مشروع خطة الحكومة.. لاسترداد أموال المودِعين أم للقضاء عليها
طالما اعتبرت الحكومة نفسها “رأس حربة” في الدفاع عن حقوق المودِعين و”استماتتها” لاسترجاع أموالهم العالقة في المصارف.
لكن، عند مقاربة مشروع قانون الحكومة الجديد لإطلاق “خطة التعافي” والذي شمل “إعادة الودائع” و”هيكلة القطاع المصرفي” و”إعادة الانتظام المالي”، نستذكر القول المأثور “أسمع كلامَك يَعجِبني..أشوف أمورَك أستَعجِب!”.
وعلى الرغم من أن مشروع القانون سيُطرح على طاولة مجلس الوزراء في جلسة خاصة به تُعقد في 22 الجاري، والذي يواجه انتقادات وتحفظات كثيرة على أكثر من بند، فالجدير ذكره أن المبدأ الذي ترتكز عليه الحكومة في هذا المشروع ولا تزال تتمسّك به إلى اليوم، هو النأي بالدولة عن أي مسؤولية في تحمّل الخسائر، وتحميلها كلها لمصرف لبنان والمصارف… بما يؤدي إلى “تعجيز” استرداد المودِعين أموالهم! وتعتبر في خطتها الجديدة أنها قادرة على ردّ 100 ألف دولار للمودِعين في حين تعتبر الودائع الباقية بمثابة ديون مؤجَّلة على أن يُخصَّص لها صندوق خاص بها.
مصدر اقتصادي متابع يستغرب عبر “المركزية” عدم شمول الخطة الإصلاحات الأساسية المطلوبة للقطاع العام! ويعدّد بعض العناوين التي يرتكز عليها مشروع خطة الحكومة:
– تبرئة الدولة وإعفائها من دفع ديونها أو جزء منها.
– إعفاء مصرف لبنان من تسديد المطلوبات والالتزامات المالية.
– شطب مُموَّه للودائع وإن اختلفت الوسائل المعتمدة للتمويه والادّعاء أن الهدف هو ضمان إعادة الودائع.
– تمويه الحقائق المرتبطة بالشطب من خلال الإيهام بأن “صندوق استرداد الودائع” أصبح أمراً واقعاً، وأن مهمة إعادة الودائع إلى أصحابها منوطة به كمؤسسة مستقلة”.
ويسأل المصدر “كيف يمكن ضمان دفع 100 ألف دولار لجميع المودِعين المؤهّلين، و36 ألف دولار للودائع غير المؤهَّلة، إذا كانت السيولة التي يمكن توفيرها من الأموال المتبقية في المركزي وفي المصارف لا تكفي لضمان نصف المبلغ المطلوب الذي جرى تقديره بنحو 28 مليار دولار؟ وما دامت أوضاع السيولة في المصارف غير متساوية، بما يعني أن عدداً لا يُستهان به من المصارف لا يستطيع تلبية شروط الخطة، فماذا سيكون مصير مودِعي هذه المصارف؟”.
ويقول: السيولة المتوفرة تُقدَّر بـ10 و11 مليار دولار بين الاحتياطي الإلزامي وسيولة المصارف، فكيف تُعِدّ الحكومة خطة بـ28 ملياراً؟! وإذا كانت تنوي بيع المصارف لجَني 4 أو 5 مليارات دولار فقط، فيبقى المجموع غير كافٍ لتسديد الـ28 مليار دولار، وتكون بذلك قد قضت على القطاع المصرفي وبالتالي على الاقتصاد الوطني!
لا بد من إقرار خطة تُعيد أموال المودِعين، إنما خطة تحمل لهم الأمل في استردادها، لا أن توهِمَهم بذلك وتقضي على آمالهم… وعلى القطاع المصرفي ثم على الاقتصاد برمّته!