ضغوط لرئيس قبيل مائدة التسويات… هذه الأسماء المطروحة
مهما قيل عن ربطٍ للملف الرئاسي اللبناني مع نتائج العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فإن ذلك لن يغير في كون موازين القوى الداخلية، وسط التوازنات الإقليمية الدولية، لا تسمح بتظهير تلك النتائج لناحية تفضيل مرشح على آخر، لا سيما ترجيح كفة مرشح قوى الممانعة سليمان فرنجية.
لكن لعل ما يخرق الركود الرئاسي الحالي يتمثل في التشدد المستجد وتظهيره بقوة من قبل قوى الممانعة، ونواتها “حزب الله”، في ترشيح فرنجية وهو ما يلجأ إليه الحزب على الدوام أوقات التوترات والحروب مع أنه يعلم تماما بأن حظوظ فرنجية انتقلت من كونه مرشحا هو الأقوى على الحلبة الرئاسية، إلى محاولة “صنع الرئيس” كما يتردد ضمن محيطه المقرب في بنشعي.
طبعا لن يعلن زعيم تيار “المردة” أو حلفاؤه، اليوم وفي هذه الظروف، عزوف الرجل عن الترشح، ويحتفظ المحور بورقة فرنجية لـ”يوم الجد” الذي يريده الحزب بعد وضع حرب غزة أوزارها ثم قد يترك له أمر الإنسحاب حسب الظروف.
والحال أن الدعوة إلى طاولة الحوار الخريف الماضي، التي أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري، لم تكن سوى لتأمين الإخراج اللائق لسحب ورقة فرنجية، لكن ليس من دون ثمن. فالمحور لمّح مرارا، وهو لا يستطيع الذهاب نحو أكثر من ذلك، من أنه على استعداد للبحث بإسم جديد شرط الجلوس محلياً على طاولة الحوار مع أخصام فرنجية، وخارجياً مع أخصام الحزب وإيران، ووضع الملفات الكبرى قيد البحث.
لكن حرب غزة صعّبت من ذلك، وبات البحث ببديل لفرنجية مؤجل إلى ما بعد الحرب غير معروفة الخاتمة الزمنية.
إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه بجدية أكثر من أي وقت مضى: هل يحتمل البلد شغوراً رئاسياً في ظل بحث الجميع عن ماهية مرحلة ما بعد الحرب في المنطقة؟
سؤال منطقي خاصة وأن المسيحيين في البلاد رفضوا وسيرفضون طرح قضايا كبرى على طاولة البحث، ليس فقط في ما يتعلق بالرئاسة، بل أيضا، وهذا مهم جدا، في ما يتعلق باستكمال الترسيم البحري، هذه المرة برياً.
فالقضايا المطروحة اليوم براً شائكة إلى حد لا يمكن مقاربتها في ظل الانقسام الحاصل ومن دون رأس الدولة الذي عليه أن يقارب قضايا معقدة مثل النقاط الـ 13 العالقة مع العدو إلى جانب الغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
ويشير متابعون عن كثب للملف الرئاسي إلى أن الحل رئاسياً يجب أن يسبق البحث إقليميا ودوليا في ماهية طبيعة النظام الإقليمي الذي سيقوم بعد حرب غزة وكيفية إرضاء الجميع.
لذا يعمل الخارج على رئيس بغض النظر عن مآلات حرب غزة.. على أن الكباش هو نفسه على صعيد المتبارين.
ففرنجية، المكابر، سيبقى في السباق وهو غير قادر على تأمين الأكثرية البسيطة للدورة الرئاسية الثانية بأصواتها الـ 65. وحتى ولو حصل على أصوات مسيحية من “التيار الوطني الحر” كجهة مسيحية وازنة، فهو عاجز عن تأمين نصاب الثلثين اللازم للدورة الثانية. مع أن رئيس التيار جبران باسيل لن يؤازر فرنجية رئاسيا وهو يعتبر أن فرنجية، على عكس السائد، ليس أقل خطورة على تياره من قائد الجيش جوزف عون. بل ان فرنجية قد يكون أخطر كونه يحفر عميقا في منظومة الحكم التي هيمنت على الحكم منذ المرحلة الأولى لحكم أرباب السلطة بعد اتفاق الطائف (الذي للمناسبة لم ينفذ أبدا كما اراده المشرعون في المدينة السعودية التي حمل إسمها).
أما لناحية العماد جوزف عون، فهو الأبرز بين متساوين.
فهو حاصل على مؤازرة، وليس فقد تأييد ودعم، الدول الغربية والخليجية الكبرى. كما بات حاصلا على قبول من “حزب الله” وبري، وحتى يتردد أن فرنجية أسرّ لمحيطه المقرب بأن عون هو الأكثر قربا إلى الرئاسة منه وبات يسعى إلى صياغة علاقة حميمة معه لما بعد وصول عون الى سدة الرئاسة.
لكن متابعين كثر للشأن الرئاسي لا يتوقفون عند شخصية برزت مؤخرا في الصراع على الرئاسة، ولم يعرها كثيرون أهمية تستحقها حتى اللحظة: الياس البيسري.
المدير العام للأمن العام بالوكالة قد يكون المنافس الأبرز لعون.
فهو شخصية محترمة ولا ملفات عليها، وبات على تقاطعات طائفية متعددة. واليوم بات حاصلا على تأييد شريحة من المسيحيين كالتيار الحر ويقبل به الثنائي الشيعي، وعلى مقبولية من الغرب والخليج، ودعم قطري في الأروقة التفاوضية. لكنه لا يزال غير متصدر بالنسبة إلى الغرب والخليج (باستثناء قطر) وقد يكون الـ PLAN B الرئاسية بالنسبة إلى المجتمع الدولي في حال اصطدم عون بفيتو إيراني أو بمعارضة “حزب الله” (وهو ما نفاه الحزب مراراً)، علما أن عون تعاون في شكل وثيق مع الحزب في ملفين بالغي الأهمية أخيرا، الجبهة في الجنوب وقبلها حادثة الكحالة.
في هذه الأثناء ينقل مطلعون على الشأن الرئاسي أن مرشحين آخرين لا يزالون مطروحين ومنهم المدير العام الأسبق للمخابرات العميد جورج خوري، الذي لا يزال مطروحاً، ويتردد أن بري طرح إسمه أخيراً، وهو يتمتع بعلاقة جيدة مع البطريرك الماروني بشارة الراعي..
لكن الأمور لا تزال مفتوحة على أسماء أخرى ومن غير المرجح أن يصل الملف الرئاسي إلى خواتيمه في الفترة المقبلة، ولو أن المساعي – الضغوطات الخارجية من قبل “الخماسية الدولية” تتكثف وباتت متجاوزة لأي مرشح طرف، بمعنى آخر سليمان فرنجية وجهاد أزعور (مرشح معارضي فرنجية لمن يذكر). وبينما بات واضحاً تأييدها لعون، إلا أنها لا تلقي اليوم بثقلها وراءه، ربما لعدم حرق إسمه، لكن تكرار سيناريو المعركة الأخيرة للتمديد له في قيادة الجيش، قد تتكرر تحت عنوان وتظهير مختلفين في المستقبل.
عمار نعمة -“اللواء”