تطبيق الإصلاحات أصبح مرتبطا بمعرفة مصير الودائع
خرج وفد صندوق النقد الدولي من اجتماعاته مع المسؤولين اللبنانيين “بمكانك راوح “وسط تساؤلات متكررة: إلى متى يمكن أن ينتظر صندوق النقد، او الى متى يمكن أن ينتظر لبنان والاستمرار في الاعتماد على شراء الوقت تمهيدا لوحي من هنا او مساعدة من هناك وسط تراشق كلامي بين صندوق النقد وحكومة تصريف الاعمال وبين اعضاء مسؤولين في المجلس النيابي حول من سبب التأخير في اقرار الاصلاحات الا ان النتيجة واحدة وهي المزيد من التأزم الاقتصادي دون ظهور اي بوادر ايجابية تضع لبنان على السكة الصحيحة .
خرج وفد صندوق النقد الدولي من اجتماعاته دون ان يأخذ لا حقا ولا باطلا لاصلاحات يطالب بها منذ ان اعلن عن نيته مساعدة لبنان اقتصاديا عبر اقراضه ٣مليارات دولار على اربع سنوات وهذا مبلغ لا يساعد لبنان على النهوض اقتصاديا وماليا الا انه المدخل الى المؤسسات المالية الدولية ومنها الى المجتمع الدولي لكن هذا الوفد غرق في مستنقع السياسيين اللبنانيين الذين لا يريدون اصلاحا ولا من يحزنون وتاه بين المطالب التي اعادته الى نقطة الصفر وهي النقطة الاساس حول مصير الودائع ومن يتحملها خصوصا ان الصندوق يريد شطبها والغاءها كليا وقد سارع النائبان ابراهيم كنعان وجورج عدوان الى المطالبة بوضع الحلول لمسألة الودائع بينما يطالب نائب رئيس حكومة تصريف الاعمال سعادة الشامي بإقرار كل الإصلاحات المطلوبة، فلا شيء يمنع من الوصول إلى هذا الاتفاق، ولكن بعد إدخال بعض التعديلات التي فرضها التأخير الحاصل.
أما الانطباع بأن الاتفاق مع الصندوق قد توقف حتى بعد انتخاب رئيس وتشكيل حكومة جديدة، فمرده إلى أن البعثة الأخيرة قد واجهت صعوبات من قبل بعض الأطراف المولجة بتنفيذ هذه الإصلاحات، ونُشرت تصريحات وانتقادات توحي بعدم الرغبة بالاتفاق، لأن شروط هذا البعض “المسبقة” لا تتوافق مع شروط الصندوق.
وبعيدا عن تطبيق الاصلاحات يبدو ان مصير الودائع عاد الى الواجهة وبالتالي لا يمكن تمرير هذه الاصلاحات دون البت بهذه الودائع التي طرحت عدة حلول منطقية لاستعادتها لعل اهمها ما طرحه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي برد الودائع التي هي دون ال ١٠٠ الف دولار الى اصحابها لكن سرعان ما سحب من التداول ولم يعد ميقاتي يطرحه مجددا، اوانشاء صندوق سيادي لادارة واستثمار المرافق الحيوية للدولة اللبنانية ومنها الاتصالات والكهرباء والمرافىء وغيرها دون بيعها من اجل رد هذه الودائع لكن البعض يستغرب هذا الحل في الوقت الذي تعاني الكهرباء من انهيار كلي وفي الوقت الذي يعاني مرفأ بيروت من تدمير ما تزال اثاره واضحة ومن اتصالات لم تؤمن التوازن المالي، وهناك من يطرح امكان الاستفادة من استخراج الغاز والنفط لاعادة هذه الودائع، هذه الحلول تبقى ضمن اطار الشعبوية التي لم تترجم فعليا بمشاريع قوانين يعترف كنعان بعدم وصولها الى المجلس النيابي حتى الان ومنها تأمين التوازن المالي .
تقول مصادر مالية مطلعة انه على الرغم من مرور حوالى اربع سنوات على الازمة في لبنان لم تجد السلطة الحلول بعد اما لانها لا ترغب بتطبيق هذه الاصلاحات التي تعني ايقاف الهدر والفساد وتأمين الرقابة الدولية لتنفيذ هذه الاصلاحات والدليل انها لم تقر الكابيتال كونترول ولا اعادة هيكلة القطاع المصرفي وبقيت الموازنات التي اقرت دون اصلاحات اضافة الى ان قانون السرية المصرفية شابته عدة اخطاء يطالب صندوق النقد الدولي باعادة درسها او لانها تنتظر شطب الودائع كما يطالب الصندوق واذا لم يتم ذلك نظرا لكثرة المعارضين لعملية الشطب فالتعميم ١٥١يتكفل بذلك اذ يسمح للمودع بأخذ امواله على سعر ١٥الف ليرة لكل دولار بينما سعره الحقيقي يتجاوز ال ٩٠ الف ليرة .
وتعتبر هذه المصادر المالية المطلعة ان العملية الاصلاحية يمكن السير بها بغض النظر عن الحلول السياسية وانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة اصلاحية جديدة لانه لا يمكن للبنان ان ينهض اقتصاديا دون تطبيق هذه الاصلاحات .
وتطبيق الاصلاحات لن يمر ما دامت هذه الطبقة السياسية تتحكم بالبلد والعباد بدليل انها لم تطبق الاصلاحات على الرغم من الوعود التي اقروا بها في مؤتمرات باريس واحد واثنين وثلاثة وبقيت حبرا على ورق يأخذون الاموال ولا يطبقون اي شيء وهذا يعني ان تطبيق الاصلاحات اصبح مرتبطا بزوال هذه الطبقة السياسية وهنا الصراع الحقيقي .
الديار