حذار نهاية شباط
حذار نهاية شباط
لا يزال الهم الأمني جنوبا والمتأتي من تجاوز الصراع الخطوط الحمر وقواعد الاشتباك الكلاسيكية، يطغى على الاهتمامات ويتقدّم خصوصا على الشأن الرئاسي، بفعل التصاعد التدريجي في وتيرة الحرب القائمة عند الحدود اللبنانية – الإسرائيلية.
وبات معلوما أن المستشار الرئاسي الأميركي آموس هوكستين لم ينجح في انتزاع ورقة وقف إطلاق النار وانسحاب حزب الله ٦ كيلومترات في اتجاه الداخل اللبناني مقدمة لصوغ تسوية كبرى، نتيجة امتناع الحزب عن الخوض أو البحث في أي حوار أو في أي صيغة تسووية قبل إيقاف الحرب في غزة.
وكان هوكستين قد اقترح أن يوقف حزب الله اطلاق النار وأن يسحب سلاحه نحو ٦ كيلومترات صوب الداخل، كتطبيق لو جزئي لمندرجات في القرار ١٧٠١، فيشكّل هذا مقدّمة لخطوات إسرائيلية مقابلة، واستعدادا لتسوية النقاط الـ١٣ في مرحلة أولى ومن ثم الانتقال الى البحث في وضعية الأراضي المحتلة في شبعا وتلال كفرشوبا وخراج بلدة الماري، مع توجّه لوضعها تحت وصاية الأمم المتحدة بإشراف من القوة الدولية العاملة في الجنوب بعد توسيع مهامها.
ولا ريب أن أياما صعبة تنتظر هوكستين الذي بات يجمع بين يديه مهمّتيّ التسوية الحدودية البرية والشأن الرئاسي، وهما الملفان اللذان تعتبرهما واشنطن الأكثر إثارة للاهتمام لترابطهما من جهة ولأن تسويتهما بالتوازي والتكافل تشكّل إحراجا لحزب الله وأحد العناصر المؤثرة تأثيرا مباشرا وفاعلا في مسار سحب سلاحه وتغيير دراماتيكي في علّة وجوده.
تأسيسا على هذا الواقع، يصبح المسار التسووي في حاجة الى الوقت والصبر، وهما راهنا عاملان ضاغطان وثمينان بفعل التخوّف الأميركي من تفلّت الوضع جنوبا والذهاب تدريجيا نحو حرب مفتوحة تتخطى بالتأكيد مخاطر الميني حرب القائمة راهنا. لذا تبدو واشنطن كمن يصارع الوقت والواقع من أجل ترتيب التسووية المأمولة قبل تفرّغها نهائيا الى الهمّ الداخلي المتمثل بانتخاب الرئيس بعد ١١ عشر شهرا من اليوم. تاليا، تُقفَل فرصة التسوية الأميركية لبنانيا شيئا فشيئا من اليوم حتى نهاية شباط على أبعد تقدير، ما لم يوظّف اللبنانيون المومنتوم الدولي المسجّل راهنا من أجل ترتيب انتخاب الرئيس العتيد وبدء مسار الحل سياسيا واجتماعيا واقتصاديا- ماليا. وفي حال الفشل، يصبح البلد مشرعا على احتمالات خطرة، ليس أقلّها الحرب الإسرائيلية الطاحنة.