الدولار “المشبوه” في كل مكان… من يراقب الإقتصاد الأسود
قد يكون الحل الأمثل لأن يبقى لبنان بمنأى عن أية عقوبات أميركية أو دولية، هو الإمتثال بالمعايير الدولية لمكافحة أي عمليات تبييض أموال أو تمويل لإرهابيين، وذلك من خلال بناء مؤسسات رقابية مالية وعبر تعزيز دور الدولة وانتظام عملها واستعادة الثقة بالقطاع المصرفي، فيما المعبر إلى الحلول، يكون في انتخاب رئيسٍ للجمهورية يؤمن هذا الإنتظام، ويحمي لبنان من أية شكوك أو اتهامات تطرق إليها وفد الخزانة الأميركية الذي زار بيروت أخيراً، في محاولةٍ للتدقيق في أية عمليات مالية أو أنشطة إرهابية في الأسواق المالية التي باتت تعتمد على الأموال النقدية.
ويستبعد خبير إقتصادي وعلى تماس مع الأزمة المصرفية، أن تكون زيارة الوفد المالي الأميركي دورية، معتبراً أن الوفد الأميركي أراد متابعة المسار الذي تسلكه كميات ضخمة من الدولارات النقدية المتداولة في لبنان، حيث بات اللبنانيون يستخدمون الدولار الكاش في كل تعاملاتهم اليومية، فيما الموجودون منهم في الخارج يحملون حقائب الأموال معهم نقداً إلى لبنان سواء عبر المعابر الشرعية أو المعابر غير الشرعية، من أجل تكديسها في المنازل والشركات والمؤسسات الخاصة، بعدما خسر الجميع من مقيمين ومغتربين ودائعهم في العام 2019 عندما انهار القطاع المصرفي.
ويكشف الخبير الإقتصادي ل”ليبانون ديبايت”، أن القطاع المصرفي هو الوعاء الذي يستوعب كل الأموال النقدية ويحول دون أي تعاملات بالكاش، كون العمليات والمالية والتحويلات داخل لبنان وخارجه، وهو بالتالي “الضابط” لحركة الأموال، بينما ومنذ سنوات الأزمة الأربعة، تحول لبنان تدريجاً إلى الإقتصاد النقدي، من خلال شركات صرافين غير شرعيين وشركات مالية غير شرعية وتمويل نقدي بعيداً عن أي رقابة بعدما فقد اللبنانيون الثقة بالمصارف وتحولوا إلى هؤلاء الصرافين الذين بات عددهم بالآلاف إضافةً إلى الشركات المالية لتحويل الأموال من جهة، فيما ازدهر الإقتصاد غير الشرعي أيضاً نتيجة أعمال التهريب والتجارة غير الشرعية والسوق السوداء، حيث يجري التداول بملايين الدولارات النقدية من أجل إتمام عمليات شراء السيارات والمنازل وللتجارة وحتى الشرعية منها.
وعن مسؤولية الأجهزة الرسمية والمصرفية الرقابية كما الحكومة والمجلس النيابي، يشير الخبير الإقتصادي إلى إن السلطات الرسمية، ما زالت حتى اللحظة، تعامل مع انهيار المصارف بطريقة غير مسؤولة، علماً أن إعادة هيكلة القطاع المصرفي، هو السبيل الوحيد إلى مواجهة اقتصاد الكاش الذي بات يهدد سمعة لبنان، ويجعله تحت الرقابة الأميركية ويسرّع من تصنيفه ضمن الدول المسهّلة لتبييض أموال المخدرات وتمويل الإرهاب.
إلاّ أنه في الوقت نفسه، يستبعد الخبير الذي واكب مراحل الأزمة المصرفية، أي إمكانية لأن تتمّ عمليات تمويل حركة “حماس” عبر الأسواق اللبنانية، لكنه يؤكد أنه من الصعب مراقبة العمليات المالية في اقتصاد غير شرعي ونقدي، وبأن الحلول تتركز في العودة لقطاعٍ مصرفي صحيح، يحول دون الإقتصاد الأسود في لبنان، والذي يهدد بتعريض لبنان للعقوبات الأميركية وصولاً إلى احتمال خروجه عن الإطار الدولي.