موسكو ضدّ توسيع حر–ب غزة ورسالتها إلى اللبنانيين “احذروا “
دخلت موسكو على خط الاتصالات السياسية والزيارات الديبلوماسية إلى المنطقة، وإن كانت تتحرك بمعزل عن أي تنسيق مع واشنطن والجهات الغربية التي لا تلتقي معها على خلفية الحرب في أوكرانيا وتبقي خطوطها مفتوحة مع حركة “حماس” وطهران والعواصم العربية المعنية.
وحل نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في الدوحة ولن يكتفي بلقاء المسؤولين القطريين فحسب، حيث التقى القيادي في “حماس” موسى أبو مرزوق (يصفه بأبرز قيادات الحركة) وتربط تنظيم الأخير علاقة جيدة مع روسيا نظراً إلى دورها الدولي المؤثر رغم تدهور علاقاتها مع الغرب، فضلاً عن موقعها في مجلس الأمن. وتتواصل موسكو أيضاً مع القيادتين السعودية والمصرية للمساعدة في إرسال مساعدات إغاثية وفتح ممرات إنسانية من رفح إلى قطاع غزة الذي يعيش سكانه مجازر حقيقية وسط حصار شديد.
وتوضح مصادر ديبلوماسية نقلاً عن مسؤولين في وزارتي الدفاع والخارجية الروسيتين أن موسكو لا تتعاطى بإيجابية أو بالأحرى بتفهّم مع إسرائيل. لذلك تتابع بعناية شديدة تطوّر الأوضاع العسكرية في غزة حيث لا يخفون توجيه انتقاداتهم لأداء حكومة بنيامين نتنياهو لجملة من الأسباب ومنها إعلان تأييدها كييف. وانقطعت الاتصالات بين نتنياهو والرئيس فلاديمير بوتين رغم العلاقة الشخصية التي تربطهما. ولم يخف الأخير اعتراضه على ممارسات إسرائيل ضد قطاع غزة في أكثر من تصريح له في الأيام الأخيرة وكان أبلغها تشبيهه حصار غزة بمدينة لينينغراد إبان النازية الألمانية.
وينقل عن مسؤولين روس وصفهم ما تقوم بها إسرائيل بـ”النازية”. ويأتي استعمالهم هذا وفق التوصيف الذي تطلقه روسيا في شعارها ضد كل من يحاربها في أوكرانيا. وترى أن الحرب تبقى مفتوحة في قطاع غزة ، لكنها تراقب بعناية ما يدور في جنوب لبنان، حيث إن “حزب الله” يقوم بـ”ردود موضوعية ومدروسة”. ولا تخفي القيادة في روسيا إبداء حرصها على عدم دخول لبنان في النزاع العسكري المفتوح في غزة شرط أن تبقى “الاستفزازات الإسرائيلية” في إطار حدود قواعد الاشتباك وضبطها من طرف المقاومة مع التوقف عند كيفية استغلال حكومته الضربة التي تعرّض لها المستوطنون في قطاع غزة. وفي المعلومات أن مسؤولاً روسياً تشاور مع نظيره الإيراني وحذره من تمدد المعارك إلى لبنان في “ظل غضب إسرائيل المفتوح” في وقت ستعمد فيه أميركا ودول غربية أخرى إلى غضّ النظر عن أي مجازر سترتكبها تل أبيب في لبنان إذا توسعت دائرة المعارك.
ولذلك ترى موسكو أن ما يدور حتى الآن على الحدود من مناوشات واشتباكات عسكرية بين لبنان وإسرائيل ما زال رغم سخونته تحت إطار الضبط والسيطرة “واذا استهدفت إسرائيل الضاحية الجنوبية أو بيروت نصبح أمام مشهد آخر. وسيقدم حزب الله عندها على الرد في عمق إسرائيل”.
وينقل عن مسؤول روسي أن بلاده لن تقصّر في إجراء الاتصالات المطلوبة والسريعة وفي “شكل مكثف” قبل تدهور التطورات في المنطقة. ولم يخف أن الوضع أكثر من دقيق وخصوصاً في لبنان مع التوقف عند حالة التضامن الأميركية والغربية اللامحدودة لإنقاذ نتنياهو من مستنقعه بعدما أصبح ملفّ إسرائيل اليوم في صلب الحملة الانتخابية الرئاسية للرئيس جو بايدن ومحاولته لتلميع صورة نتنياهو والجيش الإسرائيلي وردّ الاعتبار إليهما.
وتدعو موسكو “حزب الله” وهي على تواصل مع قيادته إلى الحذر أكثر من أي دفع إسرائيلي يؤدّي به إلى جره إلى المواجهة في وقت لا تقلل فيه تل أبيب من قدرات مقاتليه مع سعيها المتواصل إلى الحفاظ على ماء وجه جيشها بعد “الضربات المؤلمة” التي تعرّض لها في غلاف غزة وتكبّدها كل هذه الخسائر التي نالت من صميم معنوياتها، الأمر الذي دفع بواشنطن إلى حشد جزء من أسطولها في المنطقة لمساندة إسرائيل في تحرّك لم تقدم عليه في حرب تموز 2006.
وتلقّى مسؤولون لبنانيون التحذيرات الروسية هذه ووصل مضمونها إلى قيادة الحزب أيضاً الذي تلقّى سلسلة من التحذيرات الغربية والشرقية من دون أن يقدّم جواباً لأي جهة من أجل أن يحافظ على موجات القلق التي تسيطر على أداء الجيش الإسرائيلي ومجتمعه بعد غزوة المستوطنات المعطوفة على استنفار على طول الحدود الشمالية مع جنوب لبنان الذي لم يعد يفارق أي زائر إلى بيروت ولا أجندات العواصم المعنية، لأن أي مواجهة ضخمة على أرضه هذه المرة ستكون مقدّمة لحرب كبرى في المنطقة.
“النهار”- رضوان عقيل