اقتصاد

زيادات الضمان الإجتماعي

عبدالرحمن قنديل – “اللواء”
لا شك أن الإنهيار المالي في البلد، كان لتعدد أسعار الصرف وتقاعس الدولة عن تعديل الرسوم والإشتراكات بالسرعة اللازمة، باعتباره الأثر الكبير في تعميق الفجوة المالية لمؤسساتها، وخصوصا الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي يحتاج أكثر من غيره الى رعاية استثنائية تتأتى من استثنائية دوره ووظيفته في حماية الأمن الصحي والإستشفائي والإجتماعي لمعظم الطبقة العاملة في لبنان ما جعل الإشتراكات في الضمان الإجتماعي عند الحدود الدنيا في موازاة الإرتفاع الجنوني لفواتير الطبابة والإستشفاء وغيرهما.
تحركت إدارة صندوق الضمان من خلال اتخاذها إجراءات بما يخدم التوازن المالي في الصندوق ما أمكن، من خلال التعاميم الأخيرة التي حدد فيها الضمان الحد الأدنى للإشتراكات ب20 مليون ليرة، والطلب بإحالة مَن تدور حوله شبهة إلتفاف على القانون أو تهرّب، إلى «مديرية التفتيش والمراقبة» لإجراء المقتضى وسط إعتراضات من أصحاب العمل والهيئات الإقتصادية لعدم قدرتهم وقدرة المواطنين على تحمل هذه الزيادات باعتبارها مكلفة على التجار وتعتبرها أحد الأسباب التي تساهم بخسارة اليد العاملة اللبنانية وإستبدالها بجنسية أخرى ولكن من هو المحق في نهاية الأمر؟


أوضح المدير العام لصندوق الضمان الإجتماعي محمد كركي في حديث لـ«اللواء» بأنه يتم أخذ الأمور بواقعها غير الصحيح وكأن مدير عام الضمان هو الذي يحدد الحد الأدنى للأجور،وكل هذا الموضوع هو خلاف للواقع والحقيقة لأن هناك لجنة مؤشر يرأسها وزير العمل وتتكون من الهيئات الإقتصادية والإتحاد العمالي العام فهم من يقوموا بالإتفاق حول هذه الأمور التي ينتج عنها مرسوم في مجلس الوزراء وبالتالي فإن المدير العام الضمان الإجتماعي لا علاقة له بالموضوع.
وأكد كركي أن ما تم القيام به هو وفقاً لقانون الضمان الإجتماعي الذي يحمل المدير العام المسؤولية حول تحصيل كل أموال الضمان الإجتماعي، وبالتالي قمنا بتعميم يقول للمستخدمين في الضمان الإجتماعي بأن الذي يصرح بأقل من 20 مليون سيتم إحضار مديرية التفتيش والمراقبة لتتحقق من صحة هذا التصريح من عدمه ولم يتم إجبار أحد على الـ20 مليون،أو التغيير بشكل كلي.


وكشف أن كل الذي جرى تعلق بشكوكنا حول إمكانية أي شخص في لبنان يستطيع أن يعيش ب 20 مليون،وبالتالي عندما يتم وضع 20 مليون،في رأينا بأن هناك شكاً في صحة هذا التصريح لذلك وجب إحالته للتفتيش ،وسبب الجدل حول هذه الزيادات يتعلق بتبيان بأن معظم أصحاب العمل في لبنان لا يريدون أن يأتي «التفتيش» لأن كل الأجور المصرح عنها ليست صحيحة،والسبب هو عدم التصريح سوى ب10% من الأجور الحقيقية،أي أن الذي يحدث على أرض الواقع هو التصريح للضمان بأن أجر العامل هو 9 ملايين ليرة أي (100$) وهو فعلياً يأخذ 900$ «برَاني» بدون التصريح للضمان وبالتالي يقوم بحرمان الضمان من إشتراكات على الـ900$ بسبب التصريح بـ100$ فقط .

ولفت إلى أن الضمان الإجتماعي يقوم بتحصيل 10% من الإشتراكات الواجب تحصيلها بدلاً من تحصيل الإشتراكات اللازمة بسبب عدم التصريح عن الأجور الحقيقية،عندما كان يتم التصريح عن الأجور الحقيقية عندما كانت الأجور بالليرة كانت الأمور سليمة أما الآن مع التصريح عن 10% من الأجور وإخفاء 90% منها فضلاً عن الدولرة الشاملة،وبالتالي إذا هناك 90% من الأجور غير مصرح عنها فمن أين يستطيع الضمان الإجتماعي أن يحضر الأموال لكي يعيد الدفع للمواطنين كما كان يحصل في السابق؟
واعتبر كركي أن بين 90 إلى 95% من أصحاب العمل لا يصرحون عن الأجور الحقيقية و5% منهم قد يكون يقومون بالتصريح عن الأجور الفعلية،أما الباقي فيهرب الأجور «من تحت الطاولة» لكي لا يصرحوا عنها للضمان،وهذا يعني أنهم لا يريدون أن يسترد الضمان الإجتماعي عافيته لكي يغطي التقديمات الصحية كما كان يجري سابقاً،ولا يريدون أن تزيد تعويضات الناس أو «تعويضات نهاية الخدمة»،وبالتالي كل شيء يريدونه هو من خارج النظام المتبع من خلال شراء بطاقات تأمين من شركات تأمين خاصة وتكون تكلفتها أكبر من الضمان وهذا غير منطقي فلا يستطيعون العيش خارج النظام والقانون .

أكد رئيس الهيئات الإقتصادية محمد شقير على رفض الهيئات الإقتصادية لزيادة الـ20 مليون لأننا سنصل إلى سعر الـ15 مليون ورفضنا يأتي لسبب أساسي وهو أن المشكلة ليست في بيروت وجبل لبنان لأن الرواتب أعلى،ولأن الحد الأدنى للأجور الإلتزام به واجب لكل المؤسسات في لبنان،ولكن هناك مناطق سواء في الشمال أو عكار أو الجنوب لا تتحمل هذه الزيادات والناس بشكل عام لا تتحمل هذه الزيادات لهذا السبب هناك رفض من قبل الهيئات الإقتصادية لهذه الزيادات.
ولفت شقير في حديث لـ«اللواء» إلى أن في بيروت لم يعد هناك 150 أو 200 أو 300 مليون حتى،ولكن هناك مناطق فقيرة لا تتحمل هذه الزيادات ولا نريد خسارة اللبناني والقيام بتوظيف جنسية أخرى من أجل الإسترخاص وتصبح النتيجة أن اللبناني هو العاطل عن العمل.


واعتبر أن هذه لزيادات تؤثر على «التجار الصغار» في المناطق خاصة من هم خارج بيروت وجبل لبنان،وقانوناً إذا الضمان الإجتماعي وقع في عجز فواجب الحكومة القيام بدعمه بالرغم من وضع الدولة الذي نعرفه جميعاً ،ومن الطبيعي عندما نقول رفع الحد الأدنى فهو بالتأكيد من أجل إستفادة الضمان ويزيد مداخيله لتزيد النسبة التي يعطيها للمضمونين.
وشدد شقير على أنه ليس عدلاً لوم الضمان الإجتماعي لأن الضمان إنخفض بنسبة 90%،فالضمان إذا لم يزد إراداته فلا يستطيع القيام بزيادة خدماته وهذا الأمر مأخوذ في عين الإعتبار،إنما هناك أيضاً قطاع لم يعد قادر على التحمل والصمود خصوصاً أن الجنوب اليوم في حالة حرب ومؤسسات كثيرة لا تستطيع التحمل لهذا يجب مراعاة الجميع ،فيجب الوصول إلى حل يرضي الجميع.


أكد رئيس الإتحاد العمالي العام بشارة الأسمر في حديث لـ»اللواء» إلى أنه أسيء فهم مذكرة مدير عام الضمان الإجتماعي،لأنه لم يزيد بسبب منع المسجلين في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي تحت الـ 9 ملايين ليرة،أي أن أصحاب العمل مجبرين على التصريح من الـ 9 ملايين ليرة أقله وما يزيد حسب الأجر فإذا الأجر كان 50 مليون يجب التصريح بـ 50 مليون على سبيل المثال.
ولفت الأسمر إلى أن الحقيقة على أرض الواقع أن هناك جزء كبير من الهيئات الإقتصادية يعمد إلى تسجيل الموظفين والعمال والأجراء التابعين لهم في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي بـ 9 ملايين ليرة مهما كانت رواتبهم ،وكمجلس إدارة طالبنا من مدير عام الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي أن يتحرك من أجل أن يكون هناك تفتيش على هذه المؤسسات.


وكشف إلى أن المدير العام لصندوق الضمان وضع حد لكل من هو مصرح تحت الـ20 مليون من خلال خضوعهم لتفتيش ليتمكن من النظر في صحة التصريح عن الأجر من عدمه،فإذا هناك من صرح عن أجره ب 15 أو 17 مليون وكان التصريح صحيح فهذا لا يسبب أي إشكال فمجاله مفتوح،إنما أن يدفع صاحب العمل 30 أو 40 أو حتى 50 مليون ويصرح بـ 9 ملايين فهذا غير مقبول إطلاقاً
وشدد على أن خطوة المدير العام لصندوق الضمان الإجتماعي هي خطوة بالإتجاه الصحيح لأنها تضمن إمكانية التصريح عن الأجر الصحيح،والتحديد الفعلي لهذا الأجر لأن هذا التصريح يرفض الضمان بمبالغ إشتراكات كبيرة ،ويؤهل الضمان بأن يعيد تقديماته إلى سابق عهدها أي إستشفاء 90% وطبابة 80%.


واستغرب الأسمر سبب إستثار الهيئات الإقتصادية لهذا الأمر باعتباره غير مفهوم لأنه لا يوجد أي سبب لهذه الإستثارة لأن الذي يصرح عن الأجر الصحيح فهو لا يهمه إذا كان الأجر 13 أو 20 أو 50 مليون،أما أن يصرح عن الأجر أقل بكثير مما هو فهذه هي المشكلة التي جهدنا مع مدير عام الضمان الإجتماعي أن نتلافاها من خلال حد أدنى من التفتيش لكي يظهر من هو الذي يتقيد بقوانين الضمانويصرح فعلياً عن الأجور كما هي ومن يتهرب عن التصريح عن هذا الأجر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com