هل خرج “التيار الوطني” من الوجدان المسيحي
لم تكن نتيجة الصراع النادر، وغير المسبوق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، غير معزولة عن المناخ العام المحلي والدولي الداعم بقوة لحماية المؤسسة العسكرية، ومنع شبح الفراغ من التحكّم بها. فإقرار المجلس النيابي لقانون رفع سن التقاعد للضباط من رتبة لواء وعماد، كان المقاربة الوحيدة من أجل الخروج من هذا الصراع، وإن كان ما زال أمام قانون التمديد، عقدة قد تنجم عن تقديم طعن أمام المجلس الدستوري.
وفي هذا السياق، قرأت مصادر سياسية مسيحية، “ما حصل بالأمس في المجلس النيابي، بأنه أولاً نتيجة مشهد حكومي ومشهد نيابي، بحيث كان واضحاً أن هناك وضعية سياسية مسيحية واسعة وفاعلة، بدءاً من بكركي التي ذهبت إلى النهاية في هذا الملف، وأيضاً القوات اللبنانية التي دخلت بكل قوتها فيه، والكتل المسيحية الأخرى كالكتائب والأحرار والرأي العام المسيحي بأجمعه، والذي كان يتوجّس من عدم تمرير التمديد وامتداد الشغور إلى قيادة الجيش، ما يؤدي إلى استمرار الثنائي الشيعي في وضع يده على مؤسسات الدولة الواحدة تلو الأخرى، لكن المعركة إنحصرت بين المسيحيين، وبنتيجتها خرج التيار الوطني الحر من الوجدان المسيحي، وبالتالي، أضحى هناك وضع مسيحي كبير ضاغط جداً باتجاه التمديد، بحيث بات أن من سيذهب باتجاه إسقاطه سيضع نفسه في مواجهة المسيحيين”.
أما العنوان الثاني، تابعت المصادر، “أن هناك معارضة تقاطعت، بعد توحيد اقتراحات القوانين بين الكتل النيابية مع السنّة بالنسبة للعماد عماد عثمان، كما تقاطعت الكتل بين الحزب التقدمي الإشتراكي والإعتدال السنّي، وبين الكتل النيابية المعارِضة الأخرى الموجودة أي ميشال معوض وأشرف ريفي وفؤاد مخزومي، فخلقت هذه التقاطعات وضعية معارِضة وازنة دعماً للتمديد”.
أما العنوان الثالث، بحسب المصادر عينها، الوضعية الدولية، أي اللجنة الخماسية الحريصة على الجيش اللبناني وعلى دوره ودعمه كآخر واحة استقرار في لبنان، وبالتالي، كان هناك ضغط هائل من قبل المجتمع الدولي لإبقاء القديم على قدمه، في الوقت الذي يتفلّت فيه البلد من كل الضوابط الموجودة، لذا عمل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على رمي الكرة في ملعب مجلس النواب كي لا يضع نفسه في مواجهة الوضع المسيحي برمّته، أو في وجه المعارضة بشكل عام، وأيضاً أن لا يضع نفسه في وجه المؤسسة العسكرية التي تشكّل ضمانة، وفي وجه المجتمع الدولي، وبالتالي اعتمد الطريقة وأدار من خلالها الأمور حتى تمّ إخراج ملف التمديد بالطريقة التي رأيناها”.