ضابط كبير في “الإقامة الجبرية”… الحرب تستعرّ بين “القائد” و “الوزير”!
يستمر مسلسل تصفية الحسابات في قيادة الجيش، ويتحول ضباطه ورتباؤه وعناصره إلى أسرى أو أعواد ثقاب في معارك ليست تعنيهم بالضرورة.
آخر ما وصل إليه الصراع الدائر، إصدار الجيش، منذ أيام، مذكرة بحث وتحرٍ بحق العقيد الياس أبو رجيلي المقرّب من وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، بتهمة “عدم الإلتحاق بمركز عمله”، ردَّ عليها “الوزير” بالتمرّد واعتبارها وكأنها “لم تكن”، موعزاً إلى أبو رجيلي ملازمة منزله، ما بدا أقرب إلى دعوة لـ”إقامة جبرية اختيارية” إلى حين معالجة الموضوع.
القرار الذي شكّل سابقة، دفع بوسطاء إلى التحرّك فوراً وبقوة على خط “القائد” و “الوزير”، في محاولة لعدم بلوغ النزاع الخطوط الحمراء، ليتمكنوا بعد جهد وعمل استمر لأيام من إزالة مذكرة البحث والتحرّي عن أبو رجيلي، دون أن يتمكنوا من إعادته إلى ملاك وزارة الدفاع. وبحسب معلومات “ليبانون ديبايت”، يعمل على تسوية الجزء المتبقي من الملف بهدوء.
يتردّد بين صفوف العسكريين أن القرار الذي إتخذَ في حق أبو رجيلي، يعود إلى التصريحات الأخيرة التي صدرت عن رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل ووصف خلالها قائد الجيش العماد جوزاف عون بـ”الفاسد”، مستنداً إلى مضمون الإتفاقيات التي تجريها قيادة الجيش “بالتراضي” من دون علم وزارة الدفاع، ليقرّر عون الرد من خلال زيادة الضغط على سليم وأتباعه.
عملياً، يتهم قائد الجيش أبو رجيلي، بأنه أحد الأذرع التي يستخدمها وزير الدفاع في المعركة ضده، وأنه من صاغ النصوص القانونية التي رفعها وزير الدفاع في شأن “الاتفاقيات بالتراضي” إلى كل من ديوان المحاسبة وهيئة الشراء العام.
قبلها كان الإشتباك بين الطرفين آخذاً بالتوسع، مسقطاً وساطات سياسية وغير سياسية تدخلت من أجل وضع حدٍ لما يجري، أهمها وساطة قادها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، نجح خلالها بجمع الطرفين في عدة جلسات “تنظيف قلوب” سرعان ما سقطت. بعدها حاول ميقاتي دون أن ينجح.
بالعودة إلى تلك المرحلة، كان قائد الجيش العماد جوزاف عون قد أصدر أواخر شهر شباط من العام 2023 واحداً من القرارات التي استفزت وزير الدفاع، تضمن مذكرة تشكيلات، فصل بموجبها رئيس دائرة الشؤون القانونية في وزارة الدفاع العقيد الياس أبو رجيلي ومعاونه إلى مركز آخر، علماً أنه مفصول في الأساس إلى مركز عمله الحالي من مركز إداري آخر. إستنفر وزير الدفاع على اعتبار أن القرار غير منسّق معه ويطاله شخصياً بحكم قرب أبو رجيلي منه، طالباً تعديله دون أن ينجح. ويقال إن فشل وساطات الصلح بين الطرفين تعود في أحد أسبابها إلى مخلّفات القرار الصادر في حق أبو رجيلي.
عملياً، كان يفترض أن تنتهي صلاحية قرار فصل أبو رجيلي بتاريخ 31 آب الجاري، فيعود بعدها إلى مركز عمله الأساسي في أحد مراكز البحوث التابعة للمؤسسة العسكرية. لكن ما حصل أن قائد الجيش، قام بتاريخ الأول من آب الجاري بإجراء تعديل على تاريخ مذكرة الفصل، قرّب موعد التحاق أبو رجيلي بمركزه الأساسي من 31 آب إلى الرابع منه، وقد اُبلّغ أبو رجيلي مضمون القرار قبل موعد التحاقه بيوم واحد، أي في 3 آب.
لقيَ القرار معارضة شديدة من وزير الدفاع. وبحسب معلومات “ليبانون ديبايت”، رد “الوزير” بإصدار قرار بتاريخ 3 آب تضمن تعيين العقيد أبو رجيلي رئيساً لدائرة الشؤون القانونية، بمعنى أنه أعاده إلى “الوزارة”. وضمّ القرار بنداً شمل إلغاء مذكرة الفصل التي أصدرها قائد الجيش سابقاً. وطلب “الوزير من “القائد” أن يصدر قراراً فورياً بنقل أبو رجيلي إلى الغرفة العسكرية. في المقابل رفض قائد الجيش التقيّد بمضمون ما ورده من وزير الدفاع، ما دفع بـ”الوزير” إلى إرسال قرارٍ تأكيدي محملاً “القائد” تبعات مخالفة مضمون القرار المتخذ.
لكن ما حصل نهار الإثنين في 7 آب شكل صدمة. إذ صدرت عن مقر عام الجيش برقية منقولة إلى كافة الوحدات، باعتبار العقيد أبو رجيلي “فاراً من الخدمة” كونه لم يلتحق بمركز عمله إنفاذاً لمذكرة الفصل الصادرة عن “القائد”، ليصدر في حقه قرار بحث وتحرٍ، وهو ما واجهه وزير الدفاع بإرسال قرار باعتبار المذكرة كأنها لم تكن. ومع شيوع الخبر تحرّكت الوساطات تحت عنوان “الحرص على هيبة الجيش لما يشكله القرار من سابقة لا تجوز في تعامل الضباط فيما بينهم”.
ما أوصل الأمور إلى هذا الحد، التدخلات السياسية التي تعصف بالجيش، والسباق الرئاسي، والتحريض السياسي وغير السياسي الذي يمارسه تحديداً رئيس “التيار”، وتأثر العماد عون بالحملات ضده ما جعله يطلق حملةً لتصفية ما يقول إنهم “رجالات جبران أو الوزير في المؤسسة”، إضافةً إلى حالة الإستنفار الدائم لدى فريق “القائد” المسؤول عن تحريضه، الصام آذانه عن أي نصيحة، المتخذ صفة رد الفعل على ما يأتيه من ممارسات “رئيس التيار” والمبادر إلى إغراق “القائد” بالوحل.
المصدر: ليبانون ديبايت