كتابٌ من الجميّل إلى ميقاتي
كتابٌ من الجميّل إلى ميقاتي
تقدم رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل بكتاب إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يطالب فيه بتوضيح ما تمّ الاتفاق عليه مع مفوضية الاتحاد الأوروبي وإطلاع الرأي العام على حقيقة ما يجري، والإفصاح بشكل دقيق وشفاف على التفاصيل والخطوات العمليّة التي ستتّخذها الحكومة لمنع إدماج السوريين في لبنان وإعادتهم بشكل سريع إلى سوريا، خصوصاً في ظل توقف الأعمال العسكرية في أغلبية الأراضي السورية التي باتت تعتبر آمنة.
واعتبر الجميّل في كتابه، ان “هناك تناقضاً بين ما أعلنه ميقاتي من ان لبنان يرفض ان يصبح بلداً بديلاً والدعوة الى عودة النازحين الى بلادهم لاسيما أولئك الذين دخلوا لبنان بعد عام 2016 لأسباب إقتصادية بحتة، وبين ما أعلنته رئيسة المفوضية الأوروبية اورسولا فون دير لاين التي أشارت إلى أن الحزمة المالية بقيمة مليار يورو ستصرف أساساً على توفير المعدات والتدريب لإدارة الحدود لمساعدة لبنان في إدارة الهجرة ومنع الهجرة غير الشرعية ومكافحة تهريب المهاجرين إلى أوروبا إنطلاقاً من السواحل اللبنانية، ما يعني أن الهدف الأساس من الدعم الأوروبي ضمان عدم هجرة السوريين الى أوروبا وليس العمل على تخفيف العبء عن لبنان واستضافة السوريين في أوروبا”.
واعتبر في ختام كتابه، أن “الشعب اللبناني يستحق أن يعرف الحقيقة ويطمئن الى مستقبل بلده بعد كل المآسي التي عانى منها وواجبنا يحتم الحفاظ على سيادة الدولة اللبنانية ووحدة أراضيها وهوية شعبها في مواجهة أي مساعٍ أو مخططات قد تمسّ بتوازنها الديمغرافي الدقيق أو تقوّض أسس وجودها واستقرارها على المدى الطويل، مطالباً باتخاذ الإجراءات اللازمة لتبديد أي غموض أو لبس في هذا الملف الحساس والمهم”.
وفي ما يلي نص الكتاب: “جانب رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي المحترم، لقد صرّحتم خلال لقائكم برئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس في الثاني من أيار أن لبنان يتحمّل العبء الأكبر في استضافة اللاجئين السوريين منذ عام 2011، ممّا شكّل ضغطاً كبيراً على البلاد في ظلّ أزمتها الاقتصادية والمالية وتدهور بنيتها التحتية”.
وأضاف، “كما كرّرتم رفض لبنان أن يصبح وطناً بديلاً للنازحين، وأشرتم إلى أنّ معظم المناطق السورية باتت آمنة الآن، ودعوتم إلى عودة السوريين إلى بلادهم، لاسيما أولئك الذين دخلوا لبنان بعد عام 2016 لأسباب إقتصادية بحتة. وطالبتم دول الاتحاد الأوروبي بإعادة النظر في سياساته بشأن إدارة أزمة النازحين السوريين”.
وتابع الكتاب، “إلّا أنّ تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية جاءت متناقضة مع ما تفضّلتم به. فخلال إعلانها عن حزمة مالية بقيمة مليار يورو (1.07 مليار دولار) دعماً للبنان اعتباراً من السنة الجارية وحتى عام 2027، أشارت إلى أن برنامج التعاون مع الاتحاد الأوروبي سيركّز أساساً على توفير المعدات والتدريب لإدارة الحدود لمساعدة لبنان في إدارة الهجرة ومنع الهجرة غير الشرعية ومكافحة تهريب المهاجرين إلى أوروبا إنطلاقاً من السواحل اللبنانية. وحثّت لبنان على إبرام ترتيبات عمل مع الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس)”.
وذكر، ان “كلّ ذلك دلالة واضحة على أن نيّة الاتحاد الأوروبي ليست تخفيف الثقل عن لبنان عبر استضافة أعداد كبيرة من السوريين في البلدان الأوروبية وتحمّل جزء كبير من عبء الأزمة التي يرزح لبنان تحت ثقلها، وليس الاعتراف بوجود مناطق آمنة في سوريا يمكن للسوريين المباشرة بالعودة إليها فوراً، بل ببساطة الإبقاء على السوريين في لبنان والتأكد من عدم هجرتهم إلى البلدان الأوروبية المجاورة، خصوصاً بعد التزايد الملحوظ في هجرة السوريين من لبنان إلى قبرص.
وأشار الكتاب الى، إن “هذا التناقض في التصريحات يثير الكثير من الأسئلة والاستفسارات لدينا ولدى الشعب اللبناني الذي يعاني منذ سنوات من تداعيات أزمة النزوح السوري. فالمواطن اللبناني يريد أن يعرف حقيقة ما يجري، وما هي بنود الاتفاق المزعوم مع الاتحاد الأوروبي، وما هي الضمانات بألّا يتحوّل الموضوع إلى محاولة لإدماج السوريين في لبنان، خاصة وأنّ هذه المبادرة تتماشى مع اتفاقيات مشابهة سبق وعقدها الاتحاد الأوروبي مع دول مثل مصر وتونس لمنع وصول المهاجرين إلى أوروبا”.
واستكمل، “لقد عانى لبنان من وطأة أزمة اللاجئين السوريين المتفاقمة على مدى 13 عاماً، وهي فترة زمنية طويلة. وهناك أعداد غفيرة من السوريين الذين وُلدوا ونشأوا على الأراضي اللبنانية منذ ذلك الحين، مما يؤدي تدريجياً إلى تغيير جذري في هوية الدولة اللبنانية ونسيجها الاجتماعي وتكوينها السكاني. إنّ ذلك يشكّل خطراً داهماً يهدّد وجود لبنان وكيانه وهويته وتركيبته الديموغرافية. ومن هذا المنطلق، لا يمكننا التعاطي مع مثل هذه المبادرات الأوروبية دون الأخذ بعين الإعتبار هذه الظروف الحرجة والمعطيات الخطيرة التي تنذر بعواقب وخيمة على المدى الاستراتيجي. فمن واجبنا الدستوري والقانوني الحفاظ على سيادة الدولة اللبنانية ووحدة أراضيها وهوية شعبها في مواجهة أي مساعٍ أو مخططات قد تمسّ بتوازنها الديمغرافي الدقيق أو تقوّض أسس وجودها واستقرارها على المدى الطويل”.
وتقدّم الجميل بهذا الكتاب، “مطالبين رئاستكم بتوضيح الأمور وإطلاعنا والرأي العام على حقيقة ما يجري، والإفصاح بشكل دقيق وشفاف عمّا تمّ الاتفاق عليه مع مفوضية الاتحاد الأوروبي، وما هي الخطوات العمليّة التي ستتّخذها الحكومة لمنع إدماج السوريين في لبنان وإعادتهم بشكل سريع إلى سوريا، خصوصاً في ظل توقف الأعمال العسكرية في أغلبية الأراضي السورية”.
ولفت الى، ان “الشعب اللبناني يستحقّ أن يعرف الحقيقة، وأن يطمئن على مستقبله ومستقبل بلده في ظل الأزمات المتلاحقة التي يواجهها. ونتمنّى أن تتّخذوا الإجراءات اللازمة لتبديد أي غموض أو لبس في هذا الملف الحساس والمهم”.