ملف الإنترنت غير الشرعي والمحفظة الإلكترونية… هذا ما كشفه القرم
في آخر جلسة عقدتها لجنة الاتصالات النيابية يوم أمس، قبل الدخول في عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، حضرت خمسة ملفات شائكة على جدول أعمال الجلسة التي حضرها وزير الاتصالات جوني القرم إلى جانب رئيس وأعضاء اللجنة.
– خدمة Over the Top أو ما يعرف بـ OTT هي من الخدمات المتاحة بحرّيّة على الإنترنت، ويقدّمها حالياً عدد من الشركات، من دون الحاجة إلى أي ترخيص. إلا أن وزارة الاتّصالات عرضت على مجلس الوزراء طلب هيئة أوجيرو تقديم الخدمة بالشراكة مع مرخّصي ومقدّمي هذا المحتوى، مع أن الخدمة كما يؤكّد خبراء لا تحتاج بالأساس إلى بنيتها التحتية.
– المحفظة الإلكترونية أو الـE-WALLET ومحاولات شركتي الاتصالات «تاتش» و»ألفا» تلزيم الخدمة لشركات خاصة، خلافاً لرأي هيئة الشراء العام التي رأت أن الخيار الأساسي هو أن تتولّى «تاتش» و»ألفا» تنفيذ الخدمة بأنفسهما.
– خدمة الإنترنت عبر شبكة الأقمار الاصطناعية STARLINK والتي أسقطها مجلس الوزراء من خطّة الطوارئ التي كان وزير الاتصالات قد تقدّم بها، حيث كان طلب الوزير يقضي بالترخيص المؤقت للشركة بهدف تشغيل 150 جهازاً قدّمت كهبة من مؤسسة P FOUDATION الأميركية، إلا أنّ حكومة تصريف الأعمال تحفّظت على قبول هذه الهبة، من دون أن ترفض البحث في إدخال خدمة «ستارلينك» إلى لبنان، مكلّفة وزير الاتصالات «إعداد الدراسات اللازمة لتنظيم الإطار التجاري لعمل الشركة في لبنان وفقاً للأصول، وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية والعسكرية المختصة».
تلزيم البريد، وهو الملفّ الذي استغرق جدلاً طويلاً طوال العام 2023 ولم ينته مع إصدار ديوان المحاسبة قرارين، رفض بموجبهما نتائج الالتزام الذي أرسته الوزارة مؤقتاً على تحالف شركتي ميريت إنفست ش. م. ل. اللبنانية وColis Privé France. فنقل وزير الاتصالات النقاش حول قرار الديوان إلى مجلس الوزراء، الذي أصدر قراره بتاريخ 16 تشرين الثاني بإعادة المزايدة، مع تمديد عقد «ليبان بوست» لغاية توقيع العقد مع مشغّل جديد، على أن تعمل الوزارة في هذه الأثناء على تعديل جداول أسعار الخدمات البريدية إلى حين إطلاق المزايدة التالية وتسلّم القطاع من قبل الملتزم الفائز.
– أما الملفّ الأخير الذي طرح على جدول أعمال الجلسة، فكان موضوع شبكات الإنترنت المنشأة خلافاً للقانون، وإجراءات الوزارة تجاهها.
لا إجابات شافية
إلا أنه على الرغم من أهمية كل من هذه الملفات التي طرحت، لا يبدو أن لجنة الاتصالات قد وصلت وفقاً لمقرّرها النائب ياسين ياسين إلى إجابات شافية حول أي منها، وبالتالي رحّل النقاش حولها إلى العام المقبل، حيث يرتقب أن تتحوّل بعض الملفات، ومنها خدمة الـOTT وملف خدمة المحفظة الإلكترونية، إلى موضوع مساءلة نيابية.
ووفقاً للمعلومات، فإنّ الوزير القرم طلب دعوة ممثلي الشركات التي تقدّم هذه الخدمات إلى جلسة لجنة الاتصالات النيابية لتقديم إجابات إضافية عبر خبرائها لكونه يستقي معلوماته الفنية والتقنية منهم، مع العلم أن القرم أظهر أيضاً توجّهاً لصرف النظر عن تأمين بعض هذه الخدمات، ما لم يتمّ تنفيذها عبر شريك من القطاع الخاص. الأمر الذي ناقشه مقرّر اللجنة ياسين ياسين مطوّلاً مع وزير الاتصالات، بعد أن أظهر له نماذج عن طرق تقديم الخدمة في دول أخرى، ومن بينها دول عربية كالأردن ومصر، حيث لم تتخل الشركات المشغّلة للاتصالات فيها عن امتيازاتها بتقديم هذه الخدمات والاحتفاظ بأرباحها.
أما إجابات وزير الاتصالات حول خدمة الإنترنت عبر شبكة ستارلينك، فلم تكن أيضاً كافية لأعضاء اللجنة وفقاً لما كشفه ياسين، وفيما لم يتمّ التوسّع بالنقاش حول ملف شبكات الإنترنت المنشأة خلافاً للقانون، فإنّ موضوع البريد، وتكليف الحكومة لوزير الاتصالات بإطلاق مزايدة جديدة له، استدرج جميع أعضاء اللجنة إلى نقاش واسع، وخصوصاً عندما تحدث القرم عن فترة طويلة، قد تصل لعامين ستستغرقها عملية إعادة إطلاق المزايدة، من دون أن تتوضح بالنسبة إلى اللجنة الخطوات التي بدأها لتحسين موقع الدولة من العقد الممدّد مع «ليبان بوست».
بالنسبة إلى الوزير القرم في المقابل، فإن الوقت المتوفر لديه لم يكن كافياً لتقديم كافة الشروحات حول جميع الملفات التي طرحت، خصوصاً أنه لم يتبلّغ بانعقاد الجلسة قبل وقت طويل من انعقادها كما أشار لـ»نداء الوطن».
إيضاحات القرم
وفي إجابته عن الأسئلة التي طرحتها عليه «نداء الوطن» حول الملفات التي نوقشت في الجلسة، عرض القرم الملخّص التالي:
– بالنسبة لملف OTT أشار إلى أنّ الوزارة أخذت رأي هيئة الاستشارات بالموافقة، كما أنها عرضت الأمر على هيئة الشراء العام، وهي حالياً تتفاوض مع شركة محددة على عقد موجود لدى القانونيين لن يكون حصرياً، وعندما ينتهي وضع العقد سيعرض على ديوان المحاسبة. واعتبر القرم أنّ إنشاء هذه الخدمة يؤمّن تنافساً شرعياً بين الدولة والقطاع الخاص، علماً أنها «لن تكبّد الدولة أي تكاليف ولكنها ستوفّر إيرادات، لأنّ المنصة ستكون هبة يمكن لأي مقدّم محتوى استخدامها، لقاء نسبة أرباح تتقاضاها الدولة، وبالتالي كلّما كان أصحاب المحتوى أكثر يكون ذلك أفضل لنا».
– بالنسبة إلى ملف المحفظة الإلكترونية، قال القرم إنّه أوقف مناقشة هذا المشروع حالياً، ولن يكون هناك تعاقد مع أي شركة. إلا أنه كما شرح، أبلغ اللجنة عن تفاجئه بإجابة هيئة الشراء العام متسائلاً «إلى أي مادة بقانون الشراء العام استندت لتوصي بتنفيذ الخدمة من خلال شركتي الاتصالات، لأنني حتى كوزير وصاية إذا أعربت الشركتان عن عدم قدرتهما على تنفيذ المشروع لا يمكن أن ألزمهما بذلك». ورأى أنّ «ما تطلبه هيئة الشراء العام يعني تغيير النظام الداخلي للشركة، والحصول على رخصة من مصرف لبنان، ومن ثم إجراء مناقصة للاستحصال على نظام الـSOFTWARE من الخارج وتوظيف من يشغل هذه الأنظمة، وهذه أمور ذكرها كلها النائب ياسين. في وقت أنّ شركة «سيول» التي كانت شركة «ألفا» تجري نقاشاً للتعاقد معها لديها الموظفون المختصون بذلك، وقد تقدّمت بعرضها إلى جانب ثلاث شركات أخرى، وسلّمنا ملفاتها إلى لجنة الاتصالات، والتي تظهر أن واردات الدولة من عملية التلزيم كانت ستصل إلى مليون و340 ألف دولار خلال ثلاث سنوات».
حول ملف ستارلينك قال إنّ هذا المشروع توقّف أيضاً، مكرّراً أنّ «الموضوع يحتاج إلى موافقات أمنية، وما إذا كانت الأجهزة الأمنية موافقة على السير بالموضوع ليس كتجربة إنما كتعاقد نهائي. هذا بالإضافة إلى أنه ليس واضحاً لدينا حتى الآن ما إذا كانت ستارلينك تريد أن تؤمّن الخدمة بلبنان، علماً أنه على المدى الطويل هناك اقتراحات دراسات تجارية حول هذا الموضوع تؤكد أنه ليس على الوزارة الاستثمار بأي ليرة، وفي الوقت نفسه هناك إمكانية لتحقيق الأرباح، وأن هذا لا يتضارب مع الشبكة الموجودة حالياً كون الخدمة ستكون أغلى بكثير».
– في موضوع التزام البريد قال «كنت واضحاً أنه بمجرد رفض التلزيم الأخير عدنا إلى «ليبان بوست». طلب مني مجلس الوزراء تعديل الأسعار، ولكن لا يمكنني تعديل الأسعار إلا بموافقة ديوان المحاسبة، وبالتالي هذا الأمر سيستغرق وقتاً». وذكر في هذا الإطار أنه تلقّى اقتراحاً بالتعديلات من «ليبان بوست» وحوّله إلى مدير عام الوزارة لدراسته.
ولكن هل بدأ التحضير لمزايدة جديدة؟
أجاب «ليس تهويلاً، ولكن إذا كنت سأتقيّد بقرار ديوان المحاسبة، فإنّ عملية التلزيم الجديدة ستستغرق وقتاً، لأنه أولاً يجب تحضير دفتر شروط لإطلاق مناقصة دراسة جدوى، علماً أنه في المزايدات السابقة لم نكلّف الدولة ولا ليرة، وقمنا بالدراسات داخلياً وبالاشتراك مع دار الهندسة، أما اليوم فنحن بحاجة إلى اعتمادات، مع الإشارة إلى أنّ الدراسة التي أعدت عام 1997 كلّفتنا 4 ملايين دولار. ومع ذلك أرسلنا الأمر إلى المدير العام بانتظار إجابته التي سنرسلها إلى مجلس الوزراء لتأمين التمويل».
أما في ملف الإنترنت غير الشرعي، فاعتبر القرم أنه موضوع متشعّب. ولكنه أشار إلى أنّ اجتماعات دورية تُعقد مرتين أسبوعياً حول هذا الموضوع الذي طرأت عليه إشكالية بالنسبة إلى آلية تنفيذ المرسوم 9458 المتعلّق بعملية التنظيم. وقد تمّ تحديد الآلية بقرار أرسل إلى هيئة الصيانة والاستثمار، وبالتالي ستنتهي مهلة التنفيذ في الشهر المقبل، مشيراً إلى أنّ القرار هو بتكليف الشركات كلّها بدفع كل حقوق الدولة بدءاً بالعام 2017 إلى الآن مع استمرار التكليف لحين ضبط الشبكة. وتحدّث عن قلب في معادلة معالجة هذا الملف، بحيث باتت للشركات مصلحة بضبط الشبكة.
لوسي بارسخيان-نداء الوطن