لا معه ولا على مقربة منه، وقد سبق له أن صرح بذلك بشكل متكرر. لكن ما ورد إلى عين التينة قبل جلسة “اللقاء الديمقراطي” الشهيرة رسمياً أعطى انطباعاً أن الاشتراكيين لن يكونوا طرفاً، وهم ذاهبون باتجاه التموضع في المنتصف بسلاح الورقة البيضاء. فُهم أن جنبلاط ينتظر إشارة ما، وعلى الأرجح، بنى بري تقديراته اللاحقة على هذا الأساس، فيما تولى مقربون من “عين التينة” إشاعة أجواء تصب في هذا السياق، قبل أن تعود وتنقلب الأمور رأساً على عقب خلال اجتماع “الكتلة الجنبلاطية” وما تلاها.
عملياً علاقة بري بجنبلاط لا تحتاج إلى وسطاء للاحتكام إليهم لحل أو تسوية أي التباس أو خلاف. لذلك كان الوصول إلى حل ما جرى ممكناً من خلال رسائل عبر القنوات المعهودة، بررت أن الخطوة لم تكن من قبيل المواجهة أو محاولة تضليل عين التينة إنما التزاما بقرار تبناه تيمور وتعبيراً عن مزاج الكتلة، مع تأكيد أنه لم يعد في متناول “البيك”؛ المستقيل من رئاسة الحزب؛ وإن كان حاضراً في الاجتماع بصفته الرسمية، التدخل على نحوٍ قد يؤدي إلى كسر نجله أو إيذائه. وجل ما أراد فعله، المراقبة وخلق توازن والتدخل حيث يجب، كمثل ما جرى وأدى إلى “دس” جملة البيان الرسمي الذي عقب اجتماع “الكتلة”، وردت في آخره لناحية تأكيد التزامها بالحوار وصولاً إلى التوافق المنشود.
قضية ثانية لا بد من الإشارة إليها، تتعلق برؤية جنبلاط واسعة المدى للمتغيرات الجارية في الإقليم. قد يكون جنبلاط أدركَ أن كلا الجانبين المتنافسين رئاسياً أي جهاد أزعور وسليمان فرنجية، غير مقدر لهما المضي إلى ما لا نهاية في ترشيحهما. وبالتالي ووسط “البوانتاجات” الحالية، لن يسفر دعم “الكتلة الاشتراكية” لازعور أو سواه أن يجعل منه رئيساً. لذا، قد يكون جنبلاط ارتأى توجيه رسالة من خلال دعمه أزعور، تفيده في رؤى سياسة مستقبلية يعمل عليها لمصلحة نجله، ولن يثير امتعاض جهات خارجية يعتقد جنبلاط إن سليمان فرنجية لم ينل منها دعماً، وقد يفسر أي دعم يقدمه إليه من قبيل التمترس ضمن جبهة وهو خيار لا يريد تحميله “البيك” إلى نجله.
في الواقع، “بكير” على الاعتقاد بقرب حصول انفراجات رئاسية. من اﻵن وحتى ذلك الحين ستنبري كل الفرق إلى تحسين شروطه، ووليد جنبلاط لن يكون بعيداً عنهم. حتى ذلك الحين سيدوم اللهو، وجلسة الأربعاء المقبلة بكل ثقلها مجرد لهو في الطريق إلى الرئاسة، وما قبلها ليس كما بعدها على كافة الصعد. الفاصل حين تأتي الإشارة. حينذاك ستقرأ طلائعها من موقف جنبلاط، ومن جلوس السفراء في الطبقة الأولى من مجلس النواب.
ليبانون ديبايت