المركزي لن يخفض سعر صرف الدولار الى ما دون 89500 ليرة.. لهذه الاسباب
كثيرون يتساءلون لماذا لا يتراجع سعر الصرف في سوق القطع ما دام عرض الدولار اكثر من الطلب وما دام البلد اصبح مدولرا بنسبة كبيرة قد تصل الى ٨٥ في المئة وما دام مصرف لبنان ضابطا تحجيم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية، وكثيرون يتساءلون لماذا لا يرتفع سعر الصرف في سوق القطع مع استمرار الازمات الاقتصادية والتجاذبات السياسية والحرب في غزة وامتدادها الى جنوب لبنان والتحسب لامتدادها على كل لبنان؟
هذان السؤالان يعرف مصرف لبنان كيف يتعاطى معهما ويعتبر انه صحيح ان سعر الصرف اليوم ليس واقعيا ويمكن بالتالي ان يتراجع ليأخذ حجمه الطبيعي وقد يصل الى حدود ال ٦٠ الف ليرة لكن لا يمكن ان يتخذ مصرف لبنان هذا القرار في ظل الانهيار المالي والحرب في غزة وعدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية والبدء بتطبيق خطة للتعافي تتضمن تطبيق الاصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي.
وتعتبر مصادر مطلعة ان الامال معلقة على بدء العمل بمنصة بلومبيرغ التي ستعتمد الشفافية في التعاملات مما يؤهلها تحديد سعر الصرف والذي قد يشهد تراجعا في سعر صرف الدولار حيث بات الطلب عليه خجولا في ظل لجم التضخم ومنع المضاربة ووقوف مصرف لبنان سدا منيعا امام اي اضطراب نقدي واقتناع الجميع ان مصرف لبنان هو اللاعب الاول والاساسي في سوق القطع.
ويتريث الحاكم منصوري في اتخاذ اي قرار على صعيد سعر الصرف بل همه اليوم الحفاظ على الاستقرار النقدي في ظل المصاعب الامنية والسياسية والاقتصادية والمالية التي يواجهها معتبرا انه قام بكل الخطوات التي تحافظ على هذا الاستقرار كما جاء في الخطة التي اعلنها في بداية عهده ولكن هناك بنودا مرتبطة بالمجلس النيابي وحكومة تصريف الاعمال لم تنفذ خصوصا في ما يتعلق بالاصلاحات التي طالب بها ومنها مشروع قانون الكابيتال كونترول واعادة التوازن المالي لكن هناك بنودا اخرى ساهم في انجازها عن طريق السلطات السياسية مثلا عندما رفض اقراض الدولة التي ستعتمد على زيادة ايراداتها وتأمين موازنة معقولة.
لا يشعر منصوري ان الاوان قد حل لتخفيض سعر الدولار في السوق الموازية ما دام هناك اسباب تمنعه من ذلك والتي بات الجميع يدركها لكن ما فعله يعتبر انجازا بالنسبة للاستقرار النقدي الذي كان قبل اذار الماضي يشهد تقلبات حادة ادت الى ارتفاعه ووصوله الى سعر ١٤٣الف ليرة وهو اليوم مستقر دون اي تقلبات تعيد الجنون اليه.
كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل يعتبر ان تحرك سعر صرف الدولار يخضع لعوامل عديدة منها الاستقرار السياسي، تدفق الاموال من الخارج، حركة الاستثمار، الاستيراد والتصدير، حركة الاستهلاك،… وان مصرف لبنان قادر على تقرير مصير الدولار اذا لم يكن تثبيت لسعر الصرف.
ويقول غبريل في حديثه للديار: ان مصرف لبنان تدخل في سوق القطع منذ حوالى السنة بصورة مباشرة من خلال منصة صيرفة عبر ضخ الدولار وشراء ليرات لبنانية وقد سحب من السوق ما مجموعه ٢٢ تريليون ليرة لبنانية مما خفف من حجم الكتلة النقدية.
-عمدت الحكومة الى زيادة ايراداتها عبر تفعيل جباية الضرائب والرسوم ورفع سعر الدولار الجمركي بعد ان امتنع مصرف لبنان عن اقراض الحكومة لتسديد العجز في موازنتها.
-قرار مصرف لبنان انه بالاضافة الى عدم تمويل الحكومة كذلك قراره عدم المس بالاحتياطي بالعملات الاجنبية.
-استمرار مصرف لبنان في دفع رواتب موظفي القطاع العام بالدولار الاميركي والتي تقدر بحوالى ٧الى ٨ تريليون ليرة لبنانية.
-الاقتصاد اللبناني بات مدولرا من خلال التعاملات بالدولار ان كانت فردية او تجارية عبر الشركات التي باتت تلجأ الى شراء الدولار مباشرة من الاسواق بعد ان بات متوافرا.
-زيادة الاحتياطي الاجنبي في مصرف لبنان بحوالى ٧٥٠ مليون دولار بعد ان كان يبيع الليرة اللبنانية في مقابل الدولار الاميركي دون ان يقوم بطبع العملة اللبنانية
-بعض اللاعبين الكبار في سوق القطع الذين اوقفوا نتيجة المضاربات وتحقيق الارباح بسبب خفض الهامش بين سعر صيرفة والسعر الموازي.
-قرار سياسي بعدم المضاربة.
كل هذه العوامل ساعدت في الاستقرار النقدي الذي يريده مصرف لبنان على الرغم من الخضات الامنية انطلاقا من حادثة الكحالة واحداث عين الرمانة وانتهاء باحداث غزة وامتدادها الى الجنوب اضافة الى مرحلة الاغتيالات التي تمت.
ويؤكد غبريل ان مصرف لبنان لا يمكنه ان يخفض سعر صرف الدولار في ظل عدم تطبيق الاصلاحات وفي ظل استمرار التجاذبات السياسية وعدم انتخاب رئيس للجمهورية مع العلم ان مصرف لبنان يتدخل في سوق القطع عندما تحدث تقلبات في سعر صرف الدولار ويمكنه تخفيضه في حال سحب المزيد من الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية.
وبنهي غبريل حديثه بالتأكيد ان منصة مصرف لبنان الجديدة بالتعاون مع بلومبيرغ ستؤمن العرض والطلب بمساحة من الشفافية وبالتالي هي من يحدد السعر في ضوء العرض والطلب.
على اي حال فإن من يزور المنصوري هذه الايام يراه مرتاحا في ظل الاستقرار النقدي الذي تعيشه سوق القطع.
جوزف فرح – الديار