اخبار محلية

أيّ مصير لعمليات التنقيب في البلوك 9 مع إشعال الجبهة الجنوبيّة؟

تستمرّ عملية “طوفان الأقصى” لليوم الرابع على التوالي التي شنّتها حركة “حماس” الفلسطينية على العدو الإسرائيلي، ما أشعل جبهة قطاع غزّة وغلافها ولا تزال المعارك متواصلة بين الطرفين حتى الساعة. وامتدّت شظايا هذه العملية الى جنوب لبنان، وإن بمواجهات عسكرية محدودة بين “حزب الله” و”إسرائيل” لا سيما بعد إعلان الحزب أنّه لن يقف على الحياد. علماً بأنّ أي من الطرفين لا يشاء التصعيد وفتح الجبهة الجنوبية الحدودية، إنّما الحفاظ على قواعد الإشتباك القائمة نفسها. وبعد أن أدّى القصف الإسرائيلي لمواقع “حزب الله”في جنوب لبنان أخيراً الى استشهاد ثلاثة من مجاهديه، والتي ردّ عليها الحزب انطلاقاً من مبدأ “ضربة مقابل ضربة”، يتساءل البعض إذا ما كان سيستمرّ الوضع على ما هو عليه في الجنوب أم سيتطوّر الى ما هو أخطر، وما يُمكن أن يتسبّب به توتير الحدود الجنوبية من مخاطر على عملية الإستكشاف والتنقيب التي تقوم بها شركة”توتال” الفرنسية التي استقدمت منصّة “ترانس أوشن بارنتس” للعمل في البلوك 9 في المياه البحرية اللبنانية منذ آب المنصرم، في الوقت الذي يُنتظر فيه صدور النتائج الأولية للحفر قريباً؟!.

مصادر سياسية مطّلعة على ملف النفط في لبنان تحدّثت لجريدة “الديار” عن أنّ المطلوب اليوم عدم تقويض الأمن والإستقرار في المنطقة الجنوبية، وعدم الإنجرار الى توتير الوضع الأمني فيها لأنّ من شأن ذلك أن يؤثّر سلباً على عمل شركة “توتال” التي تقوم حالياً بحفر البئر الإستكشافية الأولى في حقل “قانا”، وقد وصلت الى المرحلة الثالثة من هذه العملية من أصل خمس مراحل والتي يُفترض أن تنتهي أواخر تشرين الأول الجاري، على أن تصدر النتائج أوائل تشرين الثاني المقبل. غير أنّه كان من المتوقّع صدور النتائج الأولية عن وجود مكمن للغاز والنفط في البلوك 9 أم لا خلال الأيام المقبلة.

وأوضحت بأنّه من بين أهمّ شروط عمل الشركات النفطية في رقعة معيّنة، وقبل اتخاذها أي قرار نهائي للإستثمار فيها، هو أن تكون المنطقة التي تعمل فيها هادئة أمنياً ولا نزاعات حدودية عليها. وقد قامت “توتال” حتى الآن، بالإلتزام بالخطة الموضوعة لعملية الحفر من دون أي تاخير أو تاجيل، ولم يؤثّر تغيير مكان الحفر في حقل “قانا” بضعة أمتار على الجدول الزمني الموضوع بل حافظت عليه بعد أن اتخذت هذا القرار، بدلاً من اللجوء الى استبدال المعدّات ولا سيما رأس الحفر، لعدم إضاعة الوقت.

واليوم مع بدء عملية “طوفان الأقصى” التي لا يبدو أنّها ستنتهي قريباً، على ما أضافت المصادر نفسها، خصوصاً وأنّ “إسرائيل” قد أعلنتها حرباً ولن توقفها قبل تحقيق إنجاز ما يُغطّي على فشلها وإخفاقها في كشف الضربة غير المسبوقة التي تلقّتها من حركة “حماس” وخيبة أمل شعبها بها وبقوّاتها، أو حتى على استيعابها لها وإن كانت تواصل ضرب المدنيين في قطاع غزّة، فإنّ شركات النفط العالمية التي تعمل في لبنان والمنطقة تُعيد حساباتها بسبب بعض المخاوف على سلامة طاقمها وعلى مصير عمليات التنقيب وإنتاج النفط والغاز في منطقة ساخنة. فقد أعلنت شركة “شيفرون” الأميركية المشغلة لحقل “تمار” الإسرائيلي في البحر المتوسط، أنّها علقت عمليات إنتاج الغاز الطبيعي من الحقل حتى إشعار آخر، وذلك بعد أن تلقّت تعليمات من “إسرائيل” بوقف الإنتاج بسبب مخاوف تتعلق بسلامة الموظّفين في المنصة. ولكنّها أكدت أنها ما تزال تمارس عملها بشكل طبيعي في حقل “ليفياثان” الذي يبعد عن الحدود الجنوبية أكثر من حقل “تمار”.

أمّا “توتال” فلم تُعلن بعد عن توقيف عملها في البلوك 9، وفق المعلومات، ولا تزال تُواصل مهامها وتترقّب التطوّرات الأمنية المستجدّة في جنوب لبنان والمنطقة عن كثب. غير أنّ إطالة أمد الحرب في قطاع غزّة، أو اشتعال الجبهة الجنوبية على إثرها، قد يدفعها ربما الى اتخاذ قرار ما يتعلّق إمّا بوقف أنشطتها البترولية وسحب المنصّة أي بتعليق عملية الحفر الى حين عودة الهدوء النسبي الى المنطقة، أو بتأجيل الحفر ما قد يؤدّي الى تعديل في الجدول الزمني لعملية الحفر والى أكلاف باهظة. علماً بأنّه في العقدين الموقّعين بين”توتال” والحكومة اللبنانية ثمّة بند “القوة القاهرة”، وهو أساسي في كلّ العقود، لا يدع الشركات تتحمل أي اكلاف ولا حتى الدولة اللبنانية. غير أنّ الخسارة الكبرى تكمن في وقف تشغيل قطاع النفط والغاز في البلوكات البحرية الجنوبية في حال قرّرت هذه الشركات توقيف عملها فيها بشكل نهائي.

علماً بأنّ “كونسورتيوم” الشركات (أي “توتال” “وإيني” و “قطر للطاقة”) قد تقدّم بطلب الإشتراك في دورة التراخيص الثانية لتلزيم كلّ من البلوكين 8 و10. ولهذا فإنّ حصول مثل هذا الأمر، لا سمح الله، أي وقف عمل “توتال” في البلوك 9 في حال اشتعال الجبهة الجنوبية نتيجة تبعات “طوفان الأقصى” سيكون له نتائج سلبية على قطاع النفط والغاز في جنوب لبنان الذي يؤمل منه الكثير في حال صدور نتائج إيجابية عن عملية الحفر الحالية.

كذلك فإنّ توتّر الوضع الأمني في لبنان والمنطقة لن يُشجّع شركات النفط الأخرى على الإستثمار في البلوكات اللبنانية المتبقية في المستقبل. مع الإشارة الى أنّ تحالف الشركات في حال قرّر وقف عمله في البلوك 9، فهذا يعني أيضاً أنّه لن يبدأه في البلوكين 8 و10 بسبب المخاوف الأمنية على سلامة الموظّفين، كما على منصّة الحفر التي قد تتعرّض للقصف في حال تطوّرت الحرب الى ما لا يُحمد عقباه.

دوللي بشعلاني – الديار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى