“اللعب بالنار”… الشغور النقدي لا يمكن احتماله!
“اللعب بالنار”… الشغور النقدي لا يمكن احتماله!
تسير عجلة الأيام في لبنان بشكل سريع جداً، فالشغور في حاكمية مصرف لبنان الذي كان مادة للجدل والتحليلات السياسية سيتحوّل الى حقيقة خلال أسابيع قليلة جداً، ما يضع البلاد امام تحدّ جديد ومجموعة علامات استفهام متعلقة بالوضع النقدي والمالي العام في البلاد: ما هو مصير الدولار؟ وهل سيستمر ثباته مرحلياً؟الشغور النقدي… هل تكون تأثيراته السلبية أقوى من تأثيرات موسم السياحة الصيفية؟منصة “صيرفة”… هل سيستمر العمل فيها؟ما هي معالم السياسة النقدية ابتداء من شهر آب المقبل؟ وهل يستمر نهج سلامة؟وغيرها من الاشكاليات التي تطرح نفسها بشكل متسارع، مع العلم ان الاجابة عنها لا بد من ان تكون سريعة وبعيدة كل البعد عن مبادىء المماطلة والمقاطعة وغيرها من العناوين التي باتت تشكل قواعد ثابتة في اللعبة السياسية اللبنانية.
لا وقت للترف السياسي
في هذا السياق، اكد مرجع متابع لـ” لبنان 24″ ان ” القوى السياسية لا تملك ترف المناورة امام الاستحقاق النقدي الذي لا بد من معالجته قبل نهاية شهر تموز الحالي، فالجميع يعلم ان الوصول الى مرحلة من الشغور في موقع حاكم مصرف لبنان لن يؤدي الى تفاقم الازمة الاقتصادية وحسب انما الى دخول البلاد في مرحلة من الفوضى المالية وعدم الانتظام في عمل المصارف، المؤسسات الخاصة التجارية وغير التجارية، بالاضافة الى المزيد من التدهور في مالية الدولة وبالتالي في الواقع الاقتصادي والمالي لمختلف المؤسسات العامة”.
وأضاف: ” تظن بعض القوى السياسية انه من الممكن خلق انقسام عمودي حول موضوع حاكمية مصرف لبنان، وادخالها في البازار السياسي الذي بات شبه طبيعيّ ومعتاداً امام كل استحقاق، لكن هذه القوى ستجد نفسها هذه المرة بالتحديد امام حائط مسدود يمنعها من استخدام ملف المصرف المركزي لاي اغراض سياسية اوغير سياسية، اذ ان اللعب بهذا الموقع الحساس سيترك أثارا وخيمة ومباشرة على حياة اللبنانيين ومؤسساتهم”.
عقم مالي بين لبنان والخارج
وفي سياق متصل، رأى مصدر اقتصادي في حديث مع “لبنان 24” ان “الوصول الى الفراغ في حاكمية مصرف لبنان دفع بالبلاد نحو المجهول وذلك نظرا للتفلت الدراماتيكي الذي سيشهده الواقع المالي والنقدي بحال مغادرة حاكم مصرف لبنان رياض من دون اي اجراءات واضحة”.
واضاف ” الفراغ في حاكمية مصرف لبنان سيؤدي حتما الى أكثر من خلل في عمل مختلف المصارف ومن غير المستبعد ان يؤدي ايضا الى ايقاف عمل المصارف المُراسلة وايقاف علاقات لبنان المالية مع الخارج، اذ من المرجح ان تمتنع الدول والمصارف الخارجية عن التعامل ماليا مع لبنان، ما يطرح علامات استفهام حول موقع لبنان في المنظومة المالية العالمية لاسيما ان لبنان هو عضو في مجلس المصارف المركزية العالمية.
لذلك يمكن القول ان غياب حاكمية مصرف لبنان سيؤدي الى عقم مالي في تعاطي لبنان مع الخارج ما سيزيد من حدة الفوضى المالية الداخلية التي من غير الممكن توقع نتائجها.
لا خيارات أمام الحكومة
ومن الناحية القانونية قال مرجع دستوري ل”لبنان 24″ انه “لا يمكن تعيين حارس قضائي على مصرف لبنان، فصحيح ان للمصرف المركزي وظيفة تجارية لكنه لا يملك صفة الشركة التجارية او المصرف التجاري الذي من الممكن ان نعيّن له حارسا قضائيا، وذلك نظرا لخصوصية المصرف المركزي ولطبيعة عمله النقدية والاقتصادية”.
ورأى المرجع معتبرا ان”السياق القانوني الطبيعي يحتم على النائب الاول لحاكم “المركزي” ان ينوب مكانه فور انتهاء الولاية، وبحال قام النائب الأول والنواب الـ3 الاخرون على الاعتكاف عن ممارسة السلطة والصلاحيات، لا يبقى امام مجلس الوزراء الكثير من الاحتمالات، اذ انه يصبح شبه ملزم بتعيين بديل عن حاكم المصرف المركزي بهدف عدم الوصول الى حالة من الفراغ او الشغور النقدي”.
ويختم بالقول: “تعيين حاكم جديد قي ظل حكومة تصريف أعمال يأتي وفقا لمبدأ استمرارية السلطة وتماشيا مع الواقع العام الذي تعيشه البلاد، اذ يمكن القول ان تعيين حاكم لمصرف لبنان يتخطى صلاحيات اي حكومة مستقيلة لما للموقع من خصائص حساسة ودقيقة جدا، لكن الواقع العام في البلاد المحكوم بمبدأ الضرورة يتيح للحكومة ان تقدم على التعيين، اذ ان الضرورات تبيح المحظورات”.