اقتصاد

وقف تمويل “الأونروا”: يعيش التوطين

كتب طوني عيسى في” الجمهورية”: إذا لم تُحقّق إسرائيل إنجازها العسكري الذي تطمح إليه في حرب غزة، كمدخل إلى تصفية القضية الفلسطينية، فإنّ نجاحها في القضاء على» الأونروا «سيكون بمثابة إنجاز مُوازٍ، لأنّه يعني أيضاً تصفية القضية.

وطبعاً، ستستفيد إسرائيل من هذه الخطوة لرفع مستوى الضغوط على الفلسطينيين والعرب، من أجل دفعهم إلى الرضوخ لمطالبها. وفي النهاية، سيُترك هؤلاء النازحون لمصائرهم في البلدان التي لجأوا إليها، من دون أي اعتراف بخصوصية قضيتهم وحقهم في العودة. وهذا يعني تلقائياً توطين هؤلاء في تلك البلدان، أو في بلدان ثالثة قد يهاجر بعضهم إليها.

في ما يعني لبنان، سيتضاعف حجم المعاناة التي يعيشها، بوجود ما يزيد عن 1.5مليون سوري و 450 ألف فلسطيني. لكن، المثير أنّ السلطة اللبنانية نفسها عمدت في العام 2017 ، وربما من دون أن تدري، إلى اتخاذ خطوة تسهّل على إسرائيل سعيها إلى التوطين. ففيما كانت » الأونروا « تُحدّد عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجّلين في قيودها في لبنان بنحو 570 ألفاً، أعلنت إدارة الإحصاء المركزي اللبناني، بالشراكة مع الإحصاء المركزي الفلسطيني، أنّ عدد اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات والتجمّعات في لبنان بلغ 174.422 شخصاً.

وصحيح أنّ كثيراً من النازحين المسجّلين قد غادروا لبنان في فترات معينة لكن التقديرات » الأونروا « في الحقيقية أشارت إلى أنّ عدد الباقين يناهز ال 450 ألفاً. وقد أحدث تقرير الإحصاء صدمة في العديد من الأوساط عند صدوره، خصوصاً أنّ هناك آلافاً إضافية من النازحين الفلسطينيين قد تدفقوا على لبنان من سوريا بعد اندلاع الحرب هناك. وفي الواقع، وفيما كان لبنان يصرخ مستغيثاً من ثقل ملف النزوح السوري والفلسطيني، جاء الإحصاء ليبعث برسالة معاكسة: لا

داعي للشكوى من النازحين الفلسطينيين في لبنان للاعتراض لأنّ عددهم قليل و » ما بيحرز » ، وعبارة أخرى، لا مشكلة إذا تمّ توطين هؤلاء في لبنان لأنّ عددهم لا يشكّل خطراً على تركيبته الحسّاسة طائفياً ومذهبياً.

وثمة مَن يخشى أن يتمّ تمرير هذا التوطين، ولبنان في وضعية العجز والانهيار، من خلال سيناريو معيّن قد يقضي بتقليص عدد النازحين الفلسطينيين الموجودين في لبنان بضعة آلاف، من أجل إقناع المعترضين في الداخل اللبناني، وفرض أمر واقع بتوطين الآخرين.

الجمهورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى