“التيار” يعدّ للمواجهة… التمديد = إنقلاب
“ليبانون ديبايت” – عبد الله قمح
هل يلجأ وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم إلى رفع اقتراحٍ ثلاثي إلى مجلس الوزراء، يقضي بتعيين قائدٍ جديد للجيش ورئيس للأركان والمواقع الشاغرة في المجلس العسكري رداً على احتمال لجوء الحكومة (أو مجلس النواب) إلى التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون؟ وتزامناً هل يمضي إلى خيار مخاطبة المجلس العسكري بضرورة تعيين أحد أعضائه لتسيير شؤون المؤسسة العسكرية، وذلك مع إحالة العماد عون إلى التقاعد في العاشر من كانون الثاني المقبل؟ سؤالان إفتراضيان لكنهما محتملين في ضوء ما يجري.
التوصيف الحالي لبقاء العماد عون في اليرزة من خلال “تمديدٍ” بأي صيغة أتت، هو “إنقلاب” وفق التوصيف الداخلي المتداول لدى “التيار الوطني الحر”. لذلك، يتحضّر “التيار”، و”جبهته” الوزارية لمواجهة “الإنقلاب” على ذات الوزن، لكن مع شرط الحفاظ على المؤسسة. وبحسب أوساط متابعة، يمتلك وزير الدفاع “سلّةً من الإجراءات والمخارج والقرارات لمواجهة الإنقلاب، وهو لن يقف مكتوف اليدين حيال ضرب إحدى أبرز صلاحياته، المتمثّلة في الموافقة سلفاً على أحد الخيارين: تأجيل التسريح أو التمديد”.
تقول المعلومات، إن “التيار” وضع حلفاءه بما فيهم “حزب الله” في أجواء جانب من خياراته في حال فرض التمديد عنوةً. وهو أوحى بأنه سيسير إلى النهاية في المواجهة. ويتردّد أن رسائل وصلت إلى الضاحية مصدرها رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون، تدلّ على أنه رفع سقف مواجهة التمديد إلى أقصاه، وبات يعتبر نفسه منخرطاً في هذه المواجهة، ما حتّم على الحزب، قراءة الموقف بعناية. ويقال إن الحزب “أخذ نفساً عميقاً” قبل القيام بأي خطوة تجنباً لاستفزاز ليس حليفه المسيحي فقط، إنما بكركي، التي أرسل إليها مبعوثاً بصفة رجل دين هو نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب أمس. وفي هذا الصدد، عاد الحزب للعب دورٍ يحاول من خلاله القول بأنه مع أيّ حلّ يجنّب المؤسسة العسكرية الفراغ، والبلاد أي انقسام سياسي.
تفيد جملة معطيات أن التمديد لقائد الجيش من خلال قرار صادر عن مجلس الوزراء باتت مسألة صعبة، وأن احتمالية الدعوة إلى جلسة حكومية الإثنين المقبل تتراجع شيئاً فشيئاً. وتولّدت قناعة لدى أكثر من طرف، مفادها رغبة الحكومة في إعفاء نفسها من أداء هذا الدور، لغياب النص أو الأساس القانوني المتين، إلى جانب رغبتها في المحافظة على التأييد المسيحي الموجود في الحد الأدنى.
عملياً، تمضي فرق سياسية مكوّنة من كتل نيابية في طريقها صوب بتّ التمديد في جلسة لمجلس النواب عبر تهيئة الأجواء لها، تقول مصادر “ليبانون ديبايت”، إن عناصرها شبه مكتملة بانتظار إعلان الأمانة العامة لمجلس النواب، مواعيد التئام هيئة المكتب لبتّ موضوع جدول الأعمال وتصبح الأمور سالكة. وفي تقدير المصادر، ما عاد ثمة خيار سوى محاولة بتّ التمديد في مجلس النواب تلافياً للشغور. خيار يحبّذه الحزب، تحديداً “الهارب” من وجه الرأس الداخلي والمتفرّغ لمعركة الجنوب، لكنه قد يولّد شرخاً في مجلس النواب.
على هذا الأساس، يتحضّر “التيار” للمواجهة، وهو قد أعدّ عدّته القانونية، وثمة من يقول إنه انتهى من “تركيب” سيناريو المواجهة في حال فرض التمديد، وإن وزير الدفاع سيشكِّل خط الدفاع الأول في هذه المعركة، وإن “التيار” يخوض عملياً “معركة حياة أو موت” في مواجهة قائد الجيش، الذي يمارس نفس الأسلوب تقريباً.
عملياً، كان الوزير قد مهّد لاقتحامه “مشهد المواجهة” من أوسع أبوابه، من خلال بيان وزّعه مكتبه الإعلامي منذ أيام، واتهم فيه ما أسماها “غرفة العمليات التي استُحدثت أخيراً في مقرٍ معروف ببث السموم والإشاعات والأكاذيب وتوزيع المقالات هنا وهناك ضمن أوركسترا متعدّدة المواهب”. وهدّد بأنه “سيجد نفسه مضطراً إلى فضح كل الممارسات الملتبسة والتجاوزات، وكل من يقف وراءها بالأسماء والأرقام والوثائق حتى تتوقف هذه المهازل المستمرة التي باتت تتجاوز الإساءة إلى شخص الوزير لتطاول المؤسسة الوطنية ضباطاً ورتباءً وأفراداً”.
في الواقع، ما دفع وزير الدفاع إلى الخروج، معطيات يمتلكها (أو يتهم قيادة الجيش بها) قوامها إنشاء فريق “القائد” غرفة عمليات في اليرزة تضم مجموعة من المحيطين به من إعلاميين وناشطين وخبراء في مجال العلاقات العامة والتواصل. وقد بلغ إلى الوزير أن بعضهم “أبرمَ اتفاقيات” مع وسائل إعلام ومواقع إلكترونية، ويقوم بتزويدها بمقالات وأخبار المقصود منها أن تطال وزير الدفاع إضافة إلى الترويج لفكرة التمديد لقائد الجيش، وإن بعضاً من هؤلاء، طلب مواعيد من مرجعيات سياسية ودينية وكتلاً نيابية بهدف الترويج لمشروع التمديد، وإن بعضهم أيضاً، أسّس “لوبياً” لتسويق التمديد مع نافذين، في حين يتولى آخرون نقل معلومات مغلوطة إلى صالونات سياسية تتصل بإجراءات اتخذها الوزير، وهي لم تحصل.
غير أنه، وعلى الرغم من حماوة المعركة، ثمة باب للفرج يحاول البعض فتحه، من خلال إعادة تنشيط “آلية التواصل” بين وزير الدفاع وقائد الجيش، محاولاً التأسيس على فكرة قوامها أن “اللعب على حافة الهاوية قد يدفع إلى فتح بعض الطوّق”، من خلال دعوة الطرفين إلى إجتماع “تصفية قلوب” والإتفاق على اليوم التالي. ما يعيق هذه الآلية، تمترس كل فريق خلف مواقفه، وعدم وجود رغبة سياسية واضحة بإبرام حلٍ في قيادة الجيش عبر الإتفاق، إنما من خلال افتعال مشكل ستكون المؤسسة ضحيته الأولى والأخيرة.