الإنتقام لن يأتي من لبنان
لا يبدو التصعيد العسكري الواضح في الساعات الماضية على الجبهة الجنوبية، معزولاً عن مشهد التصعيد في المنطقة وليس فقط في غزة، خصوصاً وأن وتيرة تصاعد العمليات قد ارتفعت على أثر عملية اغتيال العميد الإيراني في الحرس الثوري رضي موسوي في سوريا.
لكن الكاتب والمحلِّل السياسي جورج شاهين، يقلِّل من الترابط بين الحدثين، معتبراً أنها “ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها إسرائيل قيادات مشتركة من الحرس الثوري الإيراني و”حزب الله”، رغم أن العملية كانت “موجعة للجانب الأيراني بعدما طالت قائد قوات الحرس الثوري في سوريا ورئيس مكتب التعاون والتنسيق بين دمشق وطهران والضاحية الجنوبية، وقد اعترف الحزب في بيان نعي الموسوي، بأن له الفضل الكبير في التنسيق مع الحزب، وأنه أحد مساعدي اللواء قاسم سليماني”.
ويرى المحلِّل شاهين في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت”، أن “عملية الإغتيال بحد ذاتها، “تُعد إنجازاً إستخبارياً قوياً، فالموسوي ليس له مقرّ دائم في إيران، وهو يتنقل بمعدل شبه يومي بين مركزٍ وآخر، إلاّ أن العملية التي استهدفته في مقّر السيدة زينب، كانت لها أكثر من رمزية، الأولى تقول إن أسرائيل استبقت الولايات المتحدة الأميركية بالردّ على إيران برعايتها لميليشياتها في المنطقة، ولا سيّما ما يقوم به الحوثيون في اليمن، إذ ليس هناك من تفسيرٍ آخر لاستهداف شخصية عسكرية إيرانية بهذا الحجم، سوى ما يجري في اليمن”.
فما يجري على الجبهة الجنوبية في لبنان، “لا يرتدي الأهمية نفسها لما يجري في اليمن”، يكشف شاهين، الذي يتحدث عن “أمرٍ موجع أشار إليه أحد المسؤولين الإسرائيليين، الذي طالب بأن يعي العالم اليوم مدى خطورة ما تقوم به اليمن، وهو يتفوّق على ما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة، فالجميع يدرك أن خطوط التواصل كانت مقطوعة في الفترة الأخيرة بين حماس وإيران ودمشق، وليس هناك سوى خيط رفيع يربطها بالإستراتيجية الكبرى للمقاومة التي يعتمدها محور الممانعة في المنطقة”.
أمّا الرمزية الثانية، فيعتبر شاهين، أنها “استكمال ضرب الأهداف الإيرانية في سوريا بعدما أخرج الطيران الإسرائيلي عدة مطارات عسكرية مطار حلب ومطار بيفور عن الخدمة على خطّ طهران – دمشق”.
وعن طبيعة وشكل وتوقيت الردّ الإيراني، أو ردّ الحزب من الجنوب، لا يتوقع شاهين “رداً تقليدياً، لأن كل ما أظهرته الحركة الديبلوماسية المتسارعة التي جرت بين بيروت وطهران في الساعات الأخيرة الماضية، كشفت عن أمرٍ مهم، وهو أن القرار الإيراني بالرد على العملية، لا يشمل الساحة اللبنانية ولا جنوب لبنان، وهذا ما تبلّغته الدبلوماسية اللبنانية بشكلٍ من الأشكال، وذلك لأن لبنان تحرّك على هذا الخط وسط مخاوف من ردٍ محتمل من لبنان، فجاء الجواب من طهران أن الردّ لن يكون مصدره لبنان”.
أمّا طبيعة الردّ، فيؤكد شاهين أنه سيكون “أمنياً إستخبارياً عبر الساحتين السورية أو العراقية أو من اليمن، فكل هذه الخيارات مطروحة على الساحة ما عدا الخيار اللبناني، وبالتالي، أينما كان ردّ الفعل، المهمّ أن الساحة اللبنانية خارج هذه المواجهة، حتى أن بيان النعي الذي أصدره حزب الله، لم يُشر كما أشار سابقاً عن الرد، بعدما كان يقول بأن أي استهداف لإيرانيين في دمشق سيكون ردّه موجعاً عليه، عدا عن تحذيره السابق الذي قال بأن الساحتين السورية واللبنانية بالنسبة للحزب ومقاتليه، هي واحدة، وأي استهداف للحزب في سوريا يعني أنه في لبنان والعكس صحيح، ولكن في الفترة الأخيرة، تراجع الحزب عن ذلك، والدليل أن عمليات إسرائيلية ضد مجموعة من القياديين في منطقة مقابل الجولان المحتلة، قد عبرت من دون أي رد فعل، على الرغم من أن الحرب كانت مشتعلة على الحدود الجنوبية منذ 8 تشرين الأول، إنما ربطاً بمساندة غزة وليس ردًا على أية عملية إسرائيلية نُفِّذت في قلب سوريا”.
ومن ضمن هذا السياق، يشير شاهين إلى أن “الموسوي، كان قائد قوات الحرس الثوري في دمشق، وهو شخصية معروفة ودوره لم يكن “مخابراتياً سرياً، بل هو مسؤول معروف شارك بالعديد من المفاوضات، وكان يقال إنه يقصد قاعدة حميميم بشكلٍ مستمر حيث تعقد لقاءات سرية مع مختلف الأطراف في المنطقة، وليس فقط الإيرانيين والسوريين والروس والأتراك، بل كل الأطراف المهتمة بالملف السوري في المنطقة”.