لبنان أمام أكبر انكشاف أمنيّ: أيادي “الموساد” في بيروت
لبنان أمام أكبر انكشاف أمني يعيشه منذ سنوات، فالموساد الإسرائيلي في بيروت تمكن من تنفيذ عملية دقيقة، فيما المخاوف من أن يكون قادراً على تنفيذ عمليات أخرى. كل المؤشرات والتحقيقات تفيد بأن عملية استدراج وخطف وقتل الصراف محمد سرور والمدرج على لائحة العقوبات الأميركية، والذي كان يعمل في جمعية بيت المال، وفي مؤسسة القرض الحسن، هي من صناعة «الموساد» وتنفيذه، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات كثيرة حول واقع البلد الذي أصبح مفتوحاً على احتمالات كثيرة في ظل الحرب العسكرية والأمنية التي تخاض بين حزب الله وإسرائيل، علماً بأن الحزب لايزال يلتزم الصمت بشكل كامل حيال عملية اغتيال سرور، ويشير إلى أنه يتركها للتحقيق وينتظر النتائج، ولكنه يشدد على ضرورة إجراء تحقيقات جدية ومعمقة، لأن العملية خطيرة.
التحقيقات في مقتل سرور تشير إلى أيادي «الموساد»، ومن بين الفرضيات السوريالية التي يمكن طرحها، أن قتل باسكال سليمان طغى على ما عداه من أحداث، بما فيها مقتل سرور وتشييعه الذي حصل بصمت، وكأن هناك حدثاً غطّى على الآخر. في كل الأحوال كلتا الجريمتين متروكة للتحقيق.
وبحسب المعلومات، أنه خضع لتحقيق قاس، إذ هدده الخاطفون مراراً بالقتل بانتزاع معلومات منه حول آلية عمله، وكيفية الحصول على الأموال، ومن هم الأشخاص الذين يعمل معهم في لبنان وإيران أو دول أخرى، ومن هم الأشخاص أو الصرافون الذين يعمل معهم في قطاع غزة.
الرجل تعرض لست طلقات من مسدسي غلوك 19. لا تنفصل قضية سرور عن إصرار الإسرائيليين على تعقب الكثير من الصرافين داخل قطاع غزة وتصفية نحو 60 صرافاً هناك، كما أن الخلايا التابعة للموساد، والتي أعلن الأمن التركي توقيفها بتهمة ملاحقة عناصر من «حماس» أو تنفيذ عمليات على الأراضي التركية، تشير المعلومات الى أنها خلايا كانت تعمل على ملاحقة صرافين. وهذا ما يعزز فرضية «الموساد» أيضاً، خصوصاً أن أنشطته تصل إلى فنزويلا وأميركا اللاتينية في ملاحقة خلايا يتهمها الإسرائيليون بأنها تنشط في سبيل تمويل حزب الله أو «حماس».
تتواصل التحقيقات لاكتشاف المزيد من الخيوط، إذ إنه من عادة «الموساد» عندما يعمل في لبنان أن يستند على جهات لبنانية تسانده في الداخل وتوفر له اللوازم اللوجستية التي يحتاج إليها، كما أن المرأة التي ادعت أنها زينب حمود تتحدث بلهجة لبنانية واضحة، وتتركز التحقيقات على اللبنانيين المتورطين بهذه الجريمة، أما حول الفيلا المستأجرة فلم يتم تأجيرها بشكل مباشر بين أصحاب الملك والمستأجرين إنما حصلت عملية الإيجار عبر أحد التطبيقات الهاتفية، وتم الحجز من خارج لبنان، وحتى الأموال دفعت في حساب مصرفي خارج لبنان.
وفي حال أثبتت التحقيقات أن الموساد الإسرائيلي هو الذي نفّذ هذه العملية، فذلك يعني الانتقال من مرحلة الى أخرى من مراحل الصراع بين حزب الله وإسرائيل، فبالإضافة إلى العمليات العسكرية أو الأمنية لتصفية كوادر عسكريين وأمنيين في الحزب، تكون إسرائيل قد انتقلت الى تنفيذ عمليات تصفية بحق قوة الإمداد المالي للحزب. كما أن ذلك سيظهر حجم الانكشاف الأمني والعسكري في لبنان، والذي سيكون مرجحاً على عمليات أخرى وفي اتجاهات متعددة، بشكل يشير الى أن أي جهة أو طرف قادرة على التلاعب بالواقع الأمني والعسكري في البلاد، خصوصاً أن سرور بقي مختفياً لمدة أسبوع قبل الوصول إليه.
منير الربيع -“الجريدة”