60% من اللبنانيين لديهم إضطرابات نفسيّة لهذه الأسباب
60% من اللبنانيين لديهم إضطرابات نفسيّة لهذه الأسباب
تعتبر الضغوط الاقتصادية التي يواجهها الناس في الآونة الأخيرة ثقيلة ولئيمة مقارنة ببقية مشقة جوانب الحياة المختلفة التي تعتبر بديهية وتشمل، زيادة عبء العمل، جدال بين العائلة او هواجس مالية جديدة وقائمة؛ لكن قد يكون لها تأثير تراكمي بحيث تتفاقم كل الشدائد فوق بعضها البعض واثناء هذه المشكلات قد يشعر الفرد بالانزعاج وقد يخلق الجسم استجابة للتوتر والقلق وسرعة الانفعال، وهذا يمكن أن يسبب ثلّة متنوعة من الأعراض الجسدية، فيحاول الفرد تغيير طريقة تصرفه، وهذا يقوده إلى تجربة مشاعر أكثر حدّة. لذلك من المحتمل أن تؤثر الضغوط بعدة طرق جسدية وعاطفية وبدرجات متفاوتة. فمنطقياً، يحتاج الانسان الى المال ليعيش مرتاحا ومستمتعا ويدفع الفواتير ويسدد الضرائب المتوجبة عليه ويشتري المستلزمات الضرورية والاساسية ويعلم أولاده في المدارس ويحصل على الأمور الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها او تأجيلها او حتى تركها.
في موازاة ذلك، وجد الخبراء وفقا لموقع “سيكولوجي توداي” ان الأوضاع المالية هي بحد ذاتها ضغوط نفسية تؤدي الى استجابة نظامية في الجسم ويحدث ذلك من خلال المسارات البيولوجية التي تربط الاستجابات النفسية بالجهاز المناعي والعصبي والغدد الصماء وهو مجال دراسة يسمى علم المناعة العصبية النفسية.
على صعيد متصل، بينت دراسة ثانية أجريت في العام 2022 ونشرت في مجلة “ساينس دايريكت” العلمية “ان الظروف المالية الفردية تؤثر في المناعة والغدد الصماء العصبية وقد وُجد ان هذه الاثار تكون فورية وتستمر على مدار 4 سنوات وهذا يثبت ان للضغوط المالية تأثيرات طويلة الأمد على العمليات البيولوجية وبالتالي على الصحة العامة”.
وفي هذا الخصوص، قالت الاختصاصية النفسية غنوة يونس لـ “الديار”: “ان من أبرز الخراب الناجم عن الضغط المالي هو إصابة الفرد بالاكتئاب لان الاعياء المالي يتعلق بعامل الاجهاد في جميع مستويات الدخلعلى الرغم من انه قد يكون اقوى لدى ذوي الدخل المنخفض وقد يعاني الفرد من مشاكل في النوم جراء الدمار النفسي المتواصل مثل النوم المتقطع”.
وأشارت الى “ان الانهاك المالي ينتج منه إصابة الشخص بالأسقام المزمنة لان لذلك عواقب جسدية طويلة المدى والذي يؤدي الى حلقات متتابعة من ردود الفعل الجسدية مثل ضيق النفس وتشنج الاعصاب”.
– الأسباب المحتملة للضغط النفسي:
واستكملت “طبعا يؤثر القهر النفسي في الناس بشكل مختلف كما أن دواعي التوتر تختلف من شخص لآخر، وقد يكون مستوى الاجهاد الذي يشعر بالراحة تجاهه فرد ما، أعلى أو أقل من مستوى الأشخاص الآخرين من حوله. فالمشاعر المتوترة تحدث عادة عندما نشعر أننا لا نملك الموارد اللازمة لإدارة التحديات التي نواجهها، ويمكن أن يؤدي الضغط في العمل، أو المدرسة، أو المنزل، أو المرض، أو الأحداث الحياتية الصعبة أو المفاجئة إلى القلق”.
وأضافت، “ترتبط بعض الأسباب المحتملة بالجينات الفردية والتربية والخبرة، أو نتيجة صعوبات في الحياة الشخصية والعلاقات، او بسبب تغييرات غير متوقعة في الحياة، مثل: الانتقال إلى منزل، ولا يجب ان نستثني التحديات المالية، مثل: الديون، أو الكفاح من أجل تحمل الضروريات الأساسية اليومية”.
دراسة ثالثة حديثة تؤكد الاسباب والتداعيات التي ذكرت سابقاً
في شأن متصل، فان التوتر نتيجة الضغط المالي، يؤثر بشكل مباشر في صحة الجهاز المناعي والعصبي والهرموني، وذلك بحسب دراسة جديدة لعلماء في المملكة المتحدة.
وقال العلماء من جامعة كلية لندن، وكينجز كوليج، “إن تحليلهم هو الأول من نوعه، وإنه يستكشف كيف ترتبط أنواع مختلفة من التوتر المزمن بمؤشرات الصحة للفئات العمرية الأكبر”.
وتناولت الدراسة التي شملت بيانات لنحو 5000 بالغ بأعمار تزيد عن الخمسين، مسببات الضغط الستة الأكثر شيوعا، بما في ذلك الضغط المالي، ومسؤولية رعاية الأشخاص، والإعاقة، والمرض، والطلاق”.
وكشفت ان الضغط المالي ارتبط بحالات صحية خطرة على المدى الطويل، وكان المشاركون في الدراسة الذين أبلغوا عن اضطراب بسبب الشؤون المالية، أكثر عرضة بنسبة 60% تقريبا لإظهار تطور عالي الخطورة بعد أربع سنوات”. فالعلماء وصلوا إلى الربط نفسه، رغم اختلاف الجينات، أو الوضع الاجتماعي والاقتصادي، أو العمر، أو الجنس، أو اختلاف نمط الحياة”.
وتطرقت يونس الى طرق التعامل مع الضغوط النفسية عبر:
التخلص من مسببات التوتر: الهروب دائما من المواقف الصعبة لا يعتبر حلا لذلك يجب المواجهة وإيجاد الحلول المناسبة لتلافي حدوث أي مشكلات مماثلة في المستقبل وبالتالي تبديل المواقف التي تسبب القلق وقد يكون ذلك عن طريق التخلي عن بعض المسؤولية، أو تخفيف المعايير الشخصية.
الدعم الاجتماعي: من المهم اللجوء الى شخص او مرشد او اختصاصي بهدف الحصول على الدعم الاجتماعي القوي الذي يحسن القدرة على الصمود أمام الضغوط.
الغذاء الجيد: يقوم الجهاز العصبي المركزي عند مواجهة الضغوط، بإفراز الأدرينالين والكورتيزول؛ مما يؤثر سلبا في صحة الجهاز الهضمي، ويمكن أن يقتل الإرهاق الحاد الشهية، ولكن إفراز هرمون الكورتيزول أثناء التعب المزمن يمكن أن يفتح الشهية ويؤدي الى الافراط في تناول الدهون والسكر.
إرخاء العضلات: تعد تمارين الاطالة او التدليك او الاستحمام بماء دافئ طريقة ثبت انها تخفف من بواعث القلق وتحسن الصحة العقلية بشكل عام نظرا لأن الضغوط تسبب توتر العضلات، والإرغام يمكن أن يؤدي إلى آلام الظهر والتعب العام؛ لذا يفضل مكافحة التوتر وهذه الأعراض بالطرق الميسرة.
المحافظة على نوم هادئ: يؤثر الضغط النفسي أثناء النهار في النوم ليلاً؛ والذي قد يؤدي الى فقدان الراحة والإدراك وتغير المزاج.
وختمت يونس، “تعتبر اللياقة البدنية مهمة لممارسة الرياضة المنتظمة التي تعمل على تحسين جودة النوم وتكافح الضغوط النفسية بشكل مباشر، الى جانب المحافظة على الأنشطة الممتعة والهوايات”.
ندى عبد الرزاق- الديار