اخبار دولية

الحركة والنار”… والأشباح في الإنتظار

وجّه الصحافي الأميركي توماس فريدمان، نصيحةً لإسرائيل في مقالته منذ ايام، دعاها فيها إلى وقف النار الشامل والخروج من غزة، معتبراً أنها ستحقق بذلك 5 أهداف، توقف عندها الخبير والمحلل العسكري العميد المتقاعد ناجي ملاعب، وعددها كالآتي: “أولاً أنها ستظهر بأنها تلبّي رغبةً عالمية عبر وقف نار إنساني وخروج، وثانياً تجنب الخسارة عبر البقاء في غزة وإعادة الإعمار وإعادة الأهالي، والذي هو مهمة “وسخة” لإسرائيل وعلى الآخرين تحمّل أعباء إعادة الإعمار وليس إسرائيل، وثالثاً دفع حركة “حماس” للتحسب قبل أي عملية ضد إسرائيل في المستقبل، ورابعاً استئناف التطبيع مع الدول العربية، وخامساً سحب فتيل الحرب في الشمال مع “حزب الله”، حيث ينتفي دوره المساند لغزة.

ويقول المحلل ملاعب في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت”، إنه وبعد مرور 10 أيام على العملية البرية الثانية، فشلت إسرائيل في تحقيق أي هدف في ظل الدعم الأميركي الكامل، وعلى الرغم من ضغط الشارع في الغرب، والذي كان من المتوقع أن يرسم حدوداً للدعم العسكري اللامحدود، كما أن التعتيم الإعلامي الإسرائيلي قد انقلب ضد إسرائيل بعد صور الجرحى والقتلى الإسرائيليين، والتي دفعت ضباطاً إسرائيلين سابقين، للحديث عن مفاجأتهم من صمود حماس ومقاومتها الشرسة.

وفي هذا الإطار، ميّز ملاعب، بين القرار السياسي والحرب على الأرض في غزة، مؤكداً أن “إسرائيل فوجئت بالعملية الهجومية وجرّت جيشها إلى عملٍ إنتقامي، لكن الحرب دونها محاذير لدى العسكر، مهما كانت الأوامر بالقتل والتدمير”.

وكشف ملاعب، عن “حالة تململ عند العسكر، لأنه على كبار الضباط أن يكونوا في مقدمة المهاجمين على الأرض، ولذلك نرى قتل ضباط كبار في إسرائيل، والذي ينتج عنه إرباك في صفوف الجنود، لأنه عندما يقتل القائد هناك نائب له، ولكن العقيدة القتالية التي يملكها القائد ويحرك جنوده على أساسها، تسقط، بمعنى أن هناك حاجة لإعادة هيكلة الكتيبة أو القطعة على الأرض، خصوصاً عندما تفقد الكثير من عناصرها وهذا يستلزم وقتاً”.

وانطلاقاً من هذه المعطيات، أكد ملاعب أنه ” من الناحية العسكرية، يستطيع الإسرائيلي الدخول بدبابته إلى أي شارع، ولكن النزول على الأرض حيث تنتظره الكمائن والأشباح التي تخرج من الأنفاق، يربك العدو الذي يحسب ألف حساب للحرب البرية”.

وبالتالي، فإن مسار المعارك في جنوب غزة المكتظّة، يختلف عن شمالها، حيث تمكن المدافعون من التحرك بحرية والمقاومة بضراوة إذ لا خوف على المدنيين، وفق ملاعب، الذي لاحظ أن “الإكتظاظ السكاني في خان يونس ودير البلح، ليس لصالح العدو لأنه كلما تقدم كلما عرّض نفسه لكمائن، وبالتالي فإن الطريقة التي يعتمدها عبر مبدأ الحركة والنار، أي أنه يقوم بحركة يواكبها بالنار ثم يستقر، وعندما يستقرّ وينشر جنوده على أسطح المباني للقنص، يخوض المعارك لأن المباني ليست فارغة، ولذلك لا يستطيع القول إنه استقرّ في الشمال ولا في الجنوب، وكل المشاهد التي تُعرض، هي في تقاطعات الطرق والطرق الرئيسية، ولكن هذا لم ينفعه، ما يجعل من المرحلة الحالية، مرحلة فشل إسرائيلي ولو كان هناك ما يسمّونه نصراً تكتيكياً وبأنه دخل غزة”.

وفي خلاصة هذا المشهد، اعتبر ملاعب، أن “الأهمّ هنا هو أن القدرات العسكرية لحركة حماس، أثبتت وجودها للعدو الإسرائيلي الذي خسر الرأي العام الدولي، لأن الجيل الجديد في العالم لم يكن يعرف القضية الفلسطينية وبالتالي، هذه المقاومة استطاعت إحياء فلسطين إلى الواجهة العالمية، وفي كل حرب يسقط ضحايا مدنيون، لكن من خسر عالمياً هو إسرائيل ومن ربح عالمياً هو فلسطين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى