إعلان “الفيتو” الشيعي على قائد الجيش
ليبانون ديبايت – محمد المدني
لعبة الأسماء، هي المرحلة الأكثر خطورة في الإستحقاق الرئاسي حيث يحرص كل فريق على عدم حرق إسم مرشحه، كي يتمكّن من البقاء داخل السباق، ولأن المسار الرئاسي شهد احتراق عدد لا بأس به من الأسماء، كان آخرها الوزير السابق جهاد أزعور.
وبما أن مبادرة كتلة “الإعتدال الوطني” لم يكتب لها النجاح، فإن أحد أهم أسباب سقوطها كان الدخول في الأسماء. ليس صحيحاً أن الإهتمام يتركز فقط على المواصفات. أبداً، بل كل التركيز ينصبّ على إسم الرئيس القادم، فالكلّ سيادي من وجهة نظر داعميه، والكلُ إصلاحي من وجهة نظر مؤيّديه، لكن للموضوعية فإن الخلاف الرئاسي المتعلّق بالأسماء ينحصر بأمر واحد فقط، هل هذا المرشّح مع أو ضد “حزب الله”؟
صحيح أن مبادرة “الإعتدال الوطني” لم تحقّق خرقاً جدّياً في جدار الأزمة الرئاسية، إلاّ أنها كشفت عدّة أمور هامّة يجب وضعها بين يدي الرأي العام. أهمّها استحالة إيصال أي ماروني إلى سدة الرئاسة إلاّ بموافقة ومباركة الثنائي الشيعي.
الأمر الثاني هو استحالة فصل الرئيس نبيه بري عن حليفه “حزب الله”. الطرفان على قلب رجل واحد في هذه المعركة، وكلما زاد تمسّك الحزب برئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، كلما زاد إصرار الرئيس بري على خوض معركة فرنجية. هذا الترابط بين الثنائي يجعل فرنجية مرشحاً لا يمكن المسّ به أو إسقاطه من المعادلة، وقد تمكّن فرنجية حتى اللحظة من الإطاحة بمرشّحين للمعارضة، الأول ميشال معوّض والثاني جهاد أزعور.
الأمر اللافت هو أنه خلال المناقشات التي دارت على طاولة السياسيين تحت سقف مبادرة “الإعتدال” التي تضمّنت في مرحلتها الثانية تصفية الأسماء وانتقاء اثنين منها أو ثلاثة فقط للدخول بها إلى جلسات الإنتخاب، حاولت قوى المعارضة فرض شرط بسحب إسم فرنجية، هذا الطلب المرفوض من قبل الثنائي أطاح بكل شيء.
من جهة أخرى، علم أن الثنائي الشيعي لم يوافق على وجود إسم العماد جوزف عون بين الأسماء، ولعلّها المرة الأولى التي يظهر “الفيتو” الشيعي على قائد الجيش. وهذا ما أثار استياء الغالبية العظمى من قوى المعارضة، والتي لم يعد خافياً على أحد أنها تخوض معركة الجنرال عون.
كل تلك المحاولات والتجارب وآخرها مبادرة كتلة “الإعتدال”، أعادت الأمور إلى المربّع الأول، وأكّدت العجز عن إنتاج تسوية داخلية طالما أن المقاربة لم تتغيّر، بحيث يدخل الفريقان بمنطق التفاوض حول سلّة تتضمّن مطالب لكليهما فيخرجا منها بمنطق رابح – رابح، وإلاّ فمن الصعوبة القصوى، إن لم يكن من المستحيل، خروج كليهما رابحاً إذا بقي التجاذب بينهما محصوراً فقط بإسم الرئيس.
لذلك، تتجّه الأنظار إلى الحركة الخارجية وأبرزها حركة الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين، بحيث أن شروط التوصّل إلى تسوية خارجية للبنان أضحت أعلى حظوظاً من التسوية الداخلية المستحيلة مع المنطق المتشدّد السائد حالياً في موقف الكتل النيابية.