هل ستهتز قوة الدولار في 2024.. إليكم الجواب
هل ستهتز قوة الدولار في 2024.. إليكم الجواب
يواجه الدولار منافسة قوية في الآونة الأخيرة سواء من اليوان الصيني الذي رفع من حصته في التسويات التجارية الدولية، أو من قبل البنوك المركزية التي تسابقت على شراء الذهب واضافته للاحتياطي الأجنبي.
ورغم التهديدات التي تعرضت لها العملة الأميركية في العام الماضي من قبل تجمع دول “البريكس” أو اتفاقيات تبادل العملات بين كثير من دول العالم وفي مقدمتها الصين والهند والبرازيل وتركيا وغيرها، إلا أنه لا يزال عملة الاحتياطي الأساسية في العالم، والعملة الأكثر استخدامًا في تسوية التجارة والتسويات المالية في أسواق الصرف والبورصات العالمية.
وتشير دراسة مصرفية في هذا الصدد، إلى أن استمرار هيمنة الدولار بات موضع شك، خاصة في ضوء الأزمة المستمرة بين روسيا وأوكرانيا واستخدم العملة الأميركية بكثافة في العقوبات السياسية ضد الدول.
في هذا الصدد، قال خبير الأبحاث الاستراتيجية في مصرف “جي بي مورغان” الاستثماري الأميركي، ألكسندر وايز، في دراسة منشورة على موقع المصرف: “إن خطر تراجع الدولار في التسويات الدولية، موضوع بات يتردد بشكل دوري طوال تاريخ ما بعد الحرب العالمية الثانية، وعاد التركيز عليه في الآونة الأخيرة بسبب التحولات الجيوسياسية والجيواستراتيجية التي يشهدها العالم”.
وأضاف وايز، أن العقوبات الأميركية على روسيا جعلت بعض الدول تشعر بالقلق إزاء الاعتماد المفرط على العملة الأميركية. كما أن ارتفاع أسعار الفائدة رفع من سعر صرف الدولار، وبالتالي رفع كلفة استخدامه في التسويات التجارية بالنسبة للدول الناشئة، مما دفع البعض إلى التحول إلى عملات أخرى في التسويات التجارية.
وفي تموز 2023، أصبحت بوليفيا أحدث دولة في أميركا الجنوبية، بعد البرازيل والأرجنتين، تسدد ثمن الواردات والصادرات باستخدام اليوان الصيني.
ومع تزايد تلك المخاوف فإن العديد من المؤسسات المالية والمستثمرين يسألون: ما هي التداعيات المحتملة للتراجع عن ظاهرة حيازة العملة الأميركية “الدولرة” في العالم، وماذا يعني ذلك بالنسبة للأسواق والتجارة العالمية؟
باختصار، ترى دراسة المصرف الأميركي، أن التخلص من الدولرة يعني من الناحية المالية تخفيضاً كبيراً في استخدام الدولار في أنشطة التجارة العالمية والمعاملات المالية، مما سيؤدي إلى انخفاض الطلب المحلي الأميركي والمؤسساتي والشركات على العملة الأميركية.
وهذا من شأنه أن يقلل من هيمنة سوق رأس المال العالمية المقومة بالدولار، حيث سيتعامل المقترضون والمقرضون في جميع أنحاء العالم بعملات بديلة، وبالتالي تقل حصة التسوية بالدولار.
وترى الدراسة أن هناك سيناريوهين يمكن أن يؤديا إلى تآكل مكانة الدولار، يتضمن الأول الأحداث السلبية التي تقوض سلامة واستقرار العملة الأميركية ومكانة الولايات المتحدة بشكل عام، باعتبارها القوة الاقتصادية والسياسية والعسكرية الكبرى في العالم.
ويتضمن العامل الثاني، حدوث تطورات إيجابية خارج الولايات المتحدة تعمل على تعزيز مصداقية العملات البديلة، مثل الإصلاحات الاقتصادية والسياسية في الصين على سبيل المثال، وحدوث طفرات اقتصادية في دول متقدمة.
وأشار وايز إلى أنه “يجب أن يُنظر إلى العملة الاحتياطية المرشحة لتحل محل الدولار على أنها آمنة ومستقرة، ويجب أن توفر مصدراً للسيولة يكفي تلبية الطلب العالمي المتزايد على التسويات التجارية والمالية”.
وتعمل الاقتصادات الناشئة الكبرى التي تتاجر بالسلع الأساسية على تقليل اعتمادها على الدولار، مستفيدة في ذلك من الطلب القوى على سلعها، خاصة النفط الذي يشكل حجماً ضخماً من تجارة السلع الأساسية.
وبحسب بيانات
وكالة الطاقة الدولية، يستهلك العالم أكثر من 101 مليون برميل يومياً في الوقت الراهن.
كذلك، تشير نشرة “كرود بتروليوم”، إلى أن النفط الخام يعد المنتج الأكثر تداولًا في العالم، حيث بلغ إجمالي تجارة الخامات البترولية 951 مليار دولار، بين عامي 2020 و2021، كما نمت صادرات النفط الخام بنسبة 47.4%، من 646 مليار دولار إلى 951 مليار دولار بنهاية العام 2021.
وتمثل التجارة في النفط الخام 4.52% من إجمالي التجارة العالمية، حسب النشرة. وبالتالي فإن النفط ومنتجاته المكررة المباعة بالدولار تعد من أهم السلع الأولية الداعمة لمكانة الدولار في الاحتياطات الدولية وتسوية الصفقات التجارية.
ويقول تقرير بصحيفة “وول ستريت جورنال” نشر أمس الخميس، إنه في مواجهة العقوبات الأميركية والقيود الأخرى، كثفت روسيا وإيران على وجه الخصوص مبيعات النفط بالعملات البديلة، ووجدتا مشترين في الصين والهند وأماكن أخرى سعداء بشراء هذه الصادرات، وغالباً بأسعار أقل.
مع هذا، فقد لاحظ التقرير، أن بعض هذه البلدان، بما في ذلك البرازيل والإمارات وحتى العربية السعودية، اتخذت خطوات لوضع الأساس للتجارة التي تتجنب الدولار.
ويوم 20 تشرين الثاني الماضي، وقع البنك المركزي السعودي ونظيره الصيني، اتفاقية ثنائية لتبادل العملات لمدة ثلاث سنوات، بقيمة تصل إلى 50 مليار يوان (حوالي 7 مليارات دولار).
وبعدها بأسبوع، أعلن مصرف الإمارات المركزي تجديد اتفاقية مع نظيره الصيني لمقايضة عملات البلدين بقيمة اسمية 18 مليار درهم، ما يعادل 35 مليار يوان صيني، لخمس سنوات.
في هذا الصدد، قالت رئيسة استراتيجية السلع العالمية في بنك “جي بي مورغان تشيس” ناتاشا كانيفا إن “الدولار يواجه بعض المنافسة في أسواق السلع الأساسية”.
وقدرت كانيفا، أن نسبة النفط العالمي الذي يتم شراؤه وبيعه بالعملات الأخرى ارتفعت إلى نحو 20%.
إلى ذلك، تظهر بيانات “جي بي مورغان”، أن 12 عقدًا رئيسيًا للسلع تمت تسويتها بعملات غير الدولار في عام 2023، مقارنة بسبعة عقود في العام 2022 واثنين فقط في عام 2015 حتى عام 2021.
وفي الصيف الماضي، وقعت الإمارات والهند اتفاقاً للتجارة بعملاتها الخاصة، بدءاً بشحنة من النفط الإماراتي اشترتها شركة تكرير هندية، ودُفع ثمنها بالروبية الهندية.
وفي الخريف، أكملت البرازيل والصين أول صفقة سلعية بالعملة المحلية، تضمنت شحنة برازيلية، وفقًا لوكالة الأنباء الصينية الرسمية شينخوا. (العربي الجديد)