لبنان ضمن سيناريوهات محضّرة لزعزعة الأمن.. مَن يفتعل الإشكالات
يبدو التوقيت جيداً بالنسبة لمَن يريد وضع لبنان على فوهة بركان، بالتزامن مع الانهيارات الاقتصادية والمالية والمعيشية التي يعيشها اللبنانيون، وإقفال كل الطرق المؤيدة الى الانتخابات الرئاسية، لان لا شيء يبشّر بالخير، فزيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لورديان المرتقبة الى بيروت، لن تحمل معها اي خبر ايجابي، بل المزيد من الخلافات الداخلية التي ستستقبل الضيف الفرنسي الآتي على مضض، لانه يعرف سلفاً نتيجة زيارته، وقد تكون الاخيرة وفق بعض التلميحات الفرنسية، التي ضاقت ذرعاً بالسياسيين اللبنانيين المنقسمين دائماً على اي ملف، فكيف اذا كان الملف الرئاسي؟
الى ذلك ووسط هذه المشاهد القاتمة، عادت التقارير الامنية لتحذّر من مرحلة صعبة مرتقبة في لبنان، على بعد اسابيع قليلة، وهذه التقارير الخارجية معالمها عربية خليجية، انطلقت قبل فترة خلال تحذيرات بعض دول الخليج الى رعاياهم، بضروة مغادرة لبنان بسبب تدهور امني قريب، ما جعل هذه التحذيرات تتلاقى مع مخاوف داخلية من حدوث شيء ما هو قيد التحضير، فانتشرت المخاوف من بلبلة امنية وتحرّكات في الشارع، تحمل الطابعين الطائفي والمذهبي، لإحداث تصعيد قد يتطوّر الى ما هو اكبر من ذلك، أي فوضى عارمة على وقع اشتعال الشارع، فإذا بحادثة الكحالة تأتي بعد يومين فقط من بيانات الدول الخليجية، الامر الذي أعطاها المصداقية، لكن قد تكون الصدفة أدت دورها ليس اكثر، فيما إعادة شريط الاحداث الامنية خلال الفترة الوجيزة المنصرمة، يحوي سلسلة أحداث بدءاً بحادثة القرنة السوداء، ومعارك عين الحلوة وعين ابل وصولاً الى الكحالة.
في السياق لا ينفي عميد متقاعد تربطه صداقات مع مسؤولين امنيين كل هذه التسريبات، لانّ ما يُردّد عن احتمال حدوث “خربطة” امنية وارد، ومؤشرات الاحداث المتنقلة من منطقة الى اخرى، يمكن وضعها في دائرة المخاوف، لان ليس في كل مرّة تسلم الجرّة، ولو لم يكن الجيش جبّاراً في مواقفه وكيفية تصرّفه العقلاني خلال تلك الاحداث، لكانت المصيبة وقعت وتطورت لتنتقل الى مناطق اخرى مختلطة طائفياً.
ورأى المصدر المذكور أنّ سياسة الترقيع، التي يقوم بها المسؤولون اللبنانيون اوصلت البلد الى هذا الدرك، لكن لدى الجيش اليوم وكل الاجهزة الامنية قرار واحد، هو عدم سقوط البلد في اي مستنقع يجرفه في معارك طائفية، لان ضرب الاستقرار ممنوع ، مذكّراً بأنّ مؤسسة الجيش وقائدها العماد جوزف عون لن يسمحا بأي إخلال امني في البلد، والقرار اتخذ ولا داعي للخوف.
وعن احتمال حدوث زعزعة امنية في ايلول تحديداً بحسب الشائعات، قال: “لا شك في انّ معظم اللبنانيين سئموا تلك المشاهد البشعة، التي عايشوها على مدى عقود، لكن الطابور الخامس والدخلاء يعملون دائماً على تنفيذ أجندات، قد تكون خارجية او داخلية لضرب الامن، والمطلوب من اللبنانيين اليوم ان يتحلّوا بالوعي والتصرّف العقلاني، ولا يسمحوا لمَن لعب بقدرهم خلال حرب الاخرين على ارض لبنان، ان يجعلهم يدفعون الاثمان الباهظة وحدهم ومن كل الطوائف، لذا يجب ألا يقع اللبنانيون في الخطأ من جديد، امام من يروّج تلك الهواجس لغايات سياسية معينة، تخدم الخارج فقط، فيما الداخل يتحمّل وحده الاوزار”.
واشار المصدر الى انّ الاستعانة بشهر ايلول لإطلاق الشائعات، تعود الى النتيجة المعروفة سلفاً من زيارة لودريان، والتي وصفتها اغلبية الاطراف السياسية بالمتعثرة، مع مواصلة الفراغ الرئاسي حتى أمد طويل، اذ لا يوجد بصيص أمل ضئيل لانتخاب رئيس للجمهورية، الامر الذي سيترك المزيد من التداعيات لاحقاً، أقله انفجار اجتماعي كبير بالتزامن مع الضرائب والرسوم المرتقبة، والتي يهرب منها المسؤولون ومن ثم يفجّرونها امام المواطنين بطريقة فجائية، في ظل ما نسمعه عن ارتفاع غير مسبوق في فواتير الكهرباء والمياه والاتصالات والرسوم البلدية وغيرها، وكل هذا سيساهم في فلتان امني قد يبدأ بالعصيان المدني ولا نعرف متى سينتهي، وعندئذ سينجح الطابور الخامس بالتأكيد في مهمته.
وختم بالاشارة الى انّ مخيم عين الحلوة يبدو اليوم على صفيح ساخن، وهناك معلومات متداولة عن عودة للمعارك، فكل شيء ينذر بالاسوأ في ظل وضع الدشم الجديدة والسواتر الترابية، ودخول اسلحة حديثة الصنع، ومظاهر امنية ليلية مخيفة، وانقسامات داخل حركة “فتح” بين مَن يريد الثأر ومَن يريد ضبط الوضع، وكل هذا ينذر بإمكان إنتقال المعارك الى مخيمات اخرى، خصوصاً اذا اتخذ القرار الخارجي بذلك.