ميكانيكي يبيع الزلابية في رمضان… ويقليها بزيت السيارات
يبدو شكلُ الأحياء في الجزائر العاصمة مختلفا في شهر رمضان، ذلك أن الكثير من التجار والحرفيين يُغيّرون نشاطهم، فتُغلقَ محلات وتُفتحَ أخرى.
في حين تُغطي طاولات الحلوى التقليدية الأرصفة والمساحات العمومية، حتى إن الحلاق والميكانيكي والنجار، كلهم يتحولون إلى بيع “الزلابية” و”قلب اللوز”.
فجولة واحدة في الأحياء الشَّعبية للجزائر العاصمة، قبيل حلول رمضان، تجعلك تلاحظ حركة تجارية غير اعتيادية.. جزائريون يملأون الفضاءات التجارية، تحضيرا لأولى أيام الشهر، مقاهي ومحلات أكلات سريعة تُقفل أبوابها ويأخذ أصحابها عطلتهم السنوية.
بينما يزداد نشاط محلات الحلويات التقليدية، يزدادمع ترقب إقبال متزايد على منتجاتها.
من النقيض إلى النقيض
لكن أصحاب بعض التجارات التي تشهدُ ركودا خلال رمضان، مثل المطاعم، والمقاهي ومحلات الأكل السَّريع، لا يكتفون بتعليق نشاطهم حتى انقضاء الشهر، وإنما يغيرونها تماما، ويحولون مساحاتهم التجارية من النقيض إلى النقيض.
وإن اعتاد الجزائريون على تحول المقاهي ومحلات الأكل السريع لبيع الحلويات التقليدية، فإنَّ الذي لم يعتادوه، هو أن يُوقف ميكانيكي نشاطه تماما ويحوله لبيع حلوى “الزلابية” الشهرية، التي يزيد الإقبال عليها في شهر الصيام.
“سخرية واستغراب”
“العربية.نت”.. تنقلت في الحي الشَّعبي بوزريعة، حيث التقت “عمي عمار” الميكانيكي، الذي كان يتلقى تعليقات أبناء الحي التي امتزجت بين السخرية والاستغراب، وهو يهيئ محله ليُحَوِلَه من تصليح السيارات والعربات، إلى بيع الحلوى.
“واش عمي عمار .. وقيل توكلنا روتيلا في هذا رمضان ..” (ما الخطب العم عمار.. هل ستجعلنا نأكل قطعة روتيل في شهر رمضان)، قال أحدهم قبل أن يقهقه عاليا.
ما راحش تقلي بزيت السيارات
فيما علّق آخر: “ياك ما راحش تقلي بزيت السيارات” (طمئنا أنك لن تستخدم زيت السيارات في طهي الحلوى).
إلا أن “عمي عمار” كان يُبدي شيئا من الانزعاج أحيانا، لكنه عموما تفاعل بشكل إيجابي مع أبناء الحي، بل كان شاركهم الضحك في مرات كثيرة.
أما أوَّل ما قاله لنا، عن السَّبب وراءَ هذا القرار، فكان: “.. أنا في هذه المهنة منذ أزيد من 25 سنة.. الجزائريون يُؤجلون إجراء أيّ تصليحات على سياراتهم في رمضان.. فميزانيتهم الشَّهرية يُخصصونها للمشتريات اليومية، فضلا عن التحضير لاِستقبال عيد الفطر، وإنفاق مصاريف أخرى .. وبالنسبة إلي، فإنني أحتاج إلى ميزانيةٍ إضافية لأتمكن من تغطية مصاريفي”.
لكنه أخبرنا أنه ليس دخيلا على مهنة الحلوى، إذ أوضح قائلا: “.. أعمامي كلهم من بوفاريك (منطقة جنوب الجزائر العاصمة مشهورة بهذه الحلوى)..وحين كنت صغيرا كنت أقضي رمضان هناك، وأُساعدهم في صنع حلوى “الزَلابية”.
ومن بين الحالات الغريبة التي رصدناها أيضا، ما فعله محمد، وهو حلاق له محل في بلدية الأبيار، غير بعيد عن وسط الجزائر العاصمة. يعمل بشكلٍ عادي خلال نهار رمضان، لكنه عادة ما يُخصص مساحة محله ليُحَوِّلها إلى قاعة للعبة “الدّومينو” الشَّهيرة في الجزائر. وقال: “.. في الحقيقة، لا أفعل ذلك لأجني أموالا إضافية، ولكن فقط لأصنع جَوًا استثنائيا، وسهرات رمضانية جميلة رفقة أبناء الحي والأصدقاء، خاصة وأن الكثير من الأصدقاء قد غادروا الحي ليسكنوا مناطق أخرى، في الفترة الأخيرة، لكن هذه السهرات ستمكننا من الالتقاء من جديد”. (العربية)