من أجل العرب.. هل يتخلى بايدن عن نتنياهو
زادت حدّة النبرة الأميركية تجاه تل أبيب خلال الساعات الأخيرة، وأرجعتها وسائل إعلام إسرائيلية ووثيقة أميركية مسرّبة إلى القلق على فرصة الرئيس الأميركي، جو بايدن، في الانتخابات الرئاسية، وسمعة أميركا، والضغوط التي تمارسها دول في المنطقة لوقف الحرب على غزة.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية “مكان”، السبت، عما وصفته بدبلوماسي من إحدى الدول العربية، أن لقاء وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، وزراء خارجية مصر والأردن والسعودية وقطر ووزيرة الدولة للتعاون الدولي بدولة الإمارات في القاهرة، الخميس، كان يهدف إلى:
إظهار جبهة عربية واحدة فيما يخص ملفات ترتيب عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، وتوصيل المساعدات الإنسانية، ووقف إطلاق النار فورا.
حثّت هذه الدول العربية بلينكن على ممارسة ضغوط على إسرائيل لوقف إجراءاتها الهادفة لإضعاف السلطة الفلسطينية.
من جانبها، عزت جريدة “يديعوت أحرنوت” تشديد إدارة بايدن لهجتها تجاه إسرائيل، إلى أنها “تتعرض لضغط كبير من بعض الدول العربية لوقف الحرب في غزة، وخوفا من فقدان دعم كثير من الأميركيين في الانتخابات المقبلة”.
ورصد تقرير الجريدة الإسرائيلية بعضا من ملامح التوتر في الأيام الأخيرة:
- رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، شخص غير مرغوب فيه داخل اليسار الأميركي، وبايدن قد يتخلّى عنه لتهدئة القاعدة الديمقراطية والتقدمية، التي تنتقد دعم بايدن له.
- لدى الإدارة مصلحة راسخة في الحفاظ على علاقات جيدة مع الدول العربية التي تضغط لفرض إطلاق النار.
- نائبة الرئيس الأميركي، كمالا هاريس، قالت في كلمة أمام حشود بولاية ألاباما، 3 مارس الجاري، إن غزة تشهد “معاناة هائلة”، ودعت إلى وقف فوري لإطلاق النار، وكانت هذه المرة الأولى التي يستخدم فيها مسؤول أميركي كبير هذه الكلمات.
- في مقابلة صحفية، سُئل بايدن عن خطه الأحمر بالنسبة إلى إسرائيل، وما إذا كان ذلك يشمل عمليتها البرية المزمعة في رفح، ولم يجب عن السؤال مباشرة، لكنه قال إنه سيكون من المستحيل تحمل 30 ألف قتيل آخر من سكان غزة.
- ذكرت تقارير أن موظّفي الإدارة يفكّرون في خرق جميع القواعد لجعل المساعدات العسكرية الإسرائيلة مشروطة بعدم استخدامها في رفح.
- هناك أيضا إشارة إلى الامتناع عن استخدام حق النقض (الفيتو) الأميركي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في قرارات قادمة.
وثيقة أميركية مسرّبة
في تسريب وثيقة داخلية لوزارة الخارجية الأميركية، كشفته شبكة الإذاعة الأميركية NPR، مكتوبة الأسبوع الماضي، ظهرت مخاوف داخل الإدارة الأميركية من نتائج سياسة إسرائيل في غزة حاليا، ومما جاء فيها، وفق ما نشره موقع قناة “I24News” التي تبث من تل أبيب، السبت:
- إسرائيل ترتكب “خطأ استراتيجيا كبيرا” في سياستها مع غزة.
- الحرب الجارية تسببت في وجود “مشكلة مصداقية” كبيرة للولايات المتحدة وإسرائيل.
- سمعة إسرائيل تتضرر عالميا.
- هناك حاجة إلى ضغط دبلوماسي لتغيير مسار الأحداث.
بلينكن لنتنياهو: “أنت لا تفهم”
وجّه بلينكن تحذيرات حادة مباشرة إلى نتنياهو خلال زيارته الجمعة لإسرائيل، ورد عليها نتنياهو بما يفيد إصراره على استكمال سياسته في غزة.
وفق ما أورده موقع “تايمز أوف إسرائيل” السبت، بهذا الشأن:
- قال بلينكن إنّ إسرائيل ستظل عالقة لسنوات في غزة إن أصرّت على اجتياح مدينة رفح، ولم تكن لديها خطة لليوم التالي لانتهاء الحرب.
- أضاف أن الاجتياح ليس هو الطريقة لهزيمة “حماس”، وسيعزز عزلة إسرائيل ويعرّض أمنها للخطر.
- كما أنّ استمرار السياسات الحالية قد يؤدي لبقاء حماس في السلطة أو الفوضى في غزة، وخاطب نتنياهو: “أنت لا تفهم ذلك، وعندما تفهم، فقد يكون الأوان قد فات”.
- ردّ نتنياهو بأن تل أبيب ستعمل بكل سرور مع واشنطن لتحسين الوضع الإنساني وإجلاء المدنيين في رفح.
- بالنسبة إلى العملية العسكرية المقررة في المدينة، أضاف نتنياهو: “أخبرته (بلينكن) أنني أقدر بشدة وقوفنا معا لأكثر من 5 أشهر في الحرب ضد حماس (…)، لكنني أخبرته أيضا أنه ليست لدينا طريقة لهزيمة حماس دون الدخول إلى رفح”، سواء بدعم أميركي أو بدونه.
- يوم الخميس، وخلال مؤتمر صحفي مع نظيره المصري، سامح شكري، في القاهرة، وصف بلينكن القيام بعملية عسكرية إسرائيلية كبيرة في رفح بأنه “خطأ”، وأن “هناك طريقة أفضل للتعامل مع التهديد المستمر الذي تشكله حماس”.
ويقدر أن أكثر من 1.3 مليون فلسطيني نزحوا إلى رفح جنوب غزة، بعد أن أمر الجيش الإسرائيلي بإخلاء شمال غزة والتوجه جنوبا، وذلك دون إعداد ملاجئ أو استعداد مناسبة لاستقبالهم.
نتنياهو “عبء”
يعلّق المحلل السياسي الأميركي جواد الشامي، لموقع “سكاي نيوز عربية”، على هذه الأجواء المتوترة بشدة بين الحليفين، بقوله:
- الحرب أثّرت سلبا على المنطقة بأكملها، ولا توجد دولة بها لم تتضرر.
- في المقابل، فإن نتنياهو يحاول إنقاذ نفسه من أكبر ورطة سياسية وعسكرية تعرض لها، ويحاول اقتناص أي نصر بأي ثمن.
- لكن أميركا لديها حسابات أخرى، خاصة مع قرب انتخاباتها الرئاسية؛ حيث يرفض الكثير من الأميركيين العرب واليساريين دعم بايدن لإسرائيل في الحرب.
- يزيد قلق بايدن مع نتائج في استطلاعات الرأي لمصلحة منافسه في الانتخابات، دونالد ترامب، وقد تكون حرب غزة السبب الأول في الإطاحة به.
- بخلاف ذلك، هناك الكثير من الدول العربية تضغط هي الأخرى على أميركا لوقف الحرب.
- أميركا ترى نتنياهو الآن عبئا كبيرا عليها، وقد تضطر الفترة المقبلة لتقليل الدعم أو الالتفاف على نتنياهو والضغط لرفضه داخل إسرائيل.
سكاي نيوز