توحيد سعر الصرف… الشّروط غير متوفرة
توحيد سعر صرف الليرة مقابل الدولار، انطلاقاً من إلغاء تعدّدية الأسعار التي يعتمدها مصرف لبنان، شكّل محور الاجتماع الذي عقد الاثنين الفائت بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وحاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري. وفي خطوة قد تكون تمهيدية لهذا الاجراء، أعلن مصرف لبنان امس عن رفع سعر الصرف على “منصّة صيرفة” إلى 89500 ليرة للدولار، ما يجعله مساوياً لسعر السوق الحرّة. فهل حان الوقت لإلغاء هذه التعددية؟
يشير الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة عبر وكالة “أخبار اليوم” الى ان توحيد سعر الصرف يكون من خلال الاصلاحات، موضحا ان العملة تعكس ثروة البلد، وبالتالي يفترض طبع العملة بقدر حاجة الاقتصاد، وحين يصبح الطبع اكبر من تلك الحاجة تنخفض قيمتها، وفي حال كان الطبع اقل من الحاجة فيضيق الاقتصاد.
ويلفت عجاقة الى ان السياسة النقدية تعني ترجمة النمو الاقتصادي الى طبع الاموال او سحبها بحسب الواقع، وهنا المصرف المركزي يستخدم اداة الفائدة، يرفعها او يخفّضها، وفق الحاجة لسحب الاموال من السوق، اما ما هو حاصل في لبنان فهو كليا مختلف، لان استخدام اداة الفائدة يحتاح الى قطاع مصرفي فاعل.
ويذكّر عجاقة انه في فترة سابقة لجأ مصرف لبنان الى التعميم 161 لسحب الليرات من السوق واستبدالها بالدولار، لكن بعض وقف العمل بهذا التعميم لم يعد لدى مصرف لبنان القدرة على التدخل مباشرة بالسوق، بل هو فقط يعطي رواتب الموظفين بالدولار ويشتري الدولار لصالح الدولة من السوق.
كيف يتم اذا امتصاص الكتلة النقدية؟ يقول عجاقة: يتم ذلك بواسطة الدولة اللبنانية التي فرضت وتتجه الى فرض المزيد من الضرائب التي تستوفيها “كاش”، علما ان الدولة تضع هذه الاموال في حسابها في مصرف لبنان الذي يحمل الرقم 36، بهذه الاموال يعمد المركزي الى استبدالها بالدولار الموجود في السوق، لكن هذا ليس عملا طبيعيا للماكينة الاقتصادية.
وماذا عن استقرار سعر الصرف؟ يصفه عجاقة بـ”الاصطناعي”، موضحا انه ثابت منذ فترة لسببين: اولا، هناك جهة سياسية معينة ضبطت المضاربين في السوق السوداء. ثانيا: في آذار الفائت حين لامس الدولار سقف الـ 143 الفا عمد مصرف لبنان الى امتصاص الليرة من السوق التي اصبحت سلعة، وليست عملة تخدم الاقتصاد، وما ساعد في ذلك ايضا هو دولرة الاقتصاد، ما ساهم ايضا في سحب الليرات من السوق.
وهنا يعتبر عجاقة ان الليرة التي من المفترض ان تخدم الاقتصاد لم تعد قادرة على القيام بهذه المهمة، وكل ذلك يعود الى السياسة النقدية التي من مهمتها ان تضخ الليرة من السوق بما يخدم حاجة الاقتصاد او تسحب الفائض كي تحافظ على قيمة العملة، مكررا ان هذا الدور غير موجود راهنا.
واذ يشير الى ان العناصر الاساسية لتوحيد سعر الصرف غير متوافرة، يشدد عجاقة على ان هذا التوحيد يحتاج الى عدة شروط من ابرزها:
– ضبط الحدود والحؤول دون استمرار التهريب.
– اقرار الكابيتال كونترول بما يؤدي الى ضبط حجم الكتلة النقدية بالليرة وبالدولار.
– اعادة هيكلة القطاع المصرفي، اذ من دون هذا القطاع -الذي يعتبر القناة الاولى الشرعية والرسمية لاقتصاد طبيعي- فان الكلام عن السياسة النقدية سيكون عبثيا.
– على الدولة ان تضع موازنة تحدد فيها الحاجة الى الدولار.
– اعادة هيكلة القطاع العام حيث تستهلك الاجور نسبة كبيرة من موازنة الدولة، علما ان هذا الانفاق هو بالدولار لان قيمته بالعملة اللبنانية مرتفعة، وهو يؤثر سلبا على سعر الصرف.
ويخلص عجاقة الى القول: اذا تم تحرير سعر الصرف على منصة “صيرفة بلومبرغ”، فلا يمكن باي شكل من الاشكال وقف المضاربة، لان بلومبورغ عالمية مفتوحة امام الجميع اكان في الداخل او الخارج، وبالتالي تصبح المضاربة على الليرة اللبنانية كبيرة جدا.
عمر الراسي -“أخبار اليوم”