لبنان “ورقة إبتزاز” حتى إشعار آخر
هل يرتقي لبنان إلى مصاف الديبلوماسية “النافعة” إذا قاطع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مؤتمر بروكسل؟ سؤال مطروح بقوة مع التطورات الدراماتيكية التي تحيط بواقع النزوح السوري في لبنان، والتي أتت على إيقاع “كلمة سرّ”، إتّضحت دوافعها مع توجّه الرئيس ميقاتي من الغرب نحو الشرق، واحتمال سلوك حكومة تصريف الأعمال طريق التصعيد بوجه المجتمع الدولي، وتحديداً الإتحاد الأوروبي، أولاً في ضوء معلومات متداولة في بعض الكواليس السياسية عن رفض هبة المليار يورو، ولكن من خلال توصية نيابية، وثانياً من خلال إعلان أحد الوزراء عن خيار تنظيم هجرة للنازحين السوريين باتجاه أوروبا.
وإذا كانت الجلسة العامة غداً الأربعاء، ستضع حداً للسجال حول الهبة الأوروبية وتحديد ما إذا كانت رشوةً للبنان لقاء بقاء النازحين في لبنان، فإن قرار الرفض والقبول للهبة هو بيد السلطة اللبنانية، ذلك أن القوانين واضحة وتتحكم بسير أي هبة للبنان، تدخل تحت نطاق بند مساعدات خارجية، وبالتالي، فمن الصعب حصول أي خربطة في هذا المجال، إلاّ إذا كانت قوى الأمر الواقع تريد الخربطة، خصوصاً وأنها قادرة على ذلك، كونها تعمل وقي كل الملفات على “تركيب أذن الجرّة” وفق مصالحها وأهوائها.
وقبل ساعات على الجلسة النيابية التي باتت موضع إجماع، بعدما اتفقت كل الكتل النيابية على المشاركة فيها والإدلاء بمطالعتها في ملف النزوح، يجزم وزير سابق بأن حلّ ملف النزوح السوري في لبنان، لا يتحقّق إلاّ من خلال عودتهم إلى ديارهم وعدم بقائهم في لبنان، وعليه، فإنه يترتب على السوري اللاجىء الذي يقرّر الإستقرار في لبنان، أن يعمل على إنجاز أوراقه القانونية والرسمية ويلتزم بالقانون اللبناني، ويدفع الضرائب المفروضة عليه ويمارس الأعمال المنصوص عليها في قانون العمل اللبناني.
وعلى الرغم من أن لبنان ليس دولة لجوء أو نزوح بل عبور، بحسب الوزير نفسه، أي هو الدولة الثانية للوصول إلى دولة المستقرّ، فهذا يفرض على الدولة اللبنانية أن تناقشه بالسياسة والديبلوماسية،خصوصاً وأن لبنان الذي لم يوقع على اتفاقية ال51، كما أنه غير منخرط في بروتوكول ال67، ولكنه يحترم القوانين والمواثيق الدولية لأنه حتى ولو لم يكن موقّعاً على اتفاقية معينة، فإن من واجبه احترامها. إلاّ أن الوزير السابق يذكّر بأن المذكرة الموقّعة بين لبنان والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، قد انتهت صلاحيتها الزمنية وذلك منذ العام 2019، وهو ما يستدعي تغيير المقاربة الديبلوماسية لملف النزوح من الأساس، وعدم إهماله كما حصل على امتداد السنوات الماضية، وعدم تركه ورقةً للإبتزاز ما بين دمشق من جهة والمجتمع الدولي من جهةٍ أخرى.