لا تمويل ولا استدانة… ترحيل “حتمي” إلى العام المقبل
من الواضح أن الإنهيار المالي وتداعياته، يتجلّى في موازنة العام الحالي، التي لم يقرّها المجلس النيابي، والتي يطوي معها العام الحالي أيامه الأخيرة، فيما باشرت لجنة المال والموازنة مناقشة مشروع موازنة العام الجديد. وفي الوقت الذي تتركز فيه الإهتمامات على التعديلات التي يتمّ إدخالها على موازنة 2024 ، يتحدث الخبير وأستاذ الإقتصاد في الجامعة اللبنانية الدكتور جاسم عجاقة، عن عاملٍ مشترك بين الموازنتين، وهو العجز، الذي يرفض حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، وبشكلٍ قاطع تمويله من المركزي.
ولكن ترحيل هذا العجز سيكون حتمياً إلى العام المقبل والموازنة الجديدة، وهو ما يرى الخبير الدكتور عجاقة، في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت”، أنه احتمالٌ قائمٌ، خصوصاً وأن باب التمويل من المركزي مقفل والإستدانة غير مُتاحة إن لم تكن مستحيلة.
إلاّ أن السؤال الأساسي المطروح يتناول، وفق الدكتور عجاقة، كيفية تمويل عجزٍ بلغ 43 تريليون ليرة في موازنة 2023، بعدما رفضت لجنة المال مناقشتها، وهي تعمل حالياً على بحث مشروع موازنة العام 2024، حيث شطبت أكثر من بند متعلق بالضرائب والرسوم “غير المنطقية”. وبالتالي، ومع تعديل هذه الضرائب “غير المقبولة وغير الواقعية”، التي تجاوز عددها المئة، يؤكد عجاقة، أنه من الضروري طرح أكثر من علامة استفهام حول سبل تمويل الدولة بعد شطب هذه الإيرادات، خصوصاً وأن العجز المرتقب سيصل إلى حدود 50 تريليون دولار”.
وعليه، فإن العجز قد يرحّل من موازنة العام 2023 إلى موازنة العام 2024 بالتحديد، خصوصاً وأن النفقات غير محددة كما أن الإيرادات غير واضحة ومُبالغٌ فيها في الموازنتين، وبالتالي، ليس هناك من توازن ما بين الإيرادات والنفقات في موازنة 2023 وهذه المعادلة ستنسحب على موازنة 2024 بعدما قامت لجنة المال بتعديل وإلغاء عشرات الرسوم والضرائب.
ويوضح عجاقة، أنه إذا انتهت لجنة المال من دراسة مشروع موازنة 2024 في الأسبوع الأول من العام المقبل، كما أعلن رئيسها النائب ابراهيم كنعان، فإن العجز وكيفية تمويله، سيكون موضع تساؤلات عدة، بمعنى أن العجز في موازنة العام الحالي سينتقل إلى العام المقبل، ولكن مصير العجز في موازنة العام المقبل، هو ضبابي وغير معلوم في الوقت الحالي.
ويقود هذا الواقع إلى الإضاءة على عملية تحرير سعر الصرف، والتي ستكون من دون فائدة وغير مؤثرة، في حال استمرت الحكومة بتأجيل الإصلاحات، كما يقول عجاقة الذي يعتبر أن مصرف لبنان ومنذ أواخر ولاية الحاكم السابق، عمد إلى امتصاص الليرة اللبنانية من السوق عبر التعميم 161، وهو ما استمرّ اليوم واستكملته الحكومة، بعدما فرضت دفع الفواتير والرسوم والضرائب بالليرة اللبنانية، بالإضافة إلى الدولرة، ما سمح بالسيطرة على سعر صرف الدولار في السوق الموازية.