مولّعة” في المطاعم والسهر وهامدة في الفنادق
تناقضٌ كبير يعيشه القطاع السياحي، ومكوناته لا تبدو كلها بخير. وبينما تعيش المطاعم حركة الأعياد بالحجوزات المكتملة، تغيب الحركة عن القطاع الفندقي، لأنّ من يشغل الاول هم المقيمون والمغتربون، وهؤلاء لا يشغلون الفنادق، سوى بنسب ضئيلة جداً.
بعد ثلاثة اشهر على اندلاع حرب غزة التي استنزفت القطاع السياحي وخسّرته ما جناه في موسم الصيف، نجح موسم الاعياد في إعادة الحياة الى بعض القطاعات انما بتفاوت ملحوظ. فالموسم الذي حرّك القطاع المطعمي والتجاري وحجوزات السفر لم يطل الإشغال الفندقي الذي تأثر بالحرب مباشرة.
في السياق، أكّد رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري طوني الرامي، انّ «الدني قايمة قاعدة بقطاع السهر في لبنان»، إذ بعد استنزاف للقطاع لمدة 70 يوماً نتيجة حرب غزة، ها هو القطاع المطعمي يستعيد نشاطه ويحاول الوقوف مجدداً بجهده ونشاطه والمهارة والخبرة التي يتميز بهما اللبناني.
وكشف لـ«الجمهورية»، انّ الحجوزات خلال فترة عيد الميلاد كانت مقبولة الى جيدة، أما بالنسبة لحجوزات سهرة رأس السنة «ولعانة»،» فنحن نقترب من حجوزات مكتملة، ولا تزال امامنا بضعة ايام فقط نعوّل فيها على حجوزات اللحظات الاخيرة». واشار الى انّ الحجوزات جيدة في كل المناطق اللبنانية ولا تتركّز فقط في مناطق العاصمة.
عن الاسعار، قال الرامي: «الاسعار مقبولة جداً. فغالبية المطاعم لا تزال تسعّر «a la carte» مثل الايام العادية، البعض سيقدّم برنامجاً احتفالياً مع كوتيون وتتراوح الاسعار بين 50 الى 80 دولاراً/الشخص، الاسعار في الحانات هي بحدود الـ100 دولار، اما في الملاهي الليلية الكبيرة فهي حوالى 250 دولاراً، والسهرات التي يحييها فنانو الصف الاول، الاسعار تبدأ من 400 دولار».
وفي المناسبة، حيّا الرامي فناني الصف الاول الذين قرّروا إحياء سهرة رأس السنة في لبنان، مؤكّداً انّ هذه الخطوة ساهمت بخلق حركة وأضفت نكهة خاصة في الاعياد، ومشيراً الى انّ عدد هذه الحفلات هي 5.
ورداً على سؤال، كشف الرامي، انّ لبنانيي الداخل والمغتربين وراء الحركة في القطاع المطعمي، لافتاً الى «اننا لم نلحظ اي حجوزات لسياح اجانب أو عرب بعدما كان يُتوقع مجيء اردنيين وعراقيين»، وقال: «التعويل على اللبنانيين، ولا سيما المغتربين الذين قرّروا قضاء عطلة الاعياد في لبنان، والذين ورغم كل الظروف الصعبة التي تمرّ فيها البلاد يبقون اوفياء لوطنهم».
وعمّا اذا كانت الحركة المسجّلة خلال الاعياد ستمدّ القطاع بالاوكسيجين للفترة المقبلة او تعوّضه عن خسارة الشهرين الماضيين، قال الرامي: «نحن استفدنا كثيراً في موسم الصيف، وظننا انّ القطاع انطلق وبدأ يستعيد عافيته، لا سيما بعد 4 سنوات من الاستنزاف بسبب الأزمة المالية وجائحة كورونا، الّا انّ حرب غزة جمّدت الحركة في القطاع لحوالى الشهرين، وهذا الجمود انكسر قليلاً خلال فترة الاعياد، لكن لا يمكن القول انّ فترة الاعياد ستعوّض الخسائر، انما الأصح هي جرعة اوكسيجين صغيرة، لأنّ القطاع بحاجة الى استدامة في العمل والى استقرار دائم كي يتمكن من استعادة عافيته».
وعمّا اذا كان الإقبال على القطاع المطعمي اللبناني شجّع على دخول استثمارات جديدة، كشف الرامي انّه جرى مؤخراً افتتاح نحو 20 مطعماً فاخراً جديداً في لبنان، وتساهم شهرة المطبخ اللبناني ونجاحه بارتفاع الطلب الخارجي عليه. وتابع: «نحن لا نزال نتوسع في الخارج. وهناك طلب كبير على الفرانشايز المطعمي اللبناني، على انّ هذه الخطوة تؤمّن مداخيل للقطاع محلياً وتساهم في صموده في وجه كل التحدّيات التي تعتريه».
حجوزات معدومة في الفنادق
وعلى عكس القطاع المطعمي، يتأثر القطاع الفندقي مباشرة بحالة الحرب في غزة، لأنّ السياح هم محرّكه الرئيسي وغيابهم انعكس شللاً في الإشغال الفندقي.
وفي السياق، يقول رئيس اتحاد النقابات السياحية ورئيس المجلس الوطني للسياحة بيار الأشقر لـ«الجمهورية»: «نحن نعيش حالة حرب مدمّرة طالت شظاياها المنطقة برمتها وليس فقط لبنان، بدليل تراجع حركة الإشغال الفندقي في كل المنطقة من مصر الى لبنان والاردن، اما الـ350 الف لبناني الذين قرّروا تمضية الأعياد في لبنان مع ذويهم سيكون سكنهم في بيوتهم وليس في الفنادق، ومن سيستفيد هم الاسواق التجارية، المطاعم والمقاهي والملاهي شركات الطيران وكلاء السفر ومؤجري السيارات…
أما بالنسبة الى الفنادق فالحركة تشهد تراجعاً حاداً، وكل الإيرادات التي أدخلناها في موسم الصيف صرفناها خلال الثلاثة اشهر الماضية بعد تعثر الحركة نتيجة حرب غزة، فموسم الصيف امتد لـ3 اشهر قابلته حرب غزة لثلاثة اشهر».
ورداً على سؤال، أكّد الاشقر انّه لا يمكن مقارنة الإشغال الفندقي بالإشغال في بيوت الضيافة التي تتسع كحدّ أقصى لـ15 غرفة، بينما في الفنادق ما بين 250 غرفة و 500 غرفة وفي ظلّ الوضع الراهن يستحيل اشغالهم.
وختم الاشقر، «انّ قوة لبنان تكمن في ارادة الحياة فيه والتعلق بها وهذا سر صمود القطاع السياحي».