“تحدّيات” تنتظر تيمور.. هل سيُنهي علاقته بـ”حزب الله”
“تحدّيات” تنتظر تيمور.. هل سيُنهي علاقته بـ”حزب الله”
لا يُمكن تخايل الحياة السياسيَّة حالياً من دون وليد جنبلاط. يبقى رأي الأخير هو المؤثر الأكبر على مختلف المستويات والإستحقاقات، فيما تتسمّ القرارات التي يتّخذها بـ”نكهة سياسية” خاصة أساسها “الواقعية” تارة وروح “التحدّي” للبقاء والصمود تارّة أخرى.
الاسبوع الماضي سلّم جنبلاط نجلهُ تيمور راية الحزب “التقدمي الإشتراكي”. الحدثُ هنا ليس عابراً بتاتاً، فـ”النائب الشاب” أصبحَ عنواناً للمرحلة المُقبلة أقله على الصعيد الدّرزي، فيما تُطرح تساؤلات كثيرة عما سيتخذه من خياراتٍ لاحقة على صعيد الملفات الكبرى مثل العلاقة مع حزب الله والأطراف الأخرى خصوصاً ضمن الطائفة الدرزية، الحفاظ على الحقوق داخل الدولة وحماية مصالحة الجبل.
قد لا يبدو تيمور مُصمّماً في الوقت الرّاهن على الدخول في أي ملفّ شائك، فالقرارات المفصلية على الصعد الحسّاسة ستكونُ في عُهدة وليد جنبلاط. حتى الآن، فإن ما يبدو هو أنّ تيمور سيجعلُ قراراته منحصرة بالعمل الحزبي، علماً أنه ستكون له نظرته ورؤيته على صعيدِ القرارات الكبرى، لكن الحسم قد يأتي من عند “الوليد” في نهاية المطاف. الكلامُ هنا لا يعني إضعافاً لتيمور بقدر ما هو تمكين لمساره في العمل السّياسي، علماً أن هناك تحديات كثيرة عليه مواجهتها تدريجياً بـ”حكمةٍ ودراية”، وذلك مع فريق عملٍ جديد يقرأ الأرض والواقع ويستنبطُ الرؤية المطلوبة والمناسبة.
بالنسبة لـ”حزب الله”، يبقى موقف تيمور غير واضح المعالم، والسؤال هنا: كيف سيُدير رئيس “الإشتراكي” الجديد الدفّة مع الحزب؟ هل سيبقى التواصلُ بينه وبين حارة حريك قائماً على صعيد التقارب الحالي أم أنهُ سيعاد “تمترسَ” الإشتراكي في موقعٍ مُناوئ للحزب كما حصل خلال السنوات الماضية؟ هنا، يقول بعض المواكبين لمسيرة تيمور “الحديثة” إنّ الرؤية التي يعتمدها الأخير ترتبطُ بشيء واحد أساسي وهو “عدم التصادم مع أي طرف، لكنه في الوقت نفسه لا تساهلَ مع أيِّ جهة تسعى لضرب كيان الحزب الإشتراكي والطائفة الدرزية”.
إنطلاقاً من ذلك، يتبيّن بشكلٍ واضح أنّ تيمور قد لا يُدمّر ما بناه والده من أسس وبُنيان، وبالتالي قد تكون العلاقة مع “حزب الله” قائمة على الحوار حينما يكون ذلك مطلوباً. هنا وبشكل عملي، قد لا تختلفُ رؤية تيمور إزاء الملفات الكبرى عن رؤية والده، فالأخير كانَ يُبدل توجهاته تبعاً للمرحلة القائمة في حينه، ومن الممكن أن يسلك تيمور هذا الطريق أيضاً عندما يتعلق الأمرُ بـ”حزب الله” والقضايا المرتبطة بالأخير.
من ناحية أو بأخرى، قد لا يكون تيمور عنواناً لتمرير ما يريده الحزب دائماً، لكنه في الوقت نفسه سيكون أحد الضامنين للسلم الأهلي. هذا الأمرُ سيحظى بملاقاةٍ من الحزب، فيما ستكون خصوصية تيمور أيضاً حساسة وبالتالي لن يتم تخطّيها، فالضاحية الجنوبية ستُراعيها كما كانت تُراعي خصوصية والده لاعتبارات شتّى أولها أن الكيان الدرزي أساسي في لبنان، وثانيها أن التمثيل النيابي لـ”الإشتراكي” يمثل ثقلاً لا يمكن تجاهله، وثالثها هو أن الدروز في لبنان يمثلون أقليّة مطلوبة لإرساء التنوع الداخلي، وبالتالي الحفاظ عليهم سيكون مسؤولية الجميع وتيمور في طليعتهم.
على صعيدِ العلاقة مع الأقطاب الدرزية الأخرى، فقد بدا لافتاً رهان بعضها على شخصية تيمور وتحرُّرها نوعاً ما من سياسة والده “الوليد”. اليوم، تعتبرُ هذه الأطراف أن “الزعيم الشاب” يسلكُ درباً جديداً من “الرياسة” عند الدروز، فمنطقه لا يرتبطُ بـ”إستقواء وإقصاء”. الأمرُ هذا قيلَ كثيراً وطُرح في نقاشات الزعامات الدرزية الأخرى، وهناك توقعات بأن يفتح تيمور خطوطاً من التعاون مع الأقطاب الآخرين من أجل التأسيس لخندق درزي واحد. هنا، يُطرح السؤال الأساس: ما الذي يمنع ذلك؟… من دون أي منازع، إذا كان تيمور حاضناً لمختلف الأطراف، فعندها سيكون قد أعاد إلى المختارة لقب الحاضن للجميع، وبالتالي ستُجنب تلك السياسة الدروز الكثير من المعارك الضارية.
بالإنتقال إلى تحدٍّ آخر، تبرزُ هنا الآلية التي يمكن لتيمور اعتمادها في فرض أوراقه من أجل ضمان حقوق الدروز في الدولة. الأمرُ هذا سيكون محفوظاً حُكماً، لكن هناك معارك قد يقودها “الإشتراكي” في سبيلِ حصة هناك أو منصبٍ هناك، وقد يكون “الكباش” الذي سيقوده تيمور أشرس من “كباشاتٍ” خاضها وليد جنبلاط بنفسه. مع كل ذلك، يبقى لزاماً على تيمور صون مصالحة الجبل التي أسست لإستقرار الدروز والمسيحيين معاً، والأكيد هو أنه لا تفريطَ بأي بند من تلك المصالحة، وذلك بغض النظر عمّا يمكن أن يواجهه “الزعيم الشاب” من توجهات ستفرضها القوى المسيحية على الساحة السياسية. واقعياً، سيكون تيمور أمام مواجهة رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في الجبل، فيما سيكون أيضاً على تماسٍ مع “القوات”. والسؤال هنا: كيف سيتعاطى جنبلاط مع كل طرف؟ هل سيعمل معهما على “القطعة”؟ هل سيؤسس لتحالفات جديدة؟ ما هي الرؤية التي يرسمها لكل ذلك؟
في المُحصلة، تبقى هناك الكثير من الأمور التي يحتاج مجتمع الدروز و “الإشتراكي” لإستيضاح تفاصيلها.. فهل سيبادر تيمور لتذليلِ خيوطها؟ متى سيُكرس الحقائق التي يطلبها الرأي العام داخل طائفته؟ هل سيكشف “رئيس الإشتراكي” الجديد عن توجهاته المستقبلية قريباً، وهل سيفتح المجال لبروز توجهات جديدة يختارها بنفسه بغض النظر عما يريده والده؟ كل شيء وارد وفي أي لحظة، والأيامُ ستكون الكفيلة بكشف الإجابات.
محمد الجنون /لبنان24