اقتصاد

العملات الرقمية في لبنان: القانون لا يحمي “الطمّاعين” ولكن تجنبوا “النصب”

“لدينا عملات رقمية، نشتري ونبع البيتكوين”، إعلانات باتت مألوفة في السوق اللبنانية وخاصة لدى محال بيع الهواتف. في هذه المتاجر الصغيرة تتمّ عملية بيع وشراء افتراضيّة لعملات مشفرة يحلم المستثمرون بها بالأرباح السهلة.. لا مجهود منهم مطلوب ولا رقيب على تحويلاتهم؛ الصغير والكبير يمكنه امتلاك محفظة رقمية، تعدين العملات وكسب الأموال؛ فالقانون في لبنان حتى اليوم لا يتدخّل بالتداول الرقمي مكرّساً مقولة “لا نحمي الطامعين بالأرباح خارج الأطر التقليدية المتعارف عليها”.

 
على الرغم من التحذيرات الدائمة من العملات الرقمية في لبنان والاستثمار في عملات سريعة التقلّبات، يتوقّع خبراء في مجال العملة الرقمية أن يزيد الاستثمار والتداول بها في لبنان في الـ2024، معيدين ذلك الى “استمرار أزمة الدولار والاغراء الذي تقدمه هذه العملات، فهي بلا رقابة وتمنح قدرة على الدفع بطريقة سهلة بعيداً عن البنوك التي فقدت ثقة اللبنانيين بها”.

وعن التحوّل الى السوق الرقمية في لبنان، يقول سليم، 40 عاماً، مستثمر ووسيط في التجارة الرقمية، في حديثه لـ”لبنان 24″ إن “الاستثمار بالعملات الرقمية في لبنان بدأ عام 2017 عندما بلغت قيمة البيتكوين 10 آلاف دولار، وفي عام 2020 وصلت قيمة هذه العملة الى حدود الـ40 ألف دولار، هنا جاءت فكرة الاستثمار بالعملات الرقمية لدى العديد من اللبنانيين المتخبّطين بأزمة اقتصادية حادة، وكان الهدف من هذا التوجّه الربح السريع والهائل وليس التداول بين الأفراد. ثمّ بدأ العديد من الأشخاص بامتهان “تعدين العملات المشفرة” لكسب الأموال”.
 
ويضيف الوسيط صاحب الحركة النشطة، أنه “لسحب أموال التعدين لجأ الأفراد لفتح محافظ رقمية لدى شركات عالمية وهكذا بدأت فكرة تداول العملات الرقمية بين الأفراد، فأصبح بعدها هذه المشفّرة عملة جانبيّة”، مشيراً الى أن “العملة الأكثر استخداماً في لبنان هي tether usdt، التي باتت بديلة الدولار الأميركي في السوق، لانها تتميّز بالاستقرار أي أنها تخضع لتقلّبات بسيطة، بمعّدل “سنت بالزايد أو بالناقص”، لذا أقبل المستثمرون على اعتمادها، كما أنها لا تخضع للرقابة”.
 
تأثير النزوح السوري وحرب غزة على سوق العملات
 
 
  ليست الأزمة الاقتصادية في لبنان العامل الوحيد المؤثر في سوق العملات الرقمية، فللأزمة السورية والنزوح دور كبير في تحريك عجلة “المشفّرة”. يقول سليم لـ”لبنان 24″ إن “أزمة النزوح السوري كان لها اثر في السوق الرقمية، اذ شهدت العديد من التحويلات بعملة “التيثر” من تركيا الى لبنان، كما أنه تم تسديد العديد المدفوعات عبر هذه العملة”.

كذلك، تأثرت السوق بحرب غزة والحصار المفروض على القطاع. ويلفت الوسيط بتجارة العملات الرقمية، إلى أن “هناك حسابات عربية تم غلقها بسبب عمليات التحويل الى فلسطين”، موضحاً أن “العديد من الشركات الرقمية قاعدتها أو مركزها الأساس في إسرائيل”.

العملات الرقمية الأكثر تداولاً وانتشاراً محليّاً

  صحيح أن عملة “البيتكوين” في الأكثر انتشاراً عالمياً إلّا أنها ليست الأكثر رواجاً في لبنان، وفقاً لسليم الذي يلفت الى أن العملات الرقمية الأكثر تداولاً محليّاً هي الإيثيريوم “ETH”، السولانا “SOL”، الريبل “XRP”.
ويشير الى أن التيثر “USDT TRC20″، هي العملة المشفّرة الأكثر انتشاراً في السوق اللبنانية، وهي تستخدم في الدفع الالكتروني والتداول الرقمي بين الأفراد كما تستخدم في التحويلات للخارج أيضاً.


القانون لا يحميكم.. هكذا تتجنبون الوقوع ضحية النصب
عن عمليات النصب بمجال العملة الرقميّة في لبنان.. حدث ولا حرج، فالساعون للربح السريع كثر وأغلبية من وقع ضحية النصب هم كبار السنّ، الأقل خبرة في مجال التكنولوجيا، وفقاً لسليم الذي يلفت الى أن “من نفّذ هذه العمليات هم مراهقون تتراوح أعمارهم بين الـ16 و17 و18 عاماً”.
ويوضح الوسيط في هذه التجارة أن كل من يمتلك هاتف ذكي يستطيع خلق حساب والاستثمار بالعملات الرقمية، على ان يكون مطلعا بالتكنولوجيا، لذا نجد أن فئة الشباب هي الأكثر استثماراً وانجذاباً لهذه التجارة المحفوفة بالمخاطر بسبب تقلّبات العملات المشفّرة. يقول إن “زبائنه من أعمار مختلفة وتتراوح الفئات العمرية بين الـ14 عاماً والـ42 عاماً”.

سليم يلفت الى أن “لا شيء آمنا في مجال العملات الرقمية، فالمنصات الكبيرة تتعرّض للإفلاس ويمكن خسارة الكثير في أي لحظة، كما يمكن التعرض للكثير من عمليات النصب فهذا السوق غير مراقب”.
وعن عمليات النصب وكيفية تجنّها، يفسّر سليم لـ”لبنان 24″ أن “التحويل من محفظة الكترونية الى أخرى يتمّ عبر عنوان المحفظة وهو رمز مؤلّف من أرقام، بالتالي لا يمكن ملاحقة أي جهة لان إسم المرسل والمرسل إليه يبقى مجهولاً إلّا في حال سجّلت الأسماء في محافظ قانونية أي تلك التي تتطلب فتح ملف بالاسم الكامل والعنوان وتعتمد على الهوية الرسمية، كمحفظة منصة “Binance” وهنا يمكن المساءلة عن التحويلات”. ويتابع: “من المفضل التعامل مع المنصات المعروفة كـ”BingX” و”Binance”.


هذا ويؤكد سليم أنه “أصبح بإمكان الجميع إنشاء محفظة رقمية والاحتفاظ بعملاته واستثمارها متى يشاء”، معتبراً أن “لا داعي لأن نمكّن أي شخص آخر من استخدام محفظتنا، جلّ ما يتطلبه الأمر هو إنشاء حساب عبر احدى المنصات المعروفة والمحبّذ تلك التي تعتمد على بطاقات الهوية للتعريف عن المستثمر، وهو ما يعرف بـ”المحفظة الشرعية”، تجنّباً لأي عملية نصب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى