واشنطن تُحذر لبنان: إما السلام أو الحرب المُدَمّرة
بموازاة الحراك العسكري للولايات المتحدة الاميركية على طول شاطئ البحر الابيض المتوسط مستعرضة بارجاتها وغواصاتها، تشهد الدبلوماسية الاميركية حركة مكوكية كبيرة بحجم الحرب الاسرائيلية على غزة، اذ نجد وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن متنقلا بين دول الجوار بحثا عن حل دائم للصراع الاسرائيلي الفلسطيني يُبعد عن المنطقة شبح الحرب الشاملة التي تقف على ابواب الدول تنتظر اشارة الميدان.
تُوازن واشنطن بين الضروري والثانوي، فهي تدفع باسرائيل نحو تقديم تنازلات استباقية للبنان قد تكون أفضل اليوم من تقديمها غدا وبكلفة باهظة على الطرفين كما حصل في غزة حيث كابر الاسرائيلي وتحديدا حكومة الليكود فأمعنت في سياسة الاستيطان ورفضت حل الدولتين الى أن جاءها السابع من تشرين الاول ليُعزز شروط الشارع الفلسطيني ويؤكد حقه بالدولتين، فأطاح بمستقبل نتنياهو السياسي وسمح للفلسطينيين بالجلوس على طاولة المفاوضات بصفتهم أصحاب حق معترف فيه دوليا. وأعطت واشنطن اشارات واضحة لاسرائيل دعتها من خلالها الى الذهاب نحو مفاوضات شاملة للمنطقة عبر تعزيز دور الحكومات على حساب الاجنحة المسلحة كما هو حاصل اليوم مع مصر والاردن حيث تعتبر اسرائيل أن الحدود هناك ممسوكة من خلال التنسيق الدائم مع حكومة البلدين، في حين ان الحدود الجنوبية والشمالية مرهونة لاجندات اقليمية يمكن أن تحرك الجبهتين متى أرادت.
يأتي أموس هوكستين الى بيروت في مهمة خاصة أبعد من صفقة تبادل أسرى “البعض يؤكد أنها أنجزت عبر القطريين وقد يتم الاعلان عنها في غضون أيام”، وهو المتمرس لبنانيا على مفاوضات الترسيم وكل ما يتعلق باسرائيل. الرجل الذي تمكن مع اصدقائه اللبنانيين من اقناع حزب الله على السير بترسيم الحدود البحرية وأعطى اسرائيل حقل كاريش اللبناني، هو اليوم في مهمة الترسيم البرية والتي تنظر اليها الولايات المتحدة الاميركية ضمن رزمة الحل في المنطقة ومقدمة نحو خطوات جدية في المستقبل، وبالتالي على حزب الله وفق التفكير الاميركي درس العرض وابقاء الحدود في هدنة دائمة حرصا على مستقبل لبنان، لأن اي مغامرة ستكلف الدولة اللبنانية الثمن الباهظ وسيكون الاميركي شريكا رسميا الى جانب الاسرائيلي في تفكيك بنية الحزب العسكرية وتُدرك طهران أن ما يتحدث عنه بلينكن في جولاته العربية والاقليمية مجرد ورقة مكتوبة مُغايرة للعقل الامني والعسكري المرسوم من قبل البنتاغون واجهزة المخابرات الاميركية المرابضة اليوم قبالة شواطئ المتوسط تنتظر اشارة للتدخل في حال لم تُدرك ايران واجنحتها ان مرحلة التطبيع فُتحت على مصراعيها وأن ما نواجهه اليوم هي معادلة الخطوط والممرات بين العملاقين الاميركي والصيني.