هيك عايش الجيش”… و”مشكلة” جوزيف عون
تُكثر غالبيّة السياسيّين من الثرثرة. بينما لا تسمع الكثير من الكلام في قيادة الجيش. همومٌ كثيرة في مؤسّسة يبلغ عديدها حوالى الـ ٧٥ ألفاً، في بلدٍ منهار، وجمهوريّة تنازع إداراتها. همومٌ كثيرة، وأفعالٌ أيضاً، على الرغم من الصعوبات واليد القصيرة التي تعيق، مراراً، العين البصيرة.
“مشكلة” قائد الجيش العماد جوزيف عون، إن صحّ التعبير، هي تجربته الناجحة في قيادة الجيش، مصحوبة مع مارونيّته التي طرحته مرشّحاً طبيعيّاً لرئاسة الجمهوريّة، من دون أن يسعى إليها أو يتنازل من أجلها. هذا، فقط، ما يزعج بعض السياسيّين منه. ويعيب عليه البعض “رأسه العسكري”، وكأنّ رؤوس بعض السياسيّين الذين حكموا هذا البلد وأوصلوه الى ما وصل إليه صالحة و”نظيفة”!
تحوّل قائد الجيش منذ العام 2019، ونعتذر عن التعبير، الى متسوّل يقرع أبواب دولٍ بحثاً عن مساعدة. جيشنا مستمرّ بحكم الهبات. والهبات مستمرّة بحكم الثقة بالعماد عون. حين زاره موفدٌ عن أمير قطر عارضاً المساعدة، كان له شرطٌ وحيد: نسلّمك المال، ولا نسلّمه للدولة. لو يعلم المنتقدون، وحتى الرأي العام، حجم الرقابة المسبقة واللاحقة التي تقوم بها القيادة، مباشرةً أو عبر شركة متخصّصة غير لبنانيّة، للتدقيق بكلّ مبلغٍ ماليّ يُدفع للعسكريّين لخجلوا من الانتقاد.
ولو يعملون أنّ قيادة الجيش نفّذت ستّة مشاريع للطاقة الشمسيّة ستوفّر، عند إنجازها كلّها، حوالى مليون دولار شهريّاً ثمن محروقات. وهي عملت على تأمين إنارة مواقع محدّدة في البلدات والقرى، مثل ساحاتها ومحيط أماكن العبادة.
ولو يعلمون أنّ قيادة الجيش انكبّت، طيلة أشهر، على وضع خطّة باشرت تنفيذها لتأمين تعليم أولاد العسكريّين والرتباء والضبّاط في المدارس الخاصّة، عبر تأمين ما يصل أحيانأً الى ثلثَي القسط المدرسي. بالإضافة الى الطبابة التي بقيت مؤمّنة، حتى في أصعب الظروف.
ولو يعلمون أنّ غالبيّة المشاريع التي تُنفّذ هي نتيجة تواصل القيادة مع جهاتٍ مانحة ما كانت لتدفع دولاراً واحداً لولا ثقتها بهذه المؤسّسة التي باتت كواحةٍ في قلب صحراء من رمال الهدر والفساد وسوء الإدارة.
ربما مشكلة جوزيف عون، أنّه قليل الكلام، ورافض للبروباغندا. في لبنان، إن فعلت من دون أن تتحدّث عن إنجازاتك فكأنّك لا فعلت ولا أنجزت. يعتمد البعض أسلوباً آخر: يتحدّثون عن إنجازاتٍ غير موجودة أصلاً، وجمهورهم، الغبيّ غالباً، يصفّق لهم.
وعلى الرغم من صعوبات الأوضاع الماديّة، وكثرة الأعباء نتيجة الظروف التي يشهدها البلد، يواصل الجيش تنفيذ المهام الموكلة إليه. لم يتّصل مواطنٌ يوماً ليبلغ عن تجاوزٍ أمنيّ إلا وتحرّك الجيش. لم تكلّف السلطة السياسيّة الجيش بمهمّة إلا وقام بها على أكمل وجه. وبدل أن تتكفّل السلطة السياسيّة بتأمين حاجات الجيش الماديّة، راح البعض فيها يبتزّ القيادة أو ينتقدها.
أمّا ما تراه من عمل قيادة الجيش، فيذكّرك بالمقولة الشهيرة عن القافلة التي تسير… قافلة الجيش تسير.