لبنان على حافة الهاوية
بالتوازي مع الإنقسام السياسي حول مقاربة الشغور الداهم في قيادة الجيش، تتزايد المعطيات الميدانية جنوباً منذرةً بالإنتقال إلى مرحلة جديدة وخطرة، وفق الكاتب والمحلّل السياسي نبيل بومنصف، الذي يتحدث عن مخاطر تتراكم جنوباً، ومعها تزداد احتمالات الحرب، وذلك بالإستناد إلى المؤشرات الأخيرة التي تدلّ على أن القرار الدولي 1701 قد تمّ تقويضه فيما الخطوط الحمر بدأت تتلاشى.
ويقول المحلِّل بو منصف لـ”ليبانون ديبايت”، إن الإنشغال بالوضع الجنوبي، لم يحجب التركيز على الإنقسام السياسي الداخلي، حول التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون، ويلاحظ بومنصف، أن الصورة ما زالت ضبابية وأن الجميع في المأزق، كما أن محاولة “التيار الوطني الحر” قد أخفقت في التوصل إلى اتفاق حول تعيين قائد جديد للجيش، وقطع الطريق أمام التمديد لقائد الجيش.
وإذ يشير بو منصف إلى أن غالبية الكتل النيابية تؤيِّد التمديد لقائد الجيش، بدلالة مشاريع القوانين المقدّمة لهذا الهدف إلى المجلس النيابي، يؤكد أن رئيس المجلس نبيه بري، لا يزال يراهن على صدور قرار التمديد من مجلس الوزراء، في ضوء العِقَد المتعددة التي تحيط بأي جلسة عامة قد يدعو إليها.
وبالتالي، فإن ما من خيار مطروح اليوم إلاّ عبر إقرار أحد المشاريع المطروحة في البرلمان، أو تأجيل التسريح بقرار حكومي.
وفي حين يؤكد بومنصف، بأن لا خيار اليوم غير التمديد لقائد الجيش، يوضح بأن الطريق لتحقيق هذا الأمر لا تزال غير واضحة بعد، إلاّ أن ما بات جلياً اليوم، وفي ضوء معارضة بكركي، هو سقوط خيار التعيين في مجلس الوزراء، وبالتالي عدم وجود إمكانية لتعيين رئيسٍ للأركان كي يتولى مهام قائد الجيش بعد 10 كانون الثاني المقبل، وهو ما سيشكل الفراغ الحقيقي عندما يتقاعد قائد الجيش، لأن الساحة الداخلية ستكون أمام أزمة غير مسبوقة.
وفي قراءةٍ لتطورات الميدان في الجنوب، يشدِّد بو منصف على أهمية تطبيق القرار 1701 الذي يعتبر الضمانة الأساسية لعدم حصول حرب واسعة، معتبراً أنه حتى الساعة، ما من قرار بحرب كبرى، رغم إعلان إسرائيل أن “حزب الله” قد ألقى الف صاروخ باتجاه المنطقة الشمالية، وبالتالي، فإن الخشية تبقى من أن تعجز إسرائيل عن تحقيق أي إنجاز في غزة، فتقوم بالعدوان على لبنان.
ويحذِّر بو منصف، من الخطأ الإستراتيجي المتمثل بالركون إلى الحديث عن قواعد اشتباك وعن بقاء الوضع تحت السيطرة، معتبراً أنه يجب الأخذ بعين الإعتبار أن إسرائيل تعمل لتحقيق أهدافها، خصوصاً وأن ما يحصل في الجنوب ليس مؤشراً على أن قواعد الإشتباك الحالية ستبقى قائمة في المرحلة المقبلة، أو أن رقعة العمليات لن تتخطى الحدود الجغرافية الحالية، ذلك أن أي عملية غير محسوبة من الممكن أن تؤدي إلى تفجير واسع النطاق.
ومن هنا، فإن لبنان كله يعيش على حافة الهاوية، بسبب ما يحصل في الجنوب، وما من منطقة ستكون خارج دائرة الإستهداف أو ستبقى بعيدة عن الحرب في حال قرّرت إسرائيل شنّ حرب شاملة على لبنان.