هل يقدم 64 نائباً على تقديم استقالاتهم
هل يقدم 64 نائباً على تقديم استقالاتهم
بدا لافتاً حديث نائب رئيس مجلس النواب النائب الياس بو صعب الذي تناول فيه الانتخابات النيابية المبكرة، معتبراً انه لا بد من حصولها بحال استمرت حالة العجز التي تسيطر على المجلس النيابي الحالي والتي تمنعه من انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية.
لذلك لا بد من طرح علامات الاستفهام حول الآلية التي يُمكن من خلالها الوصول الى حلّ مجلس النواب والذهاب الى انتخابات نيابية مبكرة.
في هذا الاطار، يمكن القول ان الانتخابات النيابية المبكرة في الأنظمة البرلمانية التي يُعتبر النظام اللبناني واحدا منها تحدث عندما يتم حلّ المجلس النيابي، وحلّ المجلس النيابي في لبنان يتطلب تدخلا مباشرا من السلطة التنفيذية، اي من رئيس الجمهورية والحكومة، اذ يصدر رئيس الجمهورية مرسوما يقضي بحل مجلس النواب بعد موافقة الحكومة عليه.
وهذا الأسلوب كان معتمداً بشكل واضح جداً قبل دخول البلاد في مرحلة “اتفاق الطائف”، اذ انه في السنوات ما قبل الـ1990 تم حلّ المجلس النيابي 5 مرات متتالية.
وبعد دخول لبنان، في مرحلة “اتفاق الطائف”، لحظ الدستور من جديد امكانية حلّ مجلس النواب معتمداً على الالية نفسها التي كانت سائدة قبل “الطائف”، وبالتالي، ووفقا لأحكام الدستور، يطلب رئيس الجمهورية من الحكومة حلّ مجلس النواب، التي من الممكن ان تنفذ الطلب بحال وافق عليه ثلثا الوزراء.
لكن “اتفاق الطائف”، اقرن امكانية حلّ مجلس النواب بالطريقة المشار اليها أعلاه بـ3 شروط يمكن القول انها شبه مستحيلة او تعجيزية:
1. عدم اقدام مجلس النواب على الالتئام في ظل عدم وجود أسباب قاهرة خلال دورة عادية كاملة او دورتين استثنائيتين متتاليتين لا تقل مدة كل منهما عن شهر واحد.
2. اقدام مجلس النواب على رد الموازنة العامة التي تتقدم بها الحكومة بقصد شلّ عمل الحكومة.
3. اصرار مجلس النواب على تعديل الدستور (ثلتا أعضاء المجلس) في ظل رفض حكوميّ لتحضير مشروع قانون التعديل الدستوري.
بناء عليه، يمكن القول ان حلّ مجلس النواب اصبح شبه مستحيل بعد “اتفاق الطائف”، ولم يشهد التاريخ الحديث اي محاولة لحلّ المجلس النيابي، لا بل على العكس، تم التمديد للمجالس النيابية لأكثر من مرة بعد ال1990، لاسيما بعد العام 2006.
والطريقة الوحيدة الممكن اتباعها لحلّ مجلس النواب بعد “الطائف” هو قيام نصف عدد النواب (64 نائبا) بتقديم استقالاتهم، اذ ان هذا النوع من الاستقالات يؤدي الى شلل كليّ للعمل النيابي والتشريعي، وبالتالي يصبح المجلس غير قادر على الانعقاد حتى لاقرار الانتخابات الفرعية التي تهدف الى ملىء المقاعد النيابية الشاغرة بعد الاستقالة.
وعدم القدرة على اقرار الانتخابات الفرعية ناتج عن المعادلة التالية: قبول استقالة النائب يتطلب ان يتم اعلام المجلس النيابي فيها، وبحال اقدام نصف النواب على الاستقالة، يصبح من غير الممكن تبليغ المجلس النيابي بالاستقالات، لانه يحتاج الى 65 نائبا حتى يلتئم لتتم عملية التبليغ وعملية الدعوة الى انتخابات فرعية ، وهذا الرقم لا يمكن ان يتوفر بعد استقالة نصف عدد النواب.
كما انه يمكن للمجلس النيابي في لبنان بعد “الطائف” ان يحلّ نفسه بنفسه وذلك من خلال اقدامه على اقرار قانون يؤدي الى تقصير ولايته، لكن هذا النوع من الخطوات ووفقا للممارسة السياسية في لبنان يبدو بدوره غير ممكن وشبه مستحيل.
في المحصلة، تبدو امكانية الوصول الى انتخابات مبكرة للمجلس النيابي في لبنان صعبة جداً ومعقدة، ولا يمكن بلوغها الا بحال أقدم 64 نائبا على تقديم استقالتهم، فهل سنشهد استقالات نيابية جماعية في المرحلة المقبلة؟ ومن هم النواب الذين سيقدمون على هذه الخطوة؟
لبنان 24