كولوكيوم ومعادلات مزوّرة: انكشاف شبكة الفساد
لم تُقفل قضيّة الموقوفين في تزوير الشهادات وتلقي الرشى في المعادلات والمصادقات في #وزارة التربية، إذ تتكشف فضائح لدى موظفين محميّين سياسياً وطائفياً عن مخالفات معشّشة في المكاتب منذ سنوات وراكم أصحابها أموالاً وصلت لدى بعضهم إلى مئات آلاف الدولارات. ولا تزال تصدر مذكرات بحث وتحرٍّ أو إجراء تحقيقات مع بعض المشتبه فيهم أو المتورطين، خصوصاً أن التوقيفات والإحالة إلى القضاء لم تقتصر فقط على موظفين في التربية بل طالت مندوبي جامعات متورطة في ملفات تزوير للطلاب العراقيين.
تتحدث المعلومات عن أن عدد الموقوفين تخطى الـ13، بينهم مسؤولون في التربية وعلى رأس أمانات السر في المعادلات والكولوكيوم والمصادقات. وطالت التوقيفات أخيراً موظفاً رفع وزير التربية عباس الحلبي الغطاء عنه، تبيّن أنه في مكتبه، إذ قالت المصادر إن الوزير فتح الباب واسعاً للتوقيفات من دون أي تدخل بهدف ضبط ما يحدث من ممارسات مخالفة للقانون، متوارثة وممتدّة منذ سنوات طويلة، وأدّت بسبب التدخلات إلى تحويل بعض المكاتب إلى محميّات مستقلة يمارس القائمون عليها شتى أنواع التزوير بالتواصل مع مافيات السماسرة، والذي وصل إلى استصدار كولوكيوم لأطباء تمكنهم من مزاولة المهنة من دون نجاح.
لم يتأخر وزير التربية في تكليف موظفين لمتابعة الأعمال في أمانتي سر المعادلات والمصادقات، أولاً لإنجاز العدد الهائل من الشهادات للطلاب ال#لبنانيين والأجانب ولا سيما العراقيين، وثانياً الأهم، لإعادة ضبط العمل الإداري في التربية انطلاقاً من الخطة الإصلاحية التي أطلقها قبل أشهر، لكنها لا تكتمل من دون إجراءات تطال كل الهيكل التربوي، عبر وضع أسس جديدة وشروط تنظم العمل من دون تدخلات خارجية. ولعل ما حدث كان مناسبة لإعادة انتظام العمل رغم الصعوبات، إذ تقرر على مستوى التعليم العالي، تعديل نظام عمل اللجان الفاحصة للكولوكيوم بحيث تصبح مشابهة لامتحانات مجلس الخدمة المدنية، وعليه تجتمع اللجان الفاحصة في الصباح لوضع الاختبار الخطي وتبقى في حالة اجتماع مغلق حتى توزيع المسابقات. فيما كُلف موظف لمتابعة أمانة سر المعادلات والكولوكيوم، بعدما تبين أن التزوير كان يطال كل شيء بما في ذلك إصدار معادلات لاختصاصات تبيّن أن الجامعات لا تدرّسها.
وكُلّف موظف فُرز من التعليم المهني والتقني لأمانة سر المصادقات بعد توقيف الموظفة الأولى، للإسراع في إنجاز المعاملات المتراكمة.
يتبيّن وفق المعلومات وما تنقله مصادر تربوية أن شبكة الفساد مترابطة بين موظفين في الوزارة ومندوبي جامعات وسماسرة كانوا يتحكمون بكل مفاصل الوزارة. وتنقل المصادر أن أحد الموظفين الكبار كان يتلقى أكثر من ألفي دولار عن المعاملة الواحدة.
أجواء وزير التربية تشير إلى إدراكه أن المشكلة بنيوية في الوزارة، والمسألة لا تتعلق فقط بموظف هنا أو هناك، بل بمناخ توفره المحميّات، وهو أمر يحتاج إلى السير بالخطة الإصلاحية التي تحتاج إلى ترسيخ نهج جديد يمنع التدخلات وإعادة استنساخ أو ظهور شبكات الفساد التي تغطى بالاستقواء السياسي والطائفي. والأمر مرتبط أيضاً بمراسيم وإصدار قوانين تكرّس واقعاً مختلفاً.
تلقي الرشى والسمسرة هما جزء من التزوير الذي يطال الشهادات والمعادلات والمصادقات. فتفكيك شبكة الفساد التي تكشفت بعد شكاوى وخلافات بين مندوبي الجامعات والسماسرة والموظفين المتورطين، يجب أن لا يقتصر على الجانب الأمني، بل بإعادة الهيكلة من خلال الإصلاح الذي يواجه صعوبات بفعل الموروثات والتراكمات الناجمة وصولاً إلى الجامعات. وهذا التفكيك يمكن أن يحل مشكلة شهادات العراقيين ومعادلات اللبنانيين.
“النهار”- ابراهيم حيدر