باسيل “يهاجم”: لا سبيل الى السلام مع هؤلاء
باسيل “يهاجم”: لا سبيل الى السلام مع هؤلاء
أكّد رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، اليوم الاثنين، خلال ندوة التيار حول وثيقة الاخوة الانسانية، أن “الأمم المتحدة احتفلت أمس باليوم العالمي للأخوة الإنسانية وهي السنة الخامسة على توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية بين رأس الكنيسة الكاثوليكية ورأس الأزهر الشريف”.
وأضاف، “ميزة هذه الوثيقة أنها ليست عقداً بين ديانتين بل هي مبادرة من مرجعيتين تجاه البشرية بأسرها، كما هي كذلك مبادرة العماد ميشال عون الذي استحصل باسم لبنان على قرار من الأمم المتحدة بإنشاء أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار، ولأن الإنسان يجب أن يكون غاية كل عقيدة وعمل ونضال، فقد شئنا في التيار الوطني الحر أن نجتمع في هذه الندوة لنسمع من أصحاب الشأن رأيهم في الخطوات المطلوبة لوضع وثيقة الأخوة الانسانية موضع التنفيذ من أجل الانسان في كل زمان ومكان”.
وتابع، “ترتكز الوثيقة على مبدأ إقامة السلام بين البشر بغض النظر عن فوارق الأديان والثقافات والأعراق بينهم، السلام المنشود هو الذي ينسجه الحوار البنّاء والتفاعل الايجابي بين الناس، امّا السلام الذي يفرضه الغالب على المغلوب فهو لا يدوم، السلام الحقيقي هو حالة داخلية يعيشها المعني به وهو فعل اقتناع عميق داخله، أساسه صدق الافكار في الحوار لاكتشاف الآخر وفهمه وبناء الثقة معه، لأن الانسان عدو لمن وما يجهل”.
وأردف باسيل، “أليس مثل هذا السلام ما ينقص شرقنا الغارق في حروب ومظالم لا تنتهي؟ لن يُبنى السلام في منطقتنا من دون حوار ركيزته الإعتراف المتبادل بالوجود وبالحقوق وبإسقاط كل فكر الغائي للآخر وفي طليعته الصهيونية والداعشية، عقيدةً وممارسةً، لقد صدرت هذه الوثيقة التاريخية باسم الشعوب الفاقدة للسلام والأمن، وبلغة فيها إلتزام كلّي من البابا فرنسيس والإمام الطيّب بالعمل من اجل السلام، وورد فيها حرفياً “نطالب أنفسنا وقادة العالم وصنّاع السياسات الدولية والاقتصاد العالمي، بالعمل جدياً على نشر ثقافة السلام والتدخل فوراً لإيقاف سيل الدماء البريئة ووقف ما يشهده العالم من حروب وصراعات”.
وقال: “كان هذا الكلام في العام 2019 ولا تزال الدعوة بلا إستجابة ولا يزال الدم يسيل في العالم من غزة الى أوكرانيا، الى آسيا وأفريقيا وغيرها، ولو اختلفت أسباب العنف. وستبقى هذه الدعوة دون استجابة طالما منطق القوّة المفرِطة هو السائد مصحوباً بإفراط وجشع في الانتاج والتصنيع التكنولوجي تغذّيه طبيعة متوحشّة عند بعض الناس، كما ستبقى الدعوة دون استجابة طالما ان مصالح بعض الدول والحاكمين فيها تعلو الحس الانساني”.
وشدّد على أن “شرط السلام هو الإيمان أولاً بضرورة السلام، ومن ثم تحويل مبادئ الوثيقة، واقعاً مُعاشاً، والعمل لترجمتها في سياسات وقرارات وتشريعات ومناهج وبرامج؛ وهذه مسؤولية مشتركة بين القيادات الدينية والسياسية وقادة الرأي في المجتمعات والدول، نحن في لبنان والشرق، كسوانا من شعوب العالم معنيون بحماية حقوق الانسان في الحرية والتنمية كما بحماية الموارد الطبيعية وعدالة توزيع الثروات. نحن معنيون ايضاً، وخصوصاً، باحلال السلام المفقود، ونريد أن تشكل هذه الوثيقة مدخلاً اليه في منطقتنا المعذّبة؛ هذه المنطقة التي أعطت البشرية أجمل حضاراتها وأقدس مبادئها. فالى متى سيبقى السلام غائباً عن أرض السلام؟”.
وأشار إلى أنه “نريد سلاماً يوقف جريمة الإبادة في فلسطين ويعاقب المرتكب ويعيد الحق لشعب ظلمته عقيدة استعمارية غريبة عن ثقافتنا ، جعلت جماعات لا رابط بينها سوى مشروع مركّب على الدين تحتل أرضاً وتطرد شعبها وترفض السلام معه، لا سبيل الى السلام مع من يغتصب الحقوق ولا سبيل الى السلام مع من يقتل شعبا ويهجّره ويحرمه من ارضه ومن دولته، كيف السبيل الى السلام مع من يعتبر نفسه فوق القانون الدولي وفوق المحاسبة. انّ الزمن تبدّل فليتنبّه اصحاب هذا الفكر التسلّطي التدميري في اسرائيل قبل فوات الاوان”.
واستكمل: “نريد السلام الذي يوقف آلة القتل الارهابية التي تستهدف كل ما هو مختلف عنها عقيدةً وديناً وفكراً وشكلاً وعادات، نريد السلام الذي يوقف آلة تصنيع السلاح الفتاك نووياً وكيميائياً وبيولوجياً وجينياً، والله اعلم الى اين تصل آلة الشر المدمّر ان لم يوضع حد لها… ومرفوضة قطعاً نظرية تحفيض عدد سكان الارض المتزايدين من خلال قتل الابرياء بالحروب او بالأوبئة”.
وأضاف، “نحن نريد السلام الحقيقي ونريد لوثيقة الأخوّة الإنسانية أن تصبح شرعةً لأبناء المشرق جميعاً على إختلاف إنتماءاتهم ومعتقداتهم. شرعة تدفع بهم للعودة الى ينابيع حضاراتهم وأديانهم، شرعة تتجاوز سرديّة الصراع على الأرض لتكتب سردية السلام في الأرض، نريدها شرعة تشجع على تطبيق قرارات الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين، شرعة تجعل فلسطين ارضاً تجمع يهوداً ومسيحيين ومسلمين ومن أي معتقد كانوا فيعترفون ببعضهم كبشر متساوين، قادرين على الحوار وبناء السلام العادل والدائم ورسم مصيرهم المشترك بخيارهم فوق أرض تتسع للجميع، شرعة تؤدّي الى رفض عارم لكلّ اشكال التطرّف العنفي الالغائي الذي يحذف كل ما هو مختلف عنه”.
وتابع، “بالحوار المبني على الحقوق يتوقف سيل الدم وتطمئن الجماعات الى مصيرها وتبنى الدول على أساس المواطنة الكاملة ويسقط الإستخدام الإقصائي لمصطلح الأقليات الذي يحمل في طياته الإحساس بالعزلة والدونية ويودي بالمجتمعات الى الفتن، نحن في ما يعنينا، نريد لوثيقة الأخوة الإنسانية أن تكون شرعة لقيام مشرقٍ جديد ركيزته الإعتراف المتبادل بين الشعوب وجوداً وحقوقاً لبناء مستقبل مشترك مستقرّ ومزدهر”.
ولفت باسيل إلى أنه “حبّذا لو تحفّز الوثيقة قادة العالم لإقامة مؤتمر دولي من أجل السلام في المشرق، مؤتمر يشارك فيه صناع القرار وقادة الرأي والفكر، يوحدون الهدف ويتوزعون المسؤوليات، نحن في ما يعنينا نحلُم بأن يستضيف لبنان مثل هذا المؤتمر بما له من تاريخ في الحياة المشتركة والتنوع وبما يملك من إختبارات تراكمت عبر العصور فجمعت خلاصات الشرق والغرب وجعلت من وطننا رسالة للشعوب”.
وأكّد أن “سلام الشرق والغرب فيه شفاء للبشرية الغارقة في صراعات سببها تغييب القيم عن ممارسة السياسة، السلام، لبني البشر، تحميه العدالة الاجتماعية بمختلف مضامينها. لا فصل بين الاقتصاد والمجتمع، فالاقتصاد هو في خدمة الإنسان و ليس ارقاماً جافة فقط، أُردّد ما قاله قداسة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني: “لا سلام يُبنى على القَهر والظُلم بل على العدالة والغُفران”. سلام المشرق مطلب للبشرية الباحثة عبثاً عن أمنها في آلاف المصانع والترسانات العسكرية، فيما البحث يجب ان يكون في مشتركات الاديان حول الخير والمحبة والسلام”.
وأردف، “وثيقة الأخوة الانسانية لا تقل أهمية عن الشرائع الدولية التي وضعها اخيار البشر عبر التاريخ، فهي تستلهم شرائع السماء وتختزن عصارتها وتستبطن ما نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وترسم طريقاً للخلاص، وتذكرنا نحن في لبنان بما دعانا اليه السينودوس من أجل لبنان”.
وختم باسيل: “نحن أبناء التيار الوطني الحر منفتحون على الحوار والتلاقي والتفاهم، مؤمنون بالحياة المشتركة ونمارسها اقتناعاً، ولأننا كذلك، نتعهّد بأن ننشر هذه الوثيقة في مجتمعنا ونستلهم مبادءَها في أعمالنا وندعو اللبنانيين الى أن يقرأوها ويعملوا بوحيها ويكونوا حرّاساً لدعوتها النبيلة من أجل قيام عالم أفضل فلا يبقى السلام بين البشر وعداً يُرتجى، بل يتحول الى فعل حياة يومية، وتنطلق نعمته من هذه الأرض التي تقدّست بأنبيائها وكتبها والتي هتفت ملائكتها: “المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرّة”.