اقتصاد

بعد الفشل في مكافحة اقتصاد الكاش: لبنان إلى اللائحة الرمادية قريباً

في نهاية نيسان الجاري، ستجري منظمة «فاتف» تقييماً للتقدّم المسجّل في لبنان بشأن القصور في مكافحة تبييض الأموال، على أن يصدر قرارها النهائي بشأن التصنيف على اللائحة الرمادية بين تموز وآب المقبلين. لكن في الواقع، لا يبدو أن لبنان أحرز أي تقدّم. فبحسب المعلومات، أرسل حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، كتاباً إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لطلب مساعدة الاتحاد الأوروبي بشأن احتمال تصنيفه على اللائحة الرمادية وكيفية التعامل مع الأمر، إذ بات شبه محسوم أن لبنان لن يتمكن من الإفلات من هذا التصنيف، لأنه لم يعالج المشكلة الرئيسية المطلوبة منه: مكافحة اقتصاد الكاش.ولم يكتف منصوري بذلك، بل قرّر استباق زيارته لأميركا للمشاركة في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين حيث لديه أكثر من لقاء بجدول أعمال محدد مسبقاً عن مكافحة اقتصاد الكاش، بإصدار بيان ينطلق من «الظروف الاستثنائية التي يمرّ فيها لبنان»، لتبرير صعوبة مكافحة اقتصاد الكاش. فالبيان يشير إلى أن «استمرار التأخّر في إنجاز القوانين الإصلاحية يضعف المكانة المالية للدولة اللبنانية ومصرف لبنان والمصارف»، ويشدد على «أهمية الإسراع في وضع خطة واقعية وعملية لإعادة هيكلة وإصلاح النظام المصرفي والمالي ولإقرار القوانين الخاصة بها، والبدء بالتفاوض مع الدائنين، مع التأكيد مجدداً على أن مصرف لبنان على أتمّ الاستعداد للقيام بكل ما تفرضه عليه القوانين المرعيّة الإجراء لإتمام ما تقدم». بهذا المعنى، يقول منصوري إنه مستعد للقيام بكل ما يلزم، لكنه ليس بيده سلطة أو صلاحية. فالأمر يتطلّب استعادة الثقة بين المصارف والزبائن، ويستحيل أن يتم الأمر من دون قانون إعادة هيكلة المصارف. لذا، فإن الانتقال من التعامل النقدي، أي من اقتصاد الكاش، إلى التعاملات المصرفية، يتطلّب معالجة الخسائر وتوزيعها وهو ما ترفض القوى السياسية القيام به.

وكانت «فاتف» قد أجرت «تقييماً وطنياً لمخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب» في لبنان، وأشارت في تقريرها إلى جملة ملاحظات على القوانين والقطاعات والجهات المعنية بتطبيق قواعد مكافحة تبييض الأموال. تدور كل هذه القواعد حول اقتصاد الكاش وحزب الله. بالنسبة إلى المنظمة، فإن تقدّم لبنان في بعض المجالات لا يلغي واقع أن التحقيقات المتعلقة بتبييض الأموال «تتعارض مع التهديدات والمخاطر التي حدّدت في لوائح تقييم المخاطر الوطنية عام 2019»، كما أن الملاحقات القضائية «لا تتماشى بشكل وثيق مع التهديدات والمخاطر، ولا سيما في ما يتعلق بالجمارك جرائم التهريب والتهرب الضريبي والاتجار غير المشروع بالمخدرات وجرائم الاتجار بالبشر. وليس لدى لبنان سياسة واضحة لتحديد وتجميد ومصادرة عائدات الجريمة قاعدة منتظمة». كذلك لم تثبت الجهات المختصة «سعيها لمصادرة العائدات الإجرامية كهدف سياسي أو كجزء من نظام العدالة الجنائية… ولا توجد سياسة أو تدابير واضحة تحدّد أولويات استرداد الأصول التي تم الاحتفاظ بها أو نقلها إلى ولايات قضائية أخرى». ولمّح التقرير إلى أن الجهود في لبنان «لم تشمل إجراء تحقيقات بشأن التهديدات المحتملة التي تشكلها أنشطة إحدى الجماعات شبه العسكرية المحلية الكبرى منظمة. ح»، كما تطرّق إلى إجراءات معرفة العملاء لدى الكتاب العدل، وإخضاع النقابات المهنية والمحامين لإجراءات الامتثال المالي والتصريح عن مصدر الأموال.
مهما تكن الحال، في ظل اقتصاد الكاش، اليوم، لا أحد يطلب أيّ تصريح عن مصدر الأموال، ولا توجد قواعد لفرض هذا الأمر.

محمد وهبة – الاخبار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com