دلالات إيجابية حول الغاز في البلوك 9
منذ مغادرة منصة الحفر العابرة للمحيطات “ترانس أوشن بارونتس” لبنان الشهر الماضي، وتراجع الآمال التي كانت معلّقة على الغاز، دخل هذا الملف في دائرة المراوحة ولكن من دون أن تكون صفحة النفط والغاز قد طويت بشكلٍ نهائي، في ضوء الترقب للتقرير الرسمي الذي سوف تسلمه شركة “توتال” أو الكونسورتيوم النفطي لوزارة الطاقة من أجل دراسته وتحديد الخطوة المقبلة.
وعليه، ليس أمام لبنان اليوم سوى انتظار ان توافق “توتال” على حفر بئر ثانية في البلوك رقم 9 بعدما أتت نتيجة الحفر الاولى في الشهر الماضي مخيبة، لكن هذا القرار لا يبدو قريباً وهو ما يستدعي تحفيزاً من قبل وزارة الطاقة وهيئة إدارة البترول للشركة من أجل القيام بالحفر الإستكشافي مجدداً، وفق ما تشير الخبيرة في شؤون الطاقة المحامية كريستينا أبي حيدر، التي توضح أنه ما زال أمام الكونسورتيوم مهلةً حتى أيار من العام 2025 للعمل في البلوك رقم9 ، لأن ما من شركة تستطيع الدخول إلى هذا البلوك حالياً.
وتشدد الخبيرة والمحامية أبي حيدر، في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت”، على أن “توتال” لم تعلن موعداً جديداً لأي عملية حفر، ما يضع لبنان الرسمي وهيئة قطاع البترول ووزارة الطاقة، أمام تحدي القيام بواجباتهم وإقناع شركة “توتال” بالعودة مجدداً لاستئناف أعمال الحفر في بئر ثانية في البلوك نفسه خصوصاً بعد أن تتسلم الوزارة والهيئة، الملف الرسمي من الشركة وتدرسه”.
وعلى الرغم من أن “توتال” لم تسلّم بعد التقرير النهائي لوزارة الطاقة، تكشف أبي حيدر، معلومات مفادها أن النتائج كانت لها دلالات إيجابية ، وهي تشكل حافزاً للشركة وللدولة اللبنانية، لاستكمال هذا الملف.
ولم تر أبي حيدر، أية دلالات سلبية على مغادرة الحفّارة الشاطىء اللبناني، موضحةً أن الكونسورتيوم يتعاقد سنوياً مع الشركة الأميركية “ترانس أوشن بارنتس” التي تقوم بالحفر الإستكشافي، وهي مرتبطة بجدول زمني، وقد حدد عقدها مع “توتال” مدة زمنية للحفر، وبعدما انتهت المهلة وأنجزت العقد في لبنان، غادرت إلى قبرص لارتباطها بعقدٍ في قبرص.
ولذلك، تجد أبي حيدر أنه على “توتال”، وإذا كانت تملك النيّة بالحفر مجدداً، أن تجدد العقد مع الحفارة أو أن تتعاقد مع حفّارة ثانية، وتختار الموعد الزمني الأقرب، لأن جدول أعمال هذه الشركات، غالباً ما يكون حافلاً بالمواعيد.
أمّا بالنسبة للبلوكين رقم 8 و10 ، فتعتبر أبي حيدر، أنه في حال تقدم الكونسورتيوم الحالي للعمل فيهما، على الوزارة أن توافق، وذلك لسببٍ وحيد وهو أن ما من شركة قد تقدمت بأي عرض، خصوصاً وأنه لم يتبيّن وجود مخزون تجاري في البئر التي تمّ حفرها في البلوك رقم 9، مشيرةً إلى أنه لو تمّ اكتشاف كميات تجارية، عندها كان يمكن للوزارة أن ترفض وأن وترفع الأسعار، ولكن وتحسّباً لعدم تقديم أي شركة للمناقصة عليها أن توافق، ولكن لا يجب أن تكون شروط العقد مجحفة للدولة اللبنانية، بل أن تكون عادلة للطرفين، في ضوء ما يتردد عن منح مهلة سنة للكونسورتيوم للحفر الإستكشافي أو الرحيل، وعندها يكون الكونسورتيوم قد وضع يده على البلوك، ومنع غيره من الشركات بأن تتقدم للمناقصة.
وعن شروط الإستثمار في هذا القطاع، تؤكد أبي حيدر أن الدولة اللبنانية لا تتكبد أية نفقات في هذه العملية لأن كونسورتيوم الشركات يرصد مبالغ طائلة للحفر، وهذا الإستثمار يستدعي استقراراً أمنياً بشكلٍ خاص، وهو لم يبدأ العمل إلاّ بعد إنجاز اتفاق الترسيم البحري، وبالتالي فإن الإستقرار اليوم غير متوفر كما الإستقرار السياسي والجغرافي، كما أنه في ظل الفراغ الرئاسي وضعف المؤسسات الرسمية، تتردد الشركات الكبرى في الإستثمار في أي بلد.
وتخلص أبي حيدر إلى أنه في الوقت الضائع اليوم وبانتظار استقرار الوضع الأمني في الجنوب، على الدولة أن تعمل لتأمين كل مقومات الإستثمار من استقرار وإصلاحات إقتصادية، لأن اكتشاف كميات تجارية، يفترض وجود بنية تحتية إقتصادية ملائمة وقطاعاً مصرفياً قوياً ومؤسسات رسمية لإنجاز المعاملات المطلوبة، بينما الإقتصاد اللبناني في أزمة، والقطاع المصرفي يترقب إعادة الهيكلة، فيما البلد يستعد لموجة من الضرائب التي ستؤدي إلى الإنكماش وإلى “هروب” المستثمرين.