مبادرة في “ثلاجة الإنتظار”
مبادرة في “ثلاجة الإنتظار”
منذ جلسة الرابع عشر من حزيران، الجلسة العاصفة التي سبقتها مساع جبارة من الطرفين ليصل كل منهما إلى أهدافه حتى هذه اللحظة، يعيش اللبناني حالة ترقب وسؤال ماذا بعد؟
هذا السؤال تحول مع وصول الموفد الفرنسي إلى لبنان جان ايف لودريان إلى: “ماذا في جعبة لودريان؟”
لودريان من جهته لا جديد في جعبته سوى بعض الأسئلة، وقد تجهّز لجلسات استماع واستطلاع، دون أن يدلي برأيه مطلقًا، وهو على علم مسبق بمواقف الأطراف التي تم الاعلان عنها، وكانت قد تبلّغت بها السفيرة الفرنسية أصلاً، قبل مجيئه إلى لبنان.
جلسات الاستماع هذه، والزيارات المكوكية التي شملت مختلف الأطراف، رسخت لديه قناعة مفادها أن لا حل في لبنان إلّا بطاولة حوار يتحلق حولها الأطراف من أجل التوصل إلى اتفاق، وفرنسا أعلنت عن استعدادها لذلك.
الوجهة الأولى للموفد الفرنسي بهذا الشأن، كانت رئيس البرلمان نبيه بري، الذي تلقى دعوة من لودريان بترؤس طاولة الحوار، إلّا أن بري لم يكن ممتنا كثيرًا، وقد عزف عن أدائه للمهمة، بوصفه طرفًا وهو من ضمن الفريق الذي رشح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وقال بري موجها كلامه للفرنسيين إذا اردتم أنتم الدعوة لطاولة حوار فيمكن ذلك، ولكن أنا دعوت لحوار في وقت سابق ولم تلق دعوتي استجابة.
مسار الموفد الفرنسي هذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن المبادرة الفرنسية التي كانت قد طرحت اسم فرنجية رئيسًا، في مقابل تمام سلام لرئاسة الحكومة، أصبحت شيئًا من الماضي، أو ربما تم طيها وتجميدها وربما تفتح في وقت آخر، من يعلم!
وعلى الرغم من أن فرنجية الذي إستضاف لودريان في قصر الصنوبر، بحضور السفيرة الفرنسية آن غريو والنائب طوني فرنجية والوزير السابق روني عريجي، أكد أنه لم يسمع ما يدل على تراجع الفرنسيين عن مبادرتهم، إلّا أن الوقائع تؤشر على أن المبادرة الفرنسية القديمة تم تجميدها مؤقتًا، خصوصًا مع التوازن السلبي الذي تأتى عن جلسة 14 حزيران، والتي لم يستطع خلالها أي من الفريقين أن يؤمن النصاب.
اقتناع الفرنسيين بنتائج الجلسة، والاستماع إلى باسيل الذي يبدو أنه تطرّق إلى فكرة طرح اسم ثالث، فتحا الباب على إمكانية التبني، ولكن هل يدرك الفرنسيون أن السير في هذا الطرح يمكن أن يزيد الأمور تعقيدًا؟ لكونه يقدم لرئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل انتصارًا تكتيكيًا على الجميع، ومن شأن ذلك أن يكون مادة لإستفزاز الطرف الآخر الذي ما زال حتى اللحظة متمسكًا بمرشحه، وله الحق في ذلك على إعتبار أنه فريق وازن من جهة، ومن جهة أخرى لم يستطع أن يسجّل أزعور فارقًا كبيرًا على فرنجية.
ما يدعم هذا الطرح هو أنه وأثناء لقاء لودريان مع حلفاء فرنجية، وهم الرئيس بري، الوزير السابق فيصل كرامي، وحزب الله وفرنجية نفسه، جرى الحديث عن رغبة فرنسية في بحث اسم مرشح ثالث، بإعتبار أن أحدًا من الفريقين لم يستطع تأمين النصاب.
ومع أن الموفد الفرنسي لم يشر إلى إسم محدّد، إلّا أن المعطيات تشير إلى توجّه فرنسي نحو تسمية الوزير السابق زياد بارود، فالأخير هو صديق قديم للفرنسيين، وهو الشخص الوحيد الذي دُعيَ إلى اللقاء مع المجتمع المدني، وهو المرشح المطروح لدى التيار الوطني الحر، وبالتالي من الواضح أن بارود هو المرشح الضمني لدى الفرنسيين، والذي يجمع المحللون على أن الفريق الآخر لا يمكن أن يقبل به بوصفه حالة مكررة من أزعور، ولا يمكن اعتباره مرشحًا جديًا والهدف منه الإطاحة بفرنجية، وبالتالي تكرار اللعبة ذاتها وتقطيع الوقت.
وإذا كانت فرنسا فعلًا تسير في هذا الاتجاه، فعليًا هي تقترب شيئًا فشيئًا من التلاقي مع موقف الأميركيين، في طرح مرشح ثالث، في ظل عدم وضوح رؤية السعوديين وتحييدهم عن المشهد وهو ما يعبر عنه الإرباك السني، مع الإبقاء على اسم قائد الجيش جوزف عون مطروحًا، فهي لا شك تغلق الباب مجددًا على إمكانية انتخاب رئيس بفترة قريبة، وبما أن الفريق الآخر يعتبر أن المعركة لإيصال فرنجية الآن بدأت، فقد يحتاج لودريان إلى المزيد من الجولات والزيارات إلى أن يتم الاتفاق، والفرنسيون يدركون جيدًا أنه لا يمكن أن يتم الأمر إلّا بموافقة حزب الله.
وعليه لا حلول قريبة في الأفق ولا انتخابات رئاسية قريبة، وتبقى الأمور رهن من سينزل عن الشجرة أولًا!
“ليبانون ديبايت”- ريم عبيد