اخبار دولية

أنفاق غ/ز/ة… هكذا شُيّدت أكبر مدينة تحت الأرض بالعالم

نشرت “القناة 12” الإسرائيلية، اليوم الإثنين، تقريراً أشارت فيه إلى مسار تطور منظومة أنفاق قطاع غزة، لافتة إلى سبب تفاجؤ إسرائيل بشبكة الأنفاق، وعن مراحل بناء أكبر مدينة تحت الأرض في العالم.

وقالت القناة الإسرائيلية إنه “لا يزال القتال في غزة مستمراً منذ 141 يوماً، والجيش يواصل العمل على تحديد موقع أنفاق حماس وتدميرها”.

وأوضح التقرير أن “الأنفاق الاستراتيجية أسفل قطاع غزة مدينة حقيقية، فهي متوغلة في العمق، ومجهزة للبقاء لفترات طويلة تحت الأرض. وهي بمثابة مراكز قيادة، وتوفر أماكن للاختباء من قوات الجيش الإسرائيلي، ويمكن استخدامها أيضاً لاحتجاز الرهائن”.

رغم معرفة إسرائيل بهذه الأنفاق منذ سنوات، لم تتقدم بشكل ملحوظ في تطوير نظرية حربية لقتال الأنفاق، وكان التدريب على حرب الأنفاق مقتصراً على وحدات متخصصة في الجيش الإسرائيلي، ولم تكن إسرائيل على علم ببعض التطورات التي أدخلتها حماس على أنفاقها، مثل أبواب الدفع، التي لم تكن مستعدة لها بإجراءات مضادة متقدمة.

واستعرض التقرير الذي بثته القناة الإسرائيلية، مراحل تطور بناء الأنفاق في قطاع غزة، والتي بدأت قبل 25 عاماً.

بدأ بناء الأنفاق منذ 25 عاماً. وأول نفق تم اكتشافه كان على حدود غزة مع مصر، وكان لتهريب الأسلحة. وكانت هذه الأنفاق تعبر الحدود أسفل “محور فيلادلفيا” الذي كان تحت سيطرة إسرائيل، وأُنشئ لمنع هذا التهريب.

حتى اليوم، بعد مرور أكثر من 20 عاماً، تدرس إسرائيل العودة إلى العمل على نفس المحور، ولأجل الهدف ذاته.

عام 2001، وقع هجوم خطير على موقع مراقبة أصيب خلاله ثلاثة جنود جراء انفجار عبوة ناسفة. وكانت هذه المرحلة الثانية لتطور الأنفاق، وكانت تتطور أيضاً تحت السيطرة الإسرائيلية في غزة.

خلال هذه المرحلة، حُفرت أنفاق متفجرة تصل إلى مستوطنات إسرائيلية في قطاع غزة، لتفجيرها من الأسفل، وألحقت هذه الأنفاق المتفجرة خسائر فادحة بالجيش الإسرائيلي.

تطور بناء الأنفاق لتصبح أنفاقاً هجومية. فمثلاً، نُفذ هجوم ناقلة الجنود المدرعة على “محور فيلادلفيا”، الذي قُتل خلاله سبعة جنود، عبر الأنفاق.

نتج عن هذا الحادث أول عملية لمواجهة تهديد الأنفاق، وكان الحل الذي توصلت إليه إسرائيل في السابق بناء حاجز كبير تحت الأرض لكن عمقه كان لا يتجاوز 4 أمتار بسبب قيود الميزانية، ولم يكن مجدياً.

تطورت الأنفاق لتعبر إلى داخل إسرائيل لشن هجمات مفاجئة واحتجاز الرهائن. وعام 2006، نُفذت عبر الأنفاق عملية اختطاف الجندي جلعاد شاليط، الذي أُطلق سراحه بعدها بخمس سنوات.

حين فرضت إسرائيل حصاراً على قطاع غزة في أعقاب صعود حماس إلى السلطة عام 2007، ظهرت عقبة جديدة: حُفرت آلاف الأنفاق لتهريب البضائع إلى غزة من مصر. واستُخدمت هذه الأنفاق لنقل مختلف الأغراض مثل الماشية والسيارات دون أي عوائق.

استهدفت عملية الرصاص المصبوب قدرة حماس على تسليح نفسها من خلال الأنفاق. وبعد هذه العملية واختطاف جلعاد شاليط، ركزت حماس على تطوير استراتيجية حربية تجمع بين التكتيكات فوق الأرض وتحتها، وإنشاء شبكة دفاع وهجوم باستخدام الأنفاق.

خلال عملية الجرف الصامد، أدركت إسرائيل حجم الأنفاق الموجودة أسفل حدودها مع غزة؛ ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى شن عمليات برية في القطاع. وخططت حماس لشنّ هجمات داخل إسرائيل باستخدام هذه الأنفاق، لكنها أُحبطت.

واستخدم مقاتلو جفعاتي منافيخ لنشر الدخان داخل النفق، وبالتالي اكتشاف مداخله والأنفاق المتفرعة منه.

وانتقد تقرير مراقب الدولة عن عملية الجرف الصامد القادة لعدم إعطائهم الأولوية لتهديدات الأنفاق، وشدد على الحاجة إلى خطط عملياتية للتخلص منها بشكل فعال.

بعد عملية الجرف الصامد، واصلت إسرائيل اكتشاف المزيد من الأنفاق حتى عام 2017. ومع إدراكها لاستمرار حفر الأنفاق، قررت إسرائيل بناء حاجز لمنع دخول الأنفاق إلى أراضيها. وفي حين أن هذا الجدار ربما نجح في سد الأنفاق الخارجية المؤدية إلى إسرائيل، كان إشارة أيضاً إلى أن إسرائيل لم تكن تفكر في العودة إلى غزة، لتترك وراءها شبكة أنفاق معقدة.

ومع تراجع التهديد المباشر المتمثل في التسلل عبر الأنفاق، بدا أن إسرائيل فقدت اهتمامها بحل مشكلة الأنفاق التكتيكية والاستراتيجية الموجودة تحت غزة.

خلال هذه العملية، تحدث الجيش الإسرائيلي بثقة عن تدمير أنفاق حماس من الجو، لكن هذا النهج أثار تساؤلات في ضوء العمليات السابقة مثل الجرف الصامد حين لم يحقق القصف الجوي للأنفاق سوى نجاح محدود.

رغم التحسن في دقة استهداف الأنفاق، ثارت تساؤلات عن فعالية الغارات الجوية على الأنفاق. وحرصت حماس على التأكيد بفخر على الفجوة بين التصريحات الإسرائيلية والواقع على الأرض وأن الأنفاق لم تتضرر.

وبعد عامين، استيقظت إسرائيل على مفاجآت كثيرة مروّعة في 7 تشرين الأول.

ووصفت تصريحات خلال الحرب هذه الأنفاق بأنها استراتيجية، وتُستخدم لإيواء الرهائن، وأنها المخبأ الرئيسي لزعماء مثل يحيى السنوار، وأنها شبكة معقدة استُثمرت بها مبالغ هائلة. ورغم كل هذه التصريحات، فحجم هذه الأنفاق لا يزال مفاجئاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى