اخبار محلية

موظفو البلديات في أسوأ وضع تاريخياً

من المتوقّع أن تسقط اليوم الإنتخابات البلدية ويتم التمديد للمجلس البلدي الحالي على غرار المرة السابقة وبالتالي ترحيل الإنتخابات الى العام المقبل، ما يحقّق صدمة سلبية للمجالس البلدية التي تتداعى وتتلاشى جراء الأزمة أكان معنوياً أو مادياً.
وبذلك سيكون لتمرير مشروع قانون التمديد في الجلسة التشريعية لمجلس النواب التي تعقد اليوم تداعيات مرّة على البلديات، خصوصاً أن الدولة لم تعد توزّع عليها العائدات بعد حجز أموالها في حساب بمصرف لبنان.

هذا الواقع أدى الى تفاقم تلاشي العمل البلدي، فباتت شبه موجودة ولا تقوم بعملها المناط به قانوناً مثل تطوير المدن والبلدات وتجميل الشوارع بالأشجار واللوحات الإرشادية وإنارة الطرقات وتنظيم الأسواق وتصريف مياه الأمطار والمحافظة على نظافة المناطق وتحسين مظهرها.

إن زيادة الرسوم البلدية 10 أضعاف كما أقرتها موازنة 2024، ليست كافية بحسب البلديات لتقوم بالعمل المناط بها، لذلك أوجد البعض صناديق مالية مدخولها من التبرّعات من أبناء المنطقة والمغتربين، وذلك لتحفيز شرطة البلدية وبعض النشاطات في حين أن أخريات استسلمت للأمر الواقع ولم تقم بأي مجهود٬ وتقول إنها غير مقتدرة في حين أن بلديات مقتدرة لا تقوم أيضاً بواجبها مع الموظفين لناحية زيادات الرواتب التي أقرّها مجلس الوزراء أخيراً.

وتبرز بلدية قرطبا التي تعتبر من البلديات الكبيرة غير المقتدرة مادياً على تلبية احتياجات المنطقة، فأقدم كما أوضح عضو بلدية قرطبا المحامي سيمون كرم لـ»نداء الوطن»، «عدد من أعضائها على تشكيل مجموعة خارج البلدية لتكون «بلدية ظلّ»، أنشأت المجموعة صندوقاً جانبياً لتمويل بعض المهام التي تحتاجها البلدة مثل الإضاءة وإصلاح أعطال الإنترنت ودعم أفراد الشرطة المتعاقدين من وقت الى آخر مادياً…».

واعتبر أن «التمديد هو كارثة ويفقد البلديات الدم الجديد وبالتالي ستستمرّ في النهج نفسه الذي تتّبعه من سنوات عدّة ولن تطوّر عملها، خصوصاً البلديات التي لا تقوم بالحدّ الأدنى من العمل المناط بها من حراسة وتنظيف الطرقات ولمّ النفايات.

أما عن الحلّ للمعضلة المادية، قال كرم إن «الحلّ لتقاعص عمل البلديات وتحسين وضع العمال يتمّ بخطّة شاملة للقطاع العام. لافتاً الى أن البلديات الموجودة في مناطق وقرى سياحية مثل جبيل والبترون وضعها جيّد وأفضل من سواها لأنها تشهد دورة إقتصادية على عكس بلديات سائر المناطق».

ونتيجة للوضع المزري مادياً، طفح كيل موظفي غالبية البلديات، ما دفع تجمع موظفي البلديات واتحادات البلديات في لبنان للإعلان عن سلسلة من المطالب موجهة الى الحكومة ومجلس النواب، لتحسين وضع الأجراء العاملين فيها. فحذّر التجمّع في بيان أنه إذا لم تنفذ مطالب الموظفين والأجراء والعمال في البلديات وإتحاداتها سيكون يوم الاربعاء الواقع في 8 ايّار 2024 إضراباً عاماً واعتصامات وإقفال طرقات في جميع الاراضي اللبنانية.

فهل يكون ذلك مؤشّراً لعودة الإضرابات خصوصاً اذا ما تضامن موظفو الإدارات العامة غير الراضين عن الزيادة التي أقرّت لهم والتي تُبقي نسبة الراتب غير الأساس عند 27 في المئة من الأجر الذي كان يتمّ تقاضيه قبل الأزمة؟

قرار موظفي البلديات بالإضراب والإعتصام يأتي بالتحديد احتجاجاً على عدم تقاضي الموظفين والعاملين في البلديات رواتبهم وفق التعديلات الأخيرة التي أقرّت من الحكومة، أكان بسبب عدم توفّر الاموال لدى صناديق البلديات الصغيرة أو بسبب تقاعس تلك البلديات في إقرار مراسيم ومشاريع قوانين تنصف كل موظفي البلديات.

وقال عضو الهيئة التأسيسية في تجمّع العاملين في بلديات لبنان والإتّحادات البلدية وجدي التقيّ لـ»نداء الوطن»، «مراسيم جائرة تصدر بحق شريحة من موظفي البلديات. بدءاً من المرسوم رقم 13020 الذي لم تلحظ مواده الأولى والسادسة موظفي البلديات. ثم لحظوها في المادة الثامنة وقالوا يمكن إعطاء موظفي البلديات اذا توفّرت الأموال (راتبين + بدل محروقات).

أما في المرسوم 13223 فعادوا وأجازوا منح موظفي البلديات بمفعول رجعي من 1/12/2023 محروقات وراتبين. ولكن هناك رؤساء بلديات رفضوا إعطاء بدل النقل مع مفعول رجعي بل بدأت بإعطائها في 1/3/2024».

المشكلة اليوم إستناداً الى التقيّ أن «البلديات تعاني من الشحّ النقدي بسبب عدم وجود إيرادات، حتى الموازنة لم تزد قيمة الرسوم البلدية وإنما الطابع المالي فقط، ما جعل من البلدية ساعي بريد لوزارة المالية. أما الرسوم التي تتقاضاها البلديات فهي وفق سعر صرف الـ1500 ليرة للدولار، وبذلك أي رسم إفادة بالبلدية هو بقيمة 2000 ليرة لا يكفي ثمن الحبر.

لذلك مطلوب من الدولة:

– أن ترفع بقانون قيمة الرسوم البلدية.

– دفع عائدات الصندوق البلدي المستقلّ على قاعدة 10 أضعاف وليس وفق سعر صرف 1500 ليرة للدولار.

– إعطاء البلديات عائدات الهاتف الثابت والخلوي وتوزيعها عليها

– إعادة وزارة الشؤون البلدية والقروية الى العمل والتي تمّ دمجها مع وزارة الداخلية واصبحت وزارة الداخلية والبلديات، وإعادة موظفي البلديات والإتحادات الى ملاكها.

– المباراة المحصورة: هناك موظفون لا يعرفون ما هو وضعهم وهم بحالة إستخدام موقت والدولة ترفض إقامة مباراة محصورة ليعرف الموظفون على أي وسادة سينامون.

– إصدار تعميم عن وزير الداخلية للبلديات يلزم رؤساء البلديات تسديد كامل حقوق الموظفين والمخصصات من منح مدرسية الى راتب عائلي، طبابة…، التي هي دين أوّلي على البلدية، فالدولة أزاحت المشكلة عن نفسها ورمتها على رؤساء البلديات.

وحول عدم التزام البلديات بالرواتب السبعة التي أقرّت إضافتها، قال التقيّ أن «هناك بلديات وتحديداً الصغيرة منها ليس لديها الإمكانيات المالية لذلك، وهناك أخرى لا تريد زيادة رواتب العاملين لديها، فبلديات تعطي 5 ملايين ليرة للموظف وأخرى لا تمنح العاملين لديها بدل النقل، فالرواتب تسدّد حسب مزاجية رؤساء البلديات».

وحول المساعي التي تتمّ حالياً لحلّ المسألة من دون الإعتصام والإضراب، قال: «عرضنا على النواب الذين التقيناهم مشكلتنا، وناشدت رئيس مجلس النواب لتحديد لقاء معنا بهدف سماع صوتنا لأنه قادر على تدوير الزوايا في المجلس النيابي. ولكن لغاية الساعة لا أحد يستجيب». معتبراً أن «المشكلة تكمن في أن عنوان البلديات بات الفوز السياسي للنواب والزعماء ورئيس البلدية يصبح اسيراً للزعماء».

وفي ظلّ منح بعض البلديات المستحقات المترتبة للموظفين فهل سيلتزم الكل في الإعتصام والإضراب؟ يجيب التقيّ، هناك عدد كبير من موظفي البلديات يؤيدون الإضراب والإعتصام، ولكن هناك عدد منهم يخشون من رؤساء بلدياتهم ولن يشاركوا بسبب الضغوط التي تمارس من بعض المسؤولين على المستخدمين.

موظفو القطاع العام

وبما ان البلديات هي مؤسسة عامة، هل سيلقى الموظفون الذين ينوون الإعتصام الدعم من موظفي القطاع العام غير الراضين عن زيادة الرواتب التي أقرّت لهم؟

رئيس رابطة موظفي القطاع العام وليد جعجع الذي تبوّأ سدّة الرابطة حديثاً، قال لـ»نداء الوطن» إن أولوياته حالياً «إجراء إنتخابات داخل الرابطة ومواكبة التطوّرات وتحقيق العدالة ضمن إطار التوصيف والتصنيف الوظيفي».

وإذ أكّد على أن «الموظفين غير راضين طبعاً عن الزيادة التي حصلت أخيراً، ذكّر بأن الراتب مع الزيادات التي أقرّت يشكّل نسبة 27 في المئة من الأجر الأساس الذي كان يتمّ تقاضيه قبل بدء الأزمة المالية. ومثال على ذلك اذا كان الحدّ الأدنى للراتب قبل الأزمة بقيمة تعادل 2000 دولار بات الراتب اليوم بقيمة نحو 400 دولار أو 450 دولاراً».

وما زاد الطين بلّة بالنسبة الى الموظفين العامين، هو قرار الزيادة الإستنسابية الذي أقدمت عليه وزارة المال بالتعاون مع الحكومة وطالت بعض المدراء في الوزارات (المالية والأشغال…) وأمانة مجلس الوزراء وموظفين في المطار والمرفأ… ما أثار غضب الموظفين العامين الذين لم تدرج الرواتب التي أقرّت ضمن راتبهم الأساس، علماً أن زيادة أجور بعض المدراء سيجعل من النزول الى الشارع للتعبير عن مطالبهم مسألة صعبة رغم تضامنهم مع موظفي البلديات.

وقال أحد الموظفين العامين لـ»نداء الوطن» هناك موظفون استعادوا الراتب الذي كانوا يتقاضونه قبل الأزمة المالية، وهناك بعض من كبار الموظفين لم يتأثّروا بالأزمة وحصلوا على أموالهم من المصارف ويتقاضون رواتبهم، في المقابل هناك بعض رؤساء المصالح أمضوا نصف حياتهم في الخدمة يتقاضى الواحد منهم راتباً بـ3,5 ملايين ليرة، فيما موظف تقني مضى على توظيفه بضع سنوات يتقاضى أكثر من مديره بـ5 مرات أي ما مجموعه 18 مليون ليرة. ما يرسّخ الإستنسابية في التعاطي مع الموظفين تماماً كما الإستنسابية التي اتّبعت في سحب بعض المودعين في بداية الأزمة أموالهم وتحويلها الى الخارج.

 باتريسيا جلاد – “نداء الوطن”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com