خطورة في الملف النفطي: شركات “صغيرة” بدلاً عن “توتال
تختلط الضبابية مع الخيبة في ملف ثروة لبنان النفطية، نتيجة التضارب في الخطوات والقرارات التي تأتي من وزارة الطاقة وحكومة تصريف الأعمال من جهة وقرارات كونسورتيوم الشركات التي تتولى أعمال التنقيب وخصوصاً “توتال” من جهةٍ أخرى. وما زاد من التعقيدات والغموض في هذا المشهد، هو الحديث من قبل الشركة الفرنسية التي تخلّت عن الإتفاق مع الدولة، بسبب ما سمّته “شروطاً مجحفة”، بنتيجة التعديلات على اتفاق التلزيم، وبالتالي تخلي الشركة الفرنسية عن البلوكين 8 و10، وإن كانت ما زالت تحافظ على البلوك 9 ومن دون أن تقرر لأسباب سياسية وأمنية بالدرجة الأولى، حفر بئر ثانية، على الأقل في الوقت الحالي.
وفي هذا الإطار، تقول الخبيرة في شؤون الطاقة المحامية كريستينا أبي حيدر ل”ليبانون ديبايت”، إن حكومة تصريف الأعمال، كانت قد منحت وزارة الطاقة وهيئة إدارة قطاع البترول، مهلةً للتفاوض مع “توتال”، ولكن لم يتمّ الإتفاق على الشروط والتعديلات المالية التقنية والزمنية التي أقرتها الحكومة في كانون الثاني الماضي. وتكشف أبي حيدر، أن هذه النتيجة تعيد الأمر إلى بداية النقاش في الملف النفطي، وتطرح تساؤلات حول أسباب ردة فعل “توتال” على ما عرضته وزارة الطاقة من شروط والتي اعتبرتها توتال شروطاً مجحفة، متسائلةً: “هل كانت الشروط السابقة مناسبة وجيدة للشركة ومجحفة للبنان؟”.
وتؤكد أبي حيدر على أهمية الإجابة عن العديد من التساؤلات حول المسار الذي يسلكه ملف اللتنقيب عن النفط والغاز، خصوصاً وأن الضجة السياسية التي رافقت بدء الحديث عن الثروة النفطية، والحملات التسويقية التي كانت تتحدث عن أن لبنان بلد نفطي، قد أدت إلى خيبة أمل كبيرة لدى اللبنانيين بعد النتائج السلبية في البلوك رقم 4 كما في البئر التي تمّ حفرها في البئر رقم 9 ثم انسحاب “توتال” من الإتفاقية حول البلوكين 8 و10، رغم أنها كانت ستملك الفرصة مع الكونسورتيوم، الفرصة لاحتكار عمليات التنقيب والإستكشاف.
وعليه، تعتبر أبي حيدر أنه “على لجنة الاشغال والطاقة النيابية مجلس النواب استدعاء وزير الطاقة ومساءلته حول ما طرحه عن تعديل لشروط التلزيم وأسباب ترك توتال أو كونسورتيوم الشركات النفطية للبلوكين المذكورين”.
إلاّ أن أبي حيدر، تستدرك بأن وزارة الطاقة قد فتحت دورة تراخيص ثالثة حتى حزيران، وهو ما يدعو إلى ترقب موقف وقرار “توتال” لجهة العودة إلى حفر بئر جديدة في البلوك رقم 9 وذلك بعد اتضاح الوضع السياسي والأمني في لبنان، وبالتالي ترقب ما إذا كانت “توتال” ستقدم عرضاً وتعود أو أن تتقدم أي شركة أخرى.
وعلى هذا الصعيد تتحدث أبي حيدر عن خطورة برزت في الملف النفطي، وتكمن في إشارة وزير الطاقة وليد فياض، عن تعديل دفتر شروط التلزيم من أجل فتح المجال أمام شركات “أصغر”، معتبرةً أنه “إذا كانت توتال تخلت عن التنقيب في البلوكين 8 و9، فمن هي الشركات الصغيرة، التي ستلتزم العمل، إلاّ إذا كانت هناك شركة تنتظر تحت الطاولة”.
وتشدد أبي حيدر على أن “الأمر لا يتعلق بمناقصة عادية لوزارة الطاقة أو تلزيم لمشروع، بل هذا التعاطي يتعلق بثروة لبنان النفطية وهذا ملف يخصّ كل اللبنانيين وثروة يملكها الشعب اللبناني وهي ملك للأجيال القادمة، ويحدد مصيرها المجلس النيابي الذي يمثل الشعب، وهي ملك للأجيال القادمة، قد كرّسها الدستور ملكاً للشعب، فما الذي تغيّر حتى انتقلنا من بلدٍ نفطي إلى بلد غير نفطي؟”.
من هنا، تضيف أبي حيدر، إن تسريب التوجه نحو تعديل دفتر الشروط، والحديث عن عوامل سياسية أو “مؤامرات” خارجية، يزيد من الشكوك حول ما يتمّ العمل عليه في ملف ثروة لبنان النفطية، ذلك أن التعاطي يجب أن يكون مهنياً، خصوصاً وأن “الوزارة قدمت كل شيء لتوتال، لكنها رفضت، وبالتالي يجب أن يتمّ التعاقد مع شركة نفطية أخرى، وليس تعديل دفتر الشروط لتتلاءم مع شركات أخرى صغيرة وغير معروفة”.