استنفار عسكري وأمني: سيناريوهات حرب أهلية على الطاولة
لم يأتِ تحذير الرئيس نجيب ميقاتي من خطورة ما يجري في لبنان وحديثه عن الايادي الخبيثة التي تعمل على نشر الفتنة من وحي ما حصل مع مسؤول حزب القوات اللبنانية في جبيل باسكال سليمان، بل كان ميقاتي في صورة ما يجري في البلاد منذ حرب غزة وما تلاها من تطورات عسكرية على الجبهة الجنوبية، حيث رصدت التقارير الغربية والداخلية حركة غير اعتيادية في الداخل دفعت بالاجهزة الامنية والعسكرية الى الاستنفار ورفع الجهوزية بعد مقتل سليمان منعا لانطلاق شرارة حرب أهلية يريدها البعض الذي يراهن على الانقسام الداخلي حول مقاربة الملفات الحساسة في البلاد.
وبحسب المعطيات المتوافرة فإن المجموعات المنظمة المحترفة في تنفيذ الجرائم منتشرة في أكثر من منطقة وهي تعمل وفق خارطة طريق مشغليها وبوتيرة تصاعدية لملاقاة ما قد يحصل في المنطقة من تدهور للوضع العسكري وانعكاس ذلك على الجبهة الداخلية التي تغلي ويمكن اختراقها بسهولة بسبب الانقسام العامودي الحاد بين المكونات.
على الجبهة المسيحية، قرأت الاحزاب ما يجري وعمّمت قياداتها على المسؤولين في المناطق لضرورة تهدئة النفوس ومنع استغلال ما حصل لتوريط تلك الاحزاب بسيناريوهات ترفضها في الاساس، وفي السياق يأتي بيان حزب القوات اللبنانية والذي رفض التحريض على النازحين السوريين وشدد على مناصريه ضرورة التيقّن ومنع الانجراف الى ما تبثّه جهات خفية من اخبار البعض منها يهدف الى توريط القوات بأي سيناريو تخريبي. كذلك دعت القوى المسيحية المعارضة الى انتهاج اسلوب التهدئة والعمل بشكل منظّم لمواجهة ما ينتظرنا، وقد شددت هذه القوى على ضرورة عدم الانجرار الى ما يخرج على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الاعلام المحسوب على حزب الله من اتهامات بحق المعارضة المسيحية والبقاء بعيدا عن دائرة أي شبهة قد تستغلها تلك الجهات لتوريط القوى المعارضة في سيناريوهات معدة مسبقا.
في المقابل، حضرت هذه القوى مجموعة خطوات تصعيدية ستبدأ ترجمتها بعد عطلة الاعياد وستكون تحت سقف الدولة، وتشير أوساطها الى أن قرار التصعيد اتخذ بعد أن أمعن الطرف الآخر في سياسة التطنيش والمكابرة وبدأ هجوما واسعا على قيادات حزبية في القوات والكتائب واحزاب مسيحية معارضة متهما اياها بالخيانة وكأنه يدعو الى تصفيتها وهذا الامر لن تسكت عنه القوى المسيحية المعارضة لحزب الله.
وتُبدي الاوساط مخاوفها من بعض الاقلام التحريضية وهذا الامر يأخذ في بعض الاحيان طابعا شخصيا، منبّهة أيضا من تسويق خطط حربية اسرائيلية تنطلق من مناطق كسروان وجبل لبنان لايهام الرأي العام بأن هذه المنطقة بيئة حاضنة للعدو الاسرائيلي وهو ما يتعارض مع سياسة القوى المسيحية المعارضة التي تؤكد مرارا بأن اسرائيل عدو وأن من يموت في الجنوب هو شهيد لا علاقة له بقرارات المحور الذي يريد توريط لبنان في صراع اقليمي خطير.
كل ذلك يضع لبنان على فيلق زلزالي خطير قد يجر البلاد الى حرب شاملة وطويلة تمهّد لحل سياسي يهدف في الدرجة الاولى الى تغيير النظام واعادة توزيع الصلاحيات بين الطوائف.