“إستقواء الممانعة أخطر من الموازنة
يقرأ الكاتب والمحلل السياسي نبيل بومنصف، في مشهد نقاش موازنة 2024 في المجلس النيابي، ما يشبه “الإجماع النيابي اللافت بين كل الكتل والأطراف من دون استثناء، على انتقاد وإدانة الموازنة، ولكن من دون أي مبادرة باتجاه تقديم الحلول أو البدائل”، واضفاً الموازنة بأنها “موازنة إفلاس، وليس موازنة تطوير، أي أنها موازنة تشغيلية بالمعنى العملي، إنطلاقاً من تصفير العجز الذي يؤكد بأنها لا تتضمن أية خطة أو إصلاح أو أي إجراء”.
وفي حديثٍ ل”ليبانون ديبايت”، لا يُخفي المحلل بومنصف، أن مداخلات النواب قد اتسمت ب”الشعبوية”، معتبراً أن النواب “عاجزون عن إحداث أي تغيير في هذه الموازنة، فالمؤسسات تعمل بشكلياتٍ دستورية فارغة من أي مضمون تشغيلي وإصلاحي حقيقي لتحسين حياة المواطن، لأن الحديث عن تصفير العجز يأتي بسبب الإستسلام للأزمة وللإنهيار، ذلك أنه من غير الصحيح القول إننا خرجنا أو تجاوزنا هذا الإنهيار”.
إلاّ أن بومنصف يستدرك كاشفاً عمّا هو أخطر من الموازنة، وهو الشغور الرئاسي، مشيراً إلى “مخطط خطير ينفذه فريق داخلي متكىء إلى محور إقليمي، يهدف لتجويف النظام اللبناني من خلال تعطيل الإستحقاق الرئاسي، ومنع انتخاب رئيس الجمهورية، بينما معارضو هذا الفريق، ما زالوا عاجزين عن مواجهة هذا المخطط، رغم أن المرجعيات الروحية المسيحية، تنتقد الشغور الرئاسي، وتتحدث عن وجود فريق لبناني بارز خارج السلطة اليوم، بنتيجة هذا الشغور”.
ويتحدث بومنصف عن “خلل ميثاقي وأمني وسياسي، نتيجة منطقٍ من الإستقواء، الذي أدى إلى الشغور كما أدى إلى مثل هذه الموازنة، علماً أن استقواء فريق الممانعة على كل اللبنانيين، هو أخطر من الموازنة”.
ورداً على سؤال عن دور المعارضة في هذا الإطار، يقول بومنصف، إن “القوى المعارضة قد قامت بعدة محاولات لكسر هذا التعطيل من خلال التقاطع بين المسيحيين والمستقلين والحزب التقدمي الإشتراكي على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور”.
وأمّا بالنسبة للمساعي التي بدأتها اللجنة الخماسية لتحريك الملف الرئاسي، فيقول بومنصف إنه “لن يكون رئيس للبنان قريباً إلاّ بالتقاطع وليس بالإجماع، لأن التقاطع بين القوى السياسية هو السبيل للوصول إلى إجراء الإنتخابات الرئاسية”.
وحول لقاء سفراء “الخماسية” واجتماع السفيرين السعودي والإيراني، يؤكد بومنصف، أن الجهود ما زالت في بدايتها، وهناك تنسيق أيراني – سعودي، قبل الإنطلاق بالمساعي على الساحة الداخلية لبحث الملف الرئاسي.
وبالنسبة للوضع الأمني في الجنوب وتزايد خطر الحرب، لا يُخفي بومنصف مخاوفه من المقاربات الداخلية لخطر الحرب الإسرائيلية، ومن “استسهال البعض لفرضية أن تشنّ إسرائيل حرباً على لبنان، أو الإطمئنان إلى الضغط الأميركي على إسرائيل لمنعها من توسيع رقعة الحرب، لأن عدوانية إسرائيل قد تتفلّت في توقيتٍ غير محسوب، على الرغم من الحديث عن تهدئة في غزة”، مشدداً على “تاريخ إسرائيل المعروف والحافل بالحروب، علماً أن الظروف تختلف اليوم، لأن إسرائيل واجهت أكبر نكسة في تاريخها، وقد تكون تريد التعويض عن هزيمتها في غزة بحربٍ على لبنان، علماً أن الإختمار الميداني، قد يؤدي إلى انفجارٍ غير محسوبٍ لجهة التوقيت”.