مخاوف من استهداف المخيمات
في تطوّر قد ينعكس على وضع المخيمات الفلسطينية في لبنان وكشفها أمنياً، اتهمت إسرائيل القيادي في حركة “فتح” اللواء منير المقدح بالعمل على تجنيد عناصر في مناطق يهودا والسامرة – القدس والضفة الغربية، لارتكاب اعمال إرهابية والترويج لتهريب وسائل قتالية إيرانية الصنع، ونقل التمويل بطرق متنوعة إلى الخلايا التي جنّدها في هذه المناطق.
هذا الإتهام يعدّ الأول والأخطر لمسؤول فلسطيني بارز من مخيمات لبنان ويقيم في مخيم عين الحلوة، وذلك في إطار اتهام عام لايران بتهريب عبوات ناسفة وألغام مضادة للدروع بغية ارتكاب عمليات إرهابية ضد الأهداف الإسرائيلية، علماً أن المقدح ما زال في صفوف “فتح” ولم يستقل منها.
ويتولى المقدح مسؤولية نائب قائد “قوات الأمن الوطني الفلسطيني” في لبنان، وهو مسؤول عسكري بارز، وله نفوذ قوي، إذ يحظى بدعم وتأييد العديد من عشائر المخيم وأبناء بلدته المنشية، ويشكّل صمام أمان لاستقرار المخيم والجوار اللبناني، ويتمتع بعلاقات جيدة مع مختلف القوى الفلسطينية ومنها الإسلامية.
ولمع اسم المقدح بعد توقيع اتفاق “أوسلو” بين “منظمة التحرير الفلسطينية” وإسرائيل في أيلول العام 1993، حين عارضه وخاض مواجهات ضد “فتح”، قبل أن يعلن تأسيس “كتائب شهداء الأقصى” ويدرّب مجموعات على السلاح داخل المخيم، كتعبير عن التمسك بخيار المقاومة.
وقد نجا المقدح من أكثر من محاولة اغتيال في المخيم، وحاولت إسرائيل اغتياله في العدوان على لبنان العام 2006 حيث استهدفت منزله بصاروخ موجّه ولكنه نجا، كما استهدفت موقعاً عسكرياً تابعاً له بقذيفتين من بوارج حربية، ما أدّى إلى مقتل شخصين وجرح ستة آخرين.
وفيما لم تعلق أي من الفصائل الفلسطينية الوطنية منها والإسلامية على هذا الاتهام الرسمي الصادر عن المتحدث باسم جهاز الأمن العام والناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، أعربت مصادر فلسطينية لـ”نداء الوطن” عن مخاوفها من أن يكون ذلك مقدمة لشنّ عدوان على المخيمات الفلسطينية في لبنان، بينما غاب المقدح عن السمع ولم تنجح محاولات التواصل معه أو الاتصال به، وقد أحاط نفسه بإجراءات أمنية كتدبير احترازي.
ومنذ بدء عملية طوفان الأقصى، عمدت إسرائيل إلى ملاحقة عدد من المسؤولين الفلسطينيين في لبنان الذين يشكّلون حلقة وصل وتواصل مع الخلايا العسكرية في الضفة الغربية، وأبرزهم نائب رئيس “حماس” صالح العاروري الذي اغتالته في الضاحية الجنوبية (4 كانون الثاني 2024) أو المسؤولين العسكريين الذي يقفون وراء تنفيذ عمليات إنطلاقاً من الجنوب اللبناني وآخرهم القسامي هادي مصطفى (13 آذار 2024).
ووفق مصادر فلسطينية، فإنّ عمليات الاغتيال الإسرائيلي تؤكّد بأن المخيمات الفلسطينية في لبنان ليست بعيدة عن المعركة العسكرية والسياسية والشعبية مع إسرائيل، وأنها تدعم غزة وشعبها ومقاومتها والمنتفضين في الضفة الغربية بشتى الوسائل، سواء بالعمليات العسكرية أو من خلال المسيرات والتظاهرات والوقفات الاحتجاجية التي لم تتوقف حتى اليوم.
من جهة أخرى، ذكرت مصادر فلسطينية أن الغارة الاسرائيلية بطائرة مسيّرة على طريق بلدة الصويري في البقاع الغربي التي تبعد نحو خمسة كيلومترات عن الحدود مع سوريا، استهدفت قيادياً في “حماس”، ولكنه نجا وقضى مدني سوري فيها. وتعتبر الغارة أول استهداف لهذه المنطقة في لبنان منذ بدء التصعيد العسكري في الجنوب على خلفية العدوان الإسرائيلي على غزة.