اخبار محلية

من منشآت النفط إلى تهريبه”.. أورور فغالي تُخاصم الدولة

لم نُضطر للانتظار طويلاً ليتبيّن لنا مدى جدية رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، بأن يقدّم نموذجاً مميزاً بمكافحة الفساد عبر رفضه القيام، بما يقوم به غيره، بتأمين الحماية السياسية والطائفية للمتهمين في قضايا فساد. فالمديرة العامة السابقة للنفط والتي شغلت منصب مستشارة في وزارة الطاقة، أورور فغالي، والمتهمة في قضية سرقة المازوت من منشآت النفط في طرابلس، قررت مداعاة الدولة، لوقف القضية ورفض استجوابها.

منذ عامين بدأ التحقيق في قضية سرقة المازوت من منشآت النفط في طرابلس، وفي أيلول الماضي ادّعت قاضية التحقيق الأول في الشمال سمرندا نصار على أورور فغالي، واستدعيت للاستجواب، إلى جانب الإدعاء على موظفين بمديرية النفط في بيروت، ليصبح عدد المدعى عليهم بجرائم هدر المال العام والتقصير، واستغلال الوظيفة العامة والإثراء غير المشروع، سبعة موظفين، ويومها كان قرار نصار تجميد كل أموال المتهمين المنقولة وغير المنقولة بالداخل والخارج وكشف السرية المصرفية عن حساباتهم، ومنعهم من السفر أو العودة إلى العمل.

أورور فغالي تهرب!
بعدها، وحسب ما تكشف مصادر قضائية عبر “المدن”، استُكملت التحقيقات بعد التوسع بها، ولكن الاستجواب لم يحصل بسبب تقديم دفوع شكلية من قبل محامي فغالي. وبعد سقوط الدفوع الشكلية، قررت فغالي الهروب إلى الأمام من جديد و”مداعاة الدولة”. أي أنها قررت الادعاء على القاضية نصار بدعوى مخاصمة الدولة عن أعمال القضاة العدليين لتوقيف الملف برمّته.

تؤكد المصادر القضائية أن دعوى مخاصمة الدولة التي تُرفع أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، وتكون طريق الطعن الأخير أمام المتهم، بحال اعتبر القرار المبرم بحقه ظالماً، وبالتالي من شروطها أن يكون هناك حكم مبرم، وهو ما ليس متوفراً في ملف منشآت النفط في طرابلس، وبالتالي مصير الدعوى الرد شكلاً. ولكن معضلة الهيئة العامة لمحكمة التمييز معروفة للجميع، حيث أصبحت الهيئة كقميص عثمان لكل من يُريد عرقلة ملفات قضائية أساسية، مثل ملف انفجار مرفأ بيروت على سبيل المثال.

لماذا كل هذا الجنون؟
حسب معلومات “المدن”، تبلغت القاضية نصار برفع يدها عن الملف ووقف كل أعمال التحقيقات فيه، لحين البتّ بطلب مداعاة الدولة. ولكن بالنظر إلى طبيعة المسألة المتعلقة بسرقة 600 ألف ليتر من المازوت، والاتهامات الموجهة إلى فغالي والتي تتعلق بهدر المال العام والتقصير، واستغلال الوظيفة العامة والإثراء غير المشروع، قد يقول البعض أن المسألة لا تستأهل كل هذا القتال لأجل الهروب من الحكم فيها. ولكن وفق معلومات “المدن”، فإن المسألة أكبر بكثير من 600 ألف ليتر مازوت. وهو ما جعل هذه القضية على درجة كبيرة من الأهمية والمتابعة.

حسب المعلومات أيضاً، فإن القاضية نصار عندما ادعت على فغالي العام الماضي قررت التوسع بالتحقيق في الإدارة المركزية وشركات النفط وغيرها. وقد بدأت تتكشّف بعض الأمور التي لها علاقة بأموال الدعم التي صُرفت على النفط، وفضائح الدعم والتهريب والتخزين، لذلك كانت الحرب على القضية التي بدأت من نقطة صغيرة ليتسع “البيكار” بعدها.

مسرحاً للأبقار والأغنام
في انتظار كل هذا العقم القضائي، وبظل دعم سياسي يُمنح لكل متهم، ما يجعل ملاحقة الفساد أمراً مستحيلاً، تترك وزارة الطاقة منشآت طرابلس “سائبة” للأبقار والأغنام، وكل ما حُكي عن إصلاحها وتحويلها إلى النظام الرقمي لا يزال مجرد أحاديث “لا رباط عليها”، وذلك على الرغم من كل التقارير التي تحدثت عن وجود مواد شديدة الخطورة فيها وقابلة للانفجار.

في هذا الملف تم توقيف واستجواب موظفين تابعين لأحزاب يتهمها رئيس التيار الوطني الحر بتغطية الفاسدين، ورفض خضوع الموظفين للمحاسبة. ولكن ذلك لم يحصل عندما وصل الأمر إلى فغالي ووزارة الطاقة، لتضيع الشعارات الرنانة. فعند الفساد تسقط كل المبادىء، والذنب يطال الجميع حتى يثبت العكس.

محمد علوش – المدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com