موقف لحظة
كتب “عماد موسى” في نداء الوطن :
لحظة محاولتي ركن سيارتي في جونيه صرخ في وجهي مواطن: «لا لا لا. انتبه يا عمّ» جمدت في مكاني وتمالكت أعصابي. لم أستشعر خطراً بقدر شعوري بالإهانة. عمّ؟ كم أكره سماع هذه المفردة. قل يا معلّم. يا أستاذ. يا رجل. يا حبيب القلب. يا بطّيخ. لو أتقنت شيئاً من الجودو أو شيئاً من الـ»كونغ فو» أو شيئاً من الملاكمة لكان لي حديث آخر. قبل أن أسأله سبب صراخه التحذيري توجّه إليّ بأمر لا يقبل الاستئناف ولا أي نوع من أنواع المراجعة «ما فيك تصف هون يا عمّ» وعورض أمامي كفيلٍ بشري بخرطوم صغير. «العمى بقلبك» قلت بصوت مخفوض واستطردت بصوت مسموع بعدما قرأت آرمة «موقف لحظة»: ليش ما فيي؟
بتكسّر سيارتك قال. زادني عمى. تجاوزت الموقف بعد سماعي زمامير الغضب معطوفة على «قرّب يا… كنار» ووجدت مكاناً على مسافة مئتي متر عن سوبر ماركت فهد (دعاية مجانية) لركن سيارتي. ترجّلت وعلامات الغضب المكبوت على وجهي. وبوصولي إلى آرمة «موقف لحظة» وجدت إلى جانب الطريق قناة مكشوفة بطول مترين تقريباً وبعمق لا يقل عن ستين أو سبعين سنتيمتراً. وتقع الحفرة على مسافة عشرات الأمتار من البلدية. التقطت صورة للذكرى.
نجوت من حادث سقفه الأدنى سقوط الدولاب الخلفي الأيمن في الحفرة والسقف الأعلى سقوط دولابين وتضرّر بنية السيارة التحتية. صراحة لم أسامح الرجل. السقطة، لو حصلت، تبقى أقلّ ضرراً من « يا عمّ».
وليس بعيداً عن جونيه، وفي ذوق مصبح بالتحديد، بعد نصب الرجل الذبيح الذي يدعوك إلى الابتسام، ركنت سيارتي مقابل مبنى «إسباس 2000». لحظة وأعود. قلت للفاليه باركينغ. لم يعترض. وإثباتاً لحسن نيتي بالعودة كالطير شغّلت الـ»فلاشر». ترجّلت من السيارة وفي لحظة وجدتني على الأرض. سقطت قدمي في حفرة ضيقة الفتحة. وسقطت نظارتي عن وجهي. وسقط ما كنت أحمله. هرع إليّ مواطن صالح وساعدني في النهوض وبادرني «صرلك شي عمّ؟» حدجته بنظرة من دون أن يفقه معناها. كتمت غيظي ووجعي. لا أذكر أنّي شكرته. تورّمت قدمي قليلاً ولم تنكسر. حصل الحادث على الرصيف قبل نحو شهرين. وللمناسبة الحفرة لا تزال مفتوحة منذ ذاك الوقت لاصطياد أي عابر رصيف من عمر الثلاث سنوات إلى عمر الثالثة والتسعين.